أيَّ رئيسٍ نريـد..؟

آخر تحديث : الأربعاء 23 نوفمبر 2022 - 12:32 صباحًا
 بقلم: جوزف الهاشم
بقلم: جوزف الهاشم

أيِّ رئيس نريد، عنوانٌ يكاد يشابه: أيَّ لبنان نريد.

ويـوم رحنا نفتّش عن ذلك اللبنان ولـم نهتـدِ، نتيجة الخلط بين الولاء والإنتماء وقعنا في سلسلة من الحروب والكروب.

ومع أنّ وثيقة الطائف حسمَتْ ذلك النزاع التاريخي : “بأنّ لبنان وطـنٌ نهائي لجميع أبنائـه وهو عربيّ الهويـة والإنتماء”، فلا يـزال لبنان ضائعاً بين تعدُّد الهوّيات ونهائية البدايات.

أيّ رئيس نريد..؟ هو الرئيس الذي نريده نحنُ، أنا وأنت.. وليس أنا ولا أنت، الملك الفرنسي لويس الرابع عشر الذي قال : “أنا الدولة والدولة أنا”.

وليس الرئيس ذلك الشخصية المركبة: نصفُه لك ونصفُه لـي .

“صلا السعيد” امبراطور روماني كان يتألَّف من مزيج كيميائي بين الفضائل والرذائل ، وقيـل إنَّـه كان نصفَ ثعلبٍ ونصف أسد، والثعلب فيه كان أشدّ خطراً من الأسد.

رئيس لبنان قائـدٌ هو ، وليس من أشباه الرجال تجـرُّه أذنابُ الخيل ولا يمتَـطي صهواتها، كمثل بعض الأسماء التي يطرحونها اليوم تحقيراً لرئاسةٍ لم تُكْتَب إلاّ للرجال.

المـادة 49 من الدستور : تصِف الرئيس بأنـه “رمـز وحـدة الوطن” ، وهذه المادة تنصّبـه قائداً وطنياً ومعنوياً لأبناء الأمـة جميعاً ، في إطار شمولية وطنية يرتكز عليها بناء الدولة والوطن.

في محاضرة “أحاديث في السياسة اللبنانية” : 18/1/1954 قال فيليب تقلا : “سمعتُ رياض الصلح يقول على منبر الحكومة ، “بنينا الدولة ويبقى أنْ نبني الوطن” .

ومنذ ذلك الذي سمعَـهُ فيليب تقـلا، ونحن نسمع أصداء بنـاء الدولة ، ونهدم بأيدينا المداميك ، نُغرق الدولة بالشدائد والمفاسد ، ونخلق لأنفسنا عِلَلاً وأمراضاً فتّاكة ، راحتْ تقتل الوطن وتقتل الدولة ، وتقتلنا في الدولة والوطن.

الرئيس الذي نريد ، هو القادر على قيادة الدولة المحطّمة إلى أمانِ البـرّ ، وقيادة السفينة المترنّحة في عُباب الموج ، والتقاط القوارب من فمِ الموت في البحر ، والبحر الهائج هو الذي يمتحن قدرة القبطان.

لا تطرحوا علينا، معزوفة الرئيس القـوي في بيئتـه وجماعته ليستقوي بهما على الجماعة العامة والجماعة المشتركة .

الرئيس القوي بجماعته الخاصة وطائفته الخاصة ، يجعل رئيس المجلس النيابي ورئيس الحكومة يستقوي كـلٌّ منهما أيضاً بجماعته الخاصة وطائفته ، لتصبح الدولة ضحية المبارزة بين السلطات في لعبة التوازن السياسي والمذهبي.

يقول الرئيس فـؤاد شهاب ، أنا رئيسٌ ماروني، ولكنني لست رئيساً للموارنة.

الرئيس شهاب لم يغادر القصر إلى قصر، بل إلى بيتـه المتواضع في عجلتون.

والرئيس ألفـرد نقاش خصَّص لـه الرئيس شهاب مبلغ ألـف ليرة شهرياً حتى لا يمـوت من الجـوع.

والرئيس أيـوب تابت كان يذهب إلى السرايا مشياً على الأقدام..

والرئيس الياس سركيس تلقّى من حاكم عربي مبلغ مليون دولار فوهبهُ للخزينة ، لأنـه لـو لم يكن رئيساً لمـا استحق هذا المبلغ.

على هذا النحو من الأنموذج الرئاسي نريد رئيساً، ولا يحتمل الظرف مزيداً من السحر يمارسه “راسبوتين” الراهب الروسي المشعوذ على القيصر الثاني… من أجـل الإتيان بنصف رئيس يكون هو نصفه الآخـر.

فإذا كان لبنان يفتقر حقاً إلى رئيسٍ يتحلّى بشيءٍ من الحكمة والعفّة والشجاعة والعدل، ولا يكون إلاّ من ذريّـة الفاسدين، فمن الأفضل للبنان إذْ ذاك أنْ يظـلّ بلا دولة وبلا رئيس.

* كاتب المقال: وزير لبناني سابق.

رابط مختصر
2022-11-23
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر