قطر بين أزمة إيران – ترامب.. وحرب الموانئ

آخر تحديث : الخميس 11 يوليو 2019 - 8:46 صباحًا
بقلم: الدكتورة ميساء المصري
بقلم: الدكتورة ميساء المصري

يبدو ان القدور تغلي في منطقة الخليج مع تباين التوقعات الواردة بشأن مستقبل الأزمة بين تحولها إلى مواجهة عسكرية، مرورا بأن تنتهي على طاولة المفاوضات، وحتى إنتهائها إلى لا شيء.

فالقلق السياسي في المنطقة أحد الأمورالأكثر طلبا للولايات المتحدة، مع مساره التصاعدي الضاغط على إيران وممارسة سياسة (العصا والجزرة) للعرب والإيرانيين في آن واحد معا مما قد يخلط أوراق الأزمة في إتجاهات متعددة لكل مبتغاها.

دعونا نفند الأحداث تباعا لنصل الى تحليل منطقي, فقلة كانت فائزة في نوبة التوترالأخيرة بين واشنطن وطهران ،وسلسلة العروض الإستخباراتية المسرحية دون ان تسكب نقطة نفط واحدة في مياه الخليج , وما بدأ إنه إلغاء لإعفاءات الولايات المتحدة لصادرات النفط الإيراني تطور إلى إعادة تموضع القوات الأميركية في الشرق الأوسط والخليج.

ثم إبتزازالسعودية بالورقة الإيرانية،وعقد صفقات السلاح الضخمة لتنشيط المجمع الصناعي الأمريكي.ففي جميع أنحاء العالم، ارتفع الإنفاق العسكري الى أكثر من 1.8 تريليون دولار.أي أننا لو قسمنا الإنفاق على عدد سكان الأرض لوجدنا أن كل فرد منا يدفع سنويا 250 دولارا على التسلح . في حين ان السعودية تنفق 6,900 دولارا أميركيا للفرد الواحد لتحتل بذلك المرتبة الأولى في الإنفاق العسكري بالنسبة للفرد. وهي بذلك تتفوق على إسرائيل والولايات المتحدة. وهذا لا يعد إنجازا كما يشيد البعض لانه بدون نتائج إيجابية تذكر.

لقد إرتفع الإنفاق العسكري لدول عربية دون غيرها في ظل تأرجح السياسات الخارجية الأميركية تارة مع صفقة القرن وتارة مع صفقة الإتفاق النووي أو عدمه وتارة لتأجيج الصراع فقط..ولنقلها بالخط العريض يعكس إستغلالا طوعيا لا حدود له . ولنكن أكثرعمقا بالتحليل ونكشف أن أمريكا صاحبة فضل على البرنامج النووي الإيراني قد لا يكون بإستطاعة الجمهورية الإسلامية تطوير سلاح نووي لولا مواقف الصراع الأمريكية.

ثم نجد جانبا آخر أكثروضوحا وهو التطبيع الصهيوني العلني والعلاقات بين بلدان خليجية وعربية، لم تعد سرية أو يشوبها الخجل، وبات كيان إسرائيل بالنسبة لهم أقرب إلى حليف بشأن ما يعتبرونه خطرا إيرانيا وتم قلب المعادلات السياسية فبدلا من أن تكون عدوا, تصبح صديقا أو حليفا، لتتناقض التسميات والأهداف .وطرح مبادرات قطارالإزدهارالعربي العبري من حيفا للسعودية ؟؟؟.

ومع تحقيق الأهداف مابين تجار الحرب والسلام،هنالك دول ثلاث أخرى: قطر وعمان والكويت هي الأكثرعقلانية وحكمة ومسؤولية في هذه الفترة التي تعد الأكثر صعوبة من أي وقت مضى والأدق قولا أن قطرالأقوى وهي ليست داعية للحرب رغم جهوزيتها العليا . في حين يصف ساسة واشنطن امير قطر بانه رجل ينظر إلى الأمام ويتمتع بعقلية إصلاحية وصدور تقارير خاصة للكونغرس عن عمق العلاقات الإستراتيجية القطرية الأمريكية ووجود قاعدة العديد التي تعد أكبر قاعدة أميركية في منطقة الشرق الأوسط.. نجد في الطرف المقابل سياسات ترامب وصهره كوشنيروما نتج بعد العشاء الأخير وتحويل الخليج إلى ساحة مشتعلة، وإزدياد المخاوف من نشوب حرب مدمرة حتى لو كانت مستبعدة، او حتى لو كانت بروفة لحرب شعواء.. لكن الأكيد ان الساحة الخليجية ستواجه ما يسمى بحرب الموانئ وربما هي الأخطر لأنها تدمر إقتصاديات دول .اذا ما إنطلقنا بداية من حرب العصابات البحرية حتى الإستخباراتية .فما الذي يحصل مع قطر ؟؟

تخوض قطر سباقا مكشوف المعالم للسيطرة على موانئ الشرق الأوسط والقرن الأفريقي، وذلك سواء لما تشكله هذه المواني من أهمية إستراتيجية بإعتبارها الشريان الرئيسي لحركة الملاحة الدولية والتجارة العالمية،و بإعتبارها أحد أهم الأدوات التي يتم من خلالها فرض النفوذ السياسي في مرحلة تحتاج فيها قطر فرض هيمنتها خليجيا ودوليا، ولكن إلى أي مرحلة وصلت المنافسة ؟ وما إنعكاسها وابعادها على الصراع الإقليمي بين ايران وامريكا والتطورات الحاصلة ؟ او لنقل التكتيك الجيوسياسي ؟ حتى ان ابعادها وصلت السودان ومصر وسواحل البحر الاحمر ؟

أن التجربة القطرية تجربة تستحق في الشرق الأوسط والقرن الأفريقي وحتى في تركيا واندونيسيا وهي تجربة ترفع لها القبعة فيما يخص التنوع الاقتصادي والاقتصاد الاسلامي كما ان قطر من أخطر المنافسيين خليجيا ودوليا وما عملية إنسحابها من أوبك الا دليل واضح على خلل منظومات عالمية من غيابها.

ميناء حمد القطري ، أحد أكبروأحدث موانئ المنطقة، ومن المؤمل ان يستحوذ في عام 2021 على أكثر من ثلث تجارة الشرق الأوسط، بأسطول يزيد على 350 سفينة وقدرة استعابية تتجاوز 3.5 مليون حاوية نمطية ، لتوفير بدائل للإستيراد بعد غلق المنفذ البري الوحيد لقطر مع السعودية, مع المنافسة القوية لدبي.

الدخول القطري على الموانئ من العيار الثقيل، بداية من ميناء جوادر الباكستاني ومرورا بميناء صحار في سلطنة عمان، ووصولا إلى بورتسودان وسواكن في السودان بتكلفة 4 مليار دولار، بمعنى ان بيد قطر أهم المتغيرات التي تتحكم في اللعبة إقليميا سواء من الجانب الإقتصادي أو السياسي. و بعيدا عن المنافسة الدائرة يبدو ان الدوحة هنا ستدخل سياسة صراع جديدة ولكنها قديمة على بعض دول الخليج التي تستخدم هذا الأسلوب منذ سنوات سواء في المنطقة أو في عدة مناطق حول العالم .خاصة ونحن نتحدث عن المنطقة في مضيق هرمز أو المطلة على المحيط الهندي وبحر العرب وباب المندب وسواحل البحر الاحمر ، لتشمل دول عدة منها اليمن ومصر وارتيريا والباكستان وعمان واثيوبيا ومصر والسودان وحتى الجزائروالصين وذلك في إطار حرب اقتصادية سياسية ، فما هو الوضع الآن؟ وما هي الروابط بين خيوط اللعبة ومسرح الاحداث مضيق هرمزالذي يعد طريق واحد لصراع متعدد ؟؟ منذ الحصار لعبت قطرعلى توفير موانئ عدة ، تسهل لها الوصول إلى دول المنطقة لتصبح رقما صعبا أمام دول الخليج القطب الأخر ، خاصة مع التخوف الخليجي من السيطرة على الممرات المائية الحساسة والأهم سلطنة عمان والتي تمتد الموانىء البحرية فيها وبالذات ميناء صلالة المرشح لوصول أنابيب النفط والغاز العربي وتصديرهما من خلاله خارج مضيق هرمز .وفي ذات الوقت الذي تشكل الممرات المائية نقاط قوة فهي كذلك نقاط ضعف للعالم العربي.

إن نفوذ قطر ليس جديدا، ولكن الوقت قد حان لتحليل كيفية استفادة الولايات المتحدة من هذه القوة ، خاصة أن قطر قد أثبتت في الماضي أنها وسيط مؤثر حيث لعبت دور الوسيط الفعال بين الولايات المتحدة والجماعات التي لا ترغب واشنطن في مقابلتها بشكل مباشر كما لعبت دورا مهما في القضايا الاقليمية وبالنظر إلى التحولات الأخيرة في موازين القوة في المنطقة، فإن الوقت الحالي يعتبر الأمثل للإدارة الأمريكية لتوضيح موقفها لا ان تلوح بحلول واهية.

على قطر ان تعي حجم المؤامرة التي تحاك لتحقيق حزمة أهداف لعدة أطراف تحاول كبح جماحها, ربما الدوحة لا ترى أي مصلحة في حرب أميركية إيرانية تزعزع استقرار المنطقة وتقوض نفوذ إيران لصالح السعودية، ويمكن أن تؤثر في نهاية المطاف على إنتاجها من الغاز سواء عبر تعطيل حقل الشمال، أو عبر إغلاق مضيق هرمز الذي يمر من خلاله 112 مليار متر مكعب من الغاز المسال سنويا، معظمها متوجهة من قطر إلى عملائها الآسيويين،لكن من مصلحة أطراف أخرى نسف جهود قطر والسيطرة على منافذ دول , وتعطيل انشاء موانئ بتكلفة مليارات الدولارات حتى لو وصل الامر لنشوب تصادم ما . معتبرين أنه إذا امتد الصراع في الشرق الأوسط إلى إيران فإن شركات متعددة الجنسيات اهمها الامريكية ستجني مليارات الدولارات من خلال جهود إعادة الإعمار هناك ؛ لخبرتها الواسعة في إعادة إعمار البلدان التي مزقتها الحروب والشقاقات والمؤمرات.

يقول المثل العربي عصفور باليد خير من عشرة على الشجرة , لكن كل ما نتمناه ان يطير العصفور ويسحب اخوانه التسعة من على تلك الشجرة البالية فلا عادت مثمرة ولا عادت تنبض بالحياة والواجب قطعها .فهل نفعل ؟؟؟

* كاتبة المقال: إعلامية أردنية

رابط مختصر
2019-07-11
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر