من قتل “نفيسة”؟

آخر تحديث : الأحد 24 مارس 2019 - 8:36 مساءً
بقلم: شعبان خليفة
بقلم: شعبان خليفة

ويكأنه لا يكفى المبدع فى الحياة , أنه فى قلقٍ دائمٍ , و معاناة حتى الموت ؟.. حتى يتسلط عليه اللصوص غير مكتفين بسرقته بل لابد من قتله فى مشهدٍ يدمى القلوب ..إنها مأساة مقتل الأديبة الإنسانة نفيسة محمد قنديل أرملة الشاعر الأشهر محمد عفيفى مطر بصمة ابداع الستينيات التى لا تُنسى.

الخبر كان صادماً والتفاصيل موجعة ..كلها تولد الأسئلة المحيرة حول الجريمة الآثمة ..التى لا يقدم عليها إلا متجرد من الإنسانية ..سادى متبلد الإحساس و المشاعر.

فالسيدة نفيسة قنديل سيدة كبيرة و تقيم وحيدة منذ رحيل زوجها قبل تسع سنوات من الآن ..تعرضت الراحلة عام 2017 لحادث سرقة تم قيده ضد مجهول، وهى كونها تقيم فى قريتها رملة الأنجب بمركز أشمون بمنزلها و بين الأهل و لا خزائن ببيتها سوى الكتب و ما يعين على حياة كريمة بعد كل هذا العمر و الغربة و المعاناه كانت تشعر بالآمان , وهل بعد السكن بين الأهل فى قرية الميلاد و النشأة مكاناً أكثر أماناً ؟ …نفسية النائمة قبيل الفجر – الثلاثاء الماضى – يداهمها القاتل السفاح ..واحداً أو ربما أكثر فالتفاصيل لم تتكشف كاملة بعد… و بعد تكبيلها على سريرها ينهالون عليها بحسب تقرير الطب الشرعى بالضرب على الوجه و حول العين ثم بآلة حادة فوق الرأس لتغرق فى دمها على سريرها .. فماذا جرى للقرية و للناس؟

لك أن تدرك حجم الماساة حين تعرف أن نفيسة قنديل زوجة الشاعر الراحل محمد عفيفي مطر، المولودة في 10 فبراير عام 1946، هى أبنه محمد أفندي قنديل أول شاعر ومعلم بالقرية التى تعيش فيها . تخرجت نفيسة قنديل في كلية التجارة وحصلت على الدبلوم العالي في الشريعة الإسلامية، وسافرت مع عفيفي مطر إلى العراق وعاشا لنحو 8 سنوات هناك ، وأنجبا لؤي وناهد ورحمة.

عملت كاتبة وصحفية وناقدة في مجلة “الأقلام العراقية” في الفترة من 1978 إلى 1982، ولها عدد من الدراسات النقدية لشعراء عديدين منهم عفيفي مطر، وأمل دنقل وأحمد عبد المعطي حجازي ..، و خاضت مناظرات فكرية مع عملقات الكتابة مثل الراحلة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ)، و نوال السعداوى , و صافيناز كاظم ولها مقال شهير آثار ضجة بعنوان “فيلق النساء”.

عانت نفيسة قنديل الكثير من المرارات ما بين الإغتراب و اعتقال الزوج و اقتحام البيت، فالشاعر محمد عفيفي مطرالمولود 1935 و الذى رحل فى 28 يونيو 2010. حصل على جائزة الدولة التشجعية في الشعر عام 1989 وحصل على التقديرية 2006 وصدرت أعماله الكاملة عن دار الشروق عام2000، وهو من أبرز شعراء الستينات ، وقد تنوّعت مجالات عطائه بين المقالات النقدية وقصص الأطفال وترجمة الشعر، وفاز بجوائز عديدة منها جائزة سلطان العويس في 1999. كتب ‘الجوع والقمر، ورباعية ‘الفرح’، و ‘المومياء المتوحشة’، و غيرهم ومن اقترب أو درس شعر مطر يعرف الجحيم الذى مر به فى الزنزانة وفى الحياة وكيف صهر كل هذا ابداعاً متفرداً حارب بفكرة وقلمة ‘الظلام’ و’الخوف’ و “الأماني المغدورة ” و “المدن التي يسكنها الأشباح “.

وفى نهاية المطاف وبعد رحيلة بما يقارب تسعة أعوام ظهر شبح فى الظلام ليغتال الإنسانة التى كانت قلباً و بيتاً مفتوحاً لكل من يقصدها ..رحم الله نفيسة قنديل و انتقم من قاتلها فى الدنيا والآخرة .

رابط مختصر
2019-03-24 2019-03-24
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر