“ترامب” و”نتنياهو” يكتبون وثيقة الوفاق التدميري للشرق الأوسط

آخر تحديث : الإثنين 16 يونيو 2025 - 2:15 مساءً
بقلم: د. وجدي صادق
بقلم: د. وجدي صادق

مشهدية سياسية مشوّهة، يتربّع على منصة العبث رجلان إجتمعا على نقيض كل ما تدّعيه البشرية من قيم؛ “دونالد ترامب” و”بنيامين نتنياهو”. لم يقدّما للعالم وثيقة سلام، بل وثيقة وفاق تُشرِّع الخراب وتفتح أبوابه على مصراعيها. ليس فيها إصلاح ولا ترميم لجسور السلام، بل هي بمثابة دقٍّ للمسامير الأخيرة في نعش القضية الفلسطينية، وإعادة رسم لخريطة الشرق الأوسط بألوان الدم والنار.

“ترامب”، هذا الرجل الإنفصامي والتاجر، باع العدالة في مزاد السياسة الرخيص. في عهده تحوّلت الحقوق إلى أوراق مساومة، والعدالة إلى صفقة تجارية؛ من “صفقة القرن” إلى فرض الهيمنة بكل أشكالها، وكأنّ فلسطين أرض شاغرة تنتظر مستثمراً جديداً. جَرَّد الفلسطينيين من أحلامهم، ووهب القدس للإحتلال كما تُهدى قطعة أثاث فاخر في ختام صفقة عقارية. لم يُخفِ إنحيازه، ولم يراعِ مشاعر الشعوب، بل تحدّث بلغة الأرقام والمكاسب، متجاهلاً تاريخاً مشبعاً بالدم والشتات.أما نتنياهو، هذا المجرم المتلفّع بثوب الزعامة، فهو الإمتداد الطبيعي لمشروع إستيطاني يرتدي قناع الديمقراطية زوراً.

زعيم يتقن تسويق الخوف، ويتغذّىٰ على خطاب الكراهية، ويحترف اللعب على أوتار العنصرية. لا يرى في الفلسطيني سوى عقبة أمام مشروع “يهودية الدولة”، ولا يعترف بشيء اسمه “حدود” إلّا تلك التي ترسمها دباباته. رجل يقتات على أزمات المنطقة، ويتنفّس من خلال أنابيب الصراعات المتكررة.

وثيقة وفاق؟ أم ميثاق خراب؟ما سُمِّيَ بـ”إتفاق سلام” لم يكن سوىٰ غطاء سميك لتطبيع الذل، وتحالف إستعماري مع أنظمة تبحث عن شرعية زائفة. تحت راية هذا “الوفاق”، أُقصيت القيم، ودُفنت الحقوق، وأُجبر العالم العربي على التصفيق لمسرحية هزيلة تُدار من واشنطن وتُنفَّذ في “تل أبيب” ليست خطورة الوثيقة فيما نصّت عليه، بل في ما شرّعته من صمت عربي رسمي، وموت تدريجي للضمير الإنساني والدولي. لقد أوجد “ترامب” “ونتنياهو” لحظة نادرة من الإنسجام بين العبثية السياسية والإستعمار المقنّن، تاركين شعوب الشرق الأوسط رهائن بإنتظار الإنفجار القادم. إنه “وفاق” لا يحمل بذور سلام، بل جذور صراع ممتد… وثيقة تدمير بإمتياز، ووصمة عار ستلاحق من وقّع، ومن صمت، ومن صفق، ومن كان شاهد زور من بين الأنظمة العربية والإسلامية المستسلمة، التابعة، المستزلمة لهذين الرجلين.

*كاتب المقال: إعلامي لبناني.

رابط مختصر
2025-06-16
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر