الخطاب الانتخابي

آخر تحديث : السبت 31 أكتوبر 2020 - 1:36 مساءً
بقلم: حاتم عبد القادر
بقلم: حاتم عبد القادر

أسابيع قليلة وتنتهي الانتخابات التشريعية بالكامل وتعلن النتيجة النهائية بفوز جميع المرشحين على مقاعد الفردي والقوائم، ليبدأ مجلس النواب دورة جديدة في بدايات عام 2020 تنتهي في عام 2025.

وقد كتبت مقالا في العدد الماضي بعنوان “النائب الذي نريده” محددا فيه مواصفات ومؤهلات الناخب الذي يريده الشعب وما يدفع الناخبين لاختياره، وقد ونالني هجوما من أحد القراء مدعيا أنني أبغي من كتابة المقال صنع بطولة أمام القراء، رغم أن ما كتبته مجرد مقال رأي في إطار عملي كصحفي متابع للمشهد الانتخابي في مصر، وسجلت ما تابعه الملايين من أبناء وطني من طغيان المال السياسي على المشهد الانتخابي في اختيار بعض المرشحين من ذاك الحزب الذي يعتمد سياسة توزيع الكراتين الغذائية وبطاطين الشتاء على فقراء الوطن ومحتاجيها في مشهد واضح للتأثير على المواطن في مواسم الانتخابات.

ولكن ما أثار دهشتي من اتهام هذا القارئ أنني لست مرشحا ولم أظهر داعما لأي حزب أو مرشح أو أي اتجاه في العملية الانتخابية.. وما كتبته لا يتعدى كونه مقال رأي من حق أي مواطن كتابته ونشره بأي وسيلة من وسائل النشر.

على أي حال، لم أقف عند هذا الاتهام، فقد يكون استشف من المقال اتهامه المزعوم، وهذا حقه بقدر ما فهمه واستوعبه من قراءته للمقال.

الأهم والأغرب أنني عند متابعتي للمؤتمرات الانتخابية لبعض المرشحين فوجئت بابتعادهم تماما عن الخطاب الانتخابي الذي على أساسه يختاره الناخب، فلم أرى مرشحا تطرق إلى الملفات والقضايا التي تهم أبناء دائرته، وهي كثيرة، فمنها ما يتعلق بالتنمية وكذلك مشكلات البنية التحتية، والتعليم والصحة والنقل والمواصلات وغيرها كثير من مشكلات اجتماعية ساهمت في تغيير شكل البيئة المحيطة على كافة مستوياتها، مما أفقدنا جزء كبير من هويتنا في أوطاننا الصغيرة مقر دوائر السادة المرشحين.

للأسف الشديد، رأيت غالبية المرشحين بعيدين كل البعد عن أي خطاب سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي، أو حتى التطرق إلى الملفات والقضايا التي تشغل أهالي الدائرة في محاولة لجذب الناخبين نحو رؤيته أو إذا كان مقدما برنامجا انتخابيا يعرض فيه حلول تلك القضايا والملفات.

للأسف، تغلبت العصبيات والعنصرية والعاطفة على معظم الخطابات الانتخابية، وبشكل خاص في المحافظات الريفية، وابتعدت عن أهم ما تتطلبه العملية الانتخابية وهي نجاح المرشح في تحقيق التفاعل بينه وبين الناخب من خلال الاتصال الجماهيري الذي رسب فيه معظم المرشحين.

رأينا الخطاب الانتخابي من نوعية أنه الأجدر لأنه ابن الدائرة وليس من خارجها، أو الاعتماد على عصبية معينة، وكذلك تصدير الوعود الوهمية والغير قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، وأن متواجد دائما بين أهالي دائرته، وبمجرد نجاحه سيقيم مشروعات تخدم الشباب بتوظيفهم بها، وإقامة عدد من المصالح الحكومية الجديدة… إلخ من هذا النمط القديم الذي يقدمه المرشحين في كل موسم انتخابي.

لقد فات على المرشحين أن هناك أجيالا جديدة تحمل ثقافة جديدة، وأصبحوا على علم ومعلومات عن واقع الحال ربما تفوق المرشح نفسه، وأن المرشح لم يخاطب هؤلاء ” الطيبين” أبناء زمان الذين يصدقون كل شيء.. هؤلاء انقرض غالبيتهم وبعد 20 عاما لن يبقى منهم أحدا بحكم السنة الكونية.

كان على المرشح أن يدرك أنه أمام شباب يكذب كل شيء، لا يصدق كل شيء.. هذه طبيعته وطريقة تفكيره.

ليس عيبا أن يتعلم المرشح كيفية الوصول إلى عقول وقلوب الناس، طالما اختار أن يكون ربانا من ربان العمل العام.

ليس عيبا أن يتعلم فنون ومهارات الاتصال الجماهيري فهي الأساس في وصوله وتواصله مع الناخبين.

فكما العادة، انتهى المشهد قبل الصمت الانتخابي كما بدأ بالتهليل والزمر والرقص والغناء وارتفاع أصوات الحناجر سواء من المرشحين أو مناصريهم، وكأننا في حفل زفاف أو ليلة حنة العروس.

كنا نتمنى ونحن في 2020 أن نرى مزيدا من الوعي للسادة المرشحين ومؤيديهم.. كنا نتمنى أن تخرج الصورة بأجمل من ذلك، أن يكون هناك تنسيقا بين المرشح وحملته فيما يقال وما لا يقال، فيما يمكن الكشف عنه وما تفرضه الضرورة من الكتمان.

رأينا نماذج من المرشحين تحدثت عن هموم الوطن راسمين حديثهم بخريطة كاملة من المعادلات السياسية والاقتصادية، ولكن كانت نماذج قليلة جداً.. هؤلاء هم ما نتمنى أن نراهم في كل ربوع الوطن عند كل انتخابات.

وأخيرا، هنيئا لمن فاز، والتوفيق لمن خسر، والفرصة ما زالت أمام الجميع للتعلم، فالتعليم عملية مستمرة أبوابه مفتوحة في كل وقت لمن أراد.

رابط مختصر
2020-10-31 2020-10-31
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر