حرب «الجواسيس والمخربين» تشتعل بين إسرائيل وإيران

>> شبكات سرية تهز عرش المرشد الإيراني.. وخلايا أشباح تثير الفزع في تل أبيب

آخر تحديث : الإثنين 16 يونيو 2025 - 8:35 مساءً
حرب «الجواسيس والمخربين» تشتعل بين إسرائيل وإيران

نساء حسناوات ورجال يشبهون الأشباح.. هكذا أديرت بعيدا عن سطح الأحداث الملتهبة والقصف الصاروخي المتبادل بين طهران وتل أبيب، حربا من نوع آخر استغرق الإعداد لها عدة عقود لتزيد من حجم الدمار هنا وهناك.

في طهران كانت عشرات الضربات الإسرائيلية تطال أكبر رؤوس القوات المسلحة والاستخبارات والأجهزة الأمنية بل والحرس الثوري نفسه بعد سلسلة من الاختراقات المتتالية التي كانت صدمة لطهران ممفاجأة لتل أبيب نفسها بسبب سقوط كل هذا العدد الهائل من القيادات الأمنية في عمليات عسكرية استخباراتية دقيقة موجهة بعمق ولم تخطيء أهدافها.. في المقابل وعلى الجانب الآخر كانت الصدمة الكبرى في إسرائيل.. عشرات الأهداف بينها أبنية عسكرية شديدة الحساسية والحصون تم استهدافها بصواريخ إيرانية موجهة بدقة أسفرت عن قتلى ودمار هائل في البنية العسكرية بعد أن فشلت منظومة القبة الحديدية في إسقاطها بعيدا عن أهدافها.

هذه الاستهدفات فتحت الملف الأخطر في طهران وتل أبيب وهو ملف الجواسيس الذي ما أن وقعت تلك الأحداث حتى بدأت الأجهزة الأمنية هنا وهناك في تحقيقات موسعة لكشف خلايا التجسس هنا وهناك وهو ما أسفر عن تفكيك عدة شبكات تجسس في إسرائيل لصالح إيران وأخرى في طهران لصالح تل أبيب إلى جانب أشهر الاغتيالات التي حدثت في عمليات استخباراتية دقيقة.

“العربي الأفريقي” يسلط الضوء في هذا التقرير على أخطر شبكات التجسس التي تم تفكيكها في طهران وتل أبيب ويسلط الضوء على ملابساتها وطبيعتها وأفراد خلاياها.

منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، دخلت إيران وإسرائيل في حالة عداء استراتيجي مفتوح. فإسرائيل تعتبر أن إيران تمثل تهديدًا وجوديًا بسبب برنامجها النووي ودعمها للجماعات المسلحة مثل حزب الله في لبنان وحماس والجهاد الإسلامي في غزة. في المقابل، ترى إيران أن إسرائيل عدو رئيسي وكيان “محتل” يجب مواجهته.

ومع تنامي التهديد الإيراني في المنطقة، تطورت الحرب من التصريحات والخطابات إلى ساحة معتمة من الجواسيس والعملاء والاغتيالات الإلكترونية والمادية.

اغتيالات استهدفت علماء نوويين إيرانيين:

محسن فخري زاده (نوفمبر 2020): الأب الروحي للبرنامج النووي الإيراني. اغتيل في طهران باستخدام تقنية متقدمة يُعتقد أنها بندقية آلية مُوجهة عبر الأقمار الصناعية. مجتبى أحمدي وداريوش رضائي وغيرهم: كلهم سقطوا في سلسلة من الاغتيالات الغامضة بين 2010 و2020.

الهجمات السيبرانية:

أبرزها فيروس Stuxnet (2009-2010): هجوم سيبراني مشترك من إسرائيل والولايات المتحدة استهدف أجهزة الطرد المركزي النووي في مفاعل “نطنز”، وأدى إلى تدمير أكثر من 1000 جهاز.

هجمات لاحقة طالت شبكات بنكية ومحطات بنزين وموانئ إيرانية، وأخرى استهدفت البنية التحتية الإسرائيلية.

الاختراقات الأمنية والتجنيد:

أعلنت طهران مرارًا تفكيك “شبكات تجسس إسرائيلية”، وقالت إنها ألقت القبض على عملاء لـ”الموساد”.

تقارير غربية كشفت أن إسرائيل جنّدت عملاء داخل أجهزة الأمن الإيرانية نفسها.

في المقابل، إيران نجحت في اختراق بعض الدوائر الأمنية في إسرائيل أو شبكات خارجية تابعة لها، ومنها شبكات تجسس في تركيا وأذربيجان والعراق.

أبرز العمليات في السنوات الأخيرة:

2018 سرقة الأرشيف النووي الإيراني، “الموساد” نفّذت فرقة إسرائيلية عملية معقدة وسط طهران، استولت على آلاف الوثائق ونقلتها إلى إسرائيل.

2020 اغتيال فخري زاده، تم عبر إطلاق نار من رشاش مزوّد بذكاء اصطناعي.

2022 تصفية ضباط في فيلق القدس إسرائيل وفق مصادر أمريكية، عمليات داخل إيران وسوريا استهدفت قادة مسؤولين عن التخطيط لهجمات ضد أهداف إسرائيلية.

2023-2024 اعتقال خلايا تجسس إيران أعلنت طهران تفكيك أكثر من 20 شبكة مرتبطة بالموساد، بعضها كان يخطط لهجمات وعمليات تخريب.

2024-2025 اختراقات في دول الجوار إيران وإسرائيل اغتيالات ومحاولات خطف وتصفية عملاء في العراق وتركيا وسوريا.

ساحات الصراع غير المباشرة:

سوريا:

إسرائيل تنفذ ضربات مستمرة ضد مواقع إيرانية وقوافل سلاح لحزب الله.

الجواسيس يعملون على رصد تحركات فيلق القدس وقادة الميليشيات.

العراق: تم رصد عمليات اغتيال لمقربين من إيران.

إيران من جانبها تشغّل ميليشيات مسلحة لتوفير “غطاء” استخباراتي.

تركيا وأذربيجان وجورجيا:

تحولت إلى ساحة صامتة لتبادل الرسائل والاختراقات بين الطرفين، بعضها عبر رجال أعمال مزدوجي الولاء.

أوروبا:

كشفت أجهزة أمن أوروبية محاولات إيرانية لاغتيال معارضين، فيما نشط الموساد في مراقبة وتحليل الأنشطة الإيرانية في القارة.

التقنيات المستخدمة:

أجهزة تعقب دقيقة وزرع كاميرات

طائرات درون للمراقبة وحتى للاغتيال

برمجيات تجسس متقدمة مثل Pegasus

استخدام شركات وهمية وواجهات دبلوماسية

المستقبل المتوقع:

من غير المرجح أن تنتهي حرب الجواسيس قريبًا.

التطور في الذكاء الاصطناعي والسيبراني سيجعلها أكثر تعقيدًا.

أي مواجهة مباشرة بين إيران وإسرائيل قد تبدأ بضربة استخبارية “كبيرة” على غرار اغتيال قاسم سليماني أو فخري زاده.

الأخطر هو أن حرب الجواسيس بين إيران وإسرائيل ليست مجرد صراع استخباراتي، بل هي جبهة مفتوحة ضمن صراع أوسع على النفوذ في الشرق الأوسط، حيث تسعى كل دولة لتقويض قدرة الأخرى دون الانجرار إلى حرب شاملة. وفي زمن التكنولوجيا الفائقة، بات الجاسوس أخطر من الجندي، والكاميرا أخطر من المدفع.

أبرز شبكات التجسس الإيرانية التي ضبطتها إسرائيل 2019–2024:

1-شبكة النساء الإسرائيليات المجندات عبر “فيسبوك:

أعلنت إسرائيل تفكيك شبكة تجسس نسائية، جنّدها عميل إيراني يُدعى “رامبود نميزي”، تواصل مع نساء عبر “فيسبوك” ثم “واتساب”.

وكانت مهامها: تصوير مواقع عسكرية ومباني حكومية وزرع أجهزة تسجيل صوتي وتجنيد أقارب لأداء مهام أمنية.

2-شبكة الطيرة:

شاب عربي من مدينة الطيرة تواصل مع عناصر مخابرات إيرانية عبر الإنترنت، وكانت المهام جمع معلومات عن مواقع استراتيجية، وتصوير مراكز للشرطة ومقار عسكرية.. التمويل: تلقى مبالغ مالية مقابل المهام.

3-شبكة غزة:

تجنيد من داخل القطاع لجمع معلومات 2020–2022

تفاصيل: اعتقلت إسرائيل فلسطينيين من غزة والضفة بتهمة التعاون مع ضباط من “فيلق القدس”.

وكانت المهام: جمع معلومات عن تحركات الجيش في الجنوب ونقل تعليمات من الحرس الثوري إلى عناصر في غزة. واستخدام وسائل التواصل وتطبيقات مشفّرة للتجنيد والتعليمات.

4- محاولة تجنيد عبر تطبيقات مواعدة وتواصل 2019–2023

التكتيك: الاستخبارات الإيرانية استخدمت تطبيقات مواعدة مثل “تندر” و”تليغرام” للتواصل مع جنود إسرائيليين.

النتيجة: كشف الشاباك عددًا من الحسابات الوهمية الإيرانية.

الهدف: الوصول لمعلومات حساسة حول الجيش الإسرائيلي مقابل إغراءات عاطفية أو مالية.

5- خطة اغتيال قنصل أمريكي سابق في القدس (2022)

أعلنت إسرائيل إحباط خطة إيرانية لتصفية دبلوماسي أمريكي سابق في القدس.

العملية كانت ستتم عبر خلية تعمل بإشراف فيلق القدس.

جرى تعقّب المحاولة منذ بدايتها، بالتنسيق بين الشاباك والموساد.

أما أساليب إيران في التجسس داخل إسرائيل فمنها التجنيد الإلكتروني التواصل مع المستهدفين عبر “فيسبوك” و”تليجرام” و”واتساب” والتمويل المالي تحويل مبالغ صغيرة لتجنيد الأفراد تدريجيًا واستخدام وسطاء وتمرير المعلومات والطلبات عبر وسطاء في الضفة أو غزة وانتحال الهوية انتحال صفات يهود مهاجرين أو رجال أعمال إيرانيين بالخارج. ((شبكات التجسس الإسرائيلية التي ضبطتها إيران))

منذ اغتيال عدد من العلماء النوويين الإيرانيين وانفجارات منشآت استراتيجية مثل “نطنز”، تَوجَّهت أصابع الاتهام نحو إسرائيل، وبدأت طهران في حملة مضادة لكشف خلايا الموساد المزروعة داخل حدودها.

تفكيك شبكات التجسس الإسرائيلية:

وخلال السنوات الأخيرة، أعلنت إيران عن تفكيك العديد من شبكات التجسس الإسرائيلية، بعضها متورط بعمليات اغتيال وتخريب، وبعضها في جمع معلومات وتحضير لهجمات مستقبلية.

1 -شبكة التخريب في منشأة نطنز 2022

أعلنت طهران أنها فككت خلية تجسس تابعة للموساد كانت تخطط لتفجير منشأة نطنز النووية مجددًا.

المتورطون: جرى اعتقال عدة أفراد داخل إيران، قالت السلطات إنهم حصلوا على تدريب في “دول مجاورة”.

المضبوطات: مواد متفجرة، أجهزة اتصالات مشفرة، وثائق مزيفة.

2 -شبكة كردستان 2022

المكان: منطقة أربيل (كردستان العراق)، ثم نقل النشاط إلى الداخل الإيراني.

المهام: زرع متفجرات داخل منشآت صناعية وعسكرية.

النتائج: عرض التلفزيون الإيراني “اعترافات مصورة” لأعضاء الشبكة، وذكر أن البعض كانوا يخططون للهروب إلى دول أوروبية.

3- شبكة اغتيال العلماء 2021–2023

الاشتباه: تورط الموساد في اغتيال عدد من العلماء الإيرانيين، منهم: العالم النووي محسن فخري زاده

أعلنت تفكيك خلايا مرتبطة مباشرة بتلك العمليات، واتهمت الموساد بالاعتماد على “عملاء محليين

4- شبكة التجسس على منشآت حساسة في طهران 2023

الموقع: العاصمة طهران.

المهام: تصوير مراكز أمنية ونووية وتخزين المعلومات في أجهزة USB مُشفرة.

الطريقة: عبر أشخاص يحملون جوازات سفر مزدوجة (إيرانية وأجنبية

5- شبكة تهريب معدات عسكرية إلى إسرائيل 2023

الهدف: تهريب مكونات تقنية من إيران إلى الخارج، لاستخدامها في التجسس العكسي ضد إيران.

6-خلية تابعة للموساد في مدينة أصفهان 2023

الإعلان الرسمي: في مايو 2023.

المهمة: زرع عبوات ناسفة قرب موقع صناعي عسكري.

الاعترافات: بثّ الإعلام الرسمي مقاطع للمعتقلين وهم يقرّون بأنهم دُربوا في جورجيا وأذربيجان.

أساليب عمل الموساد داخل إيران:

الاعتماد على مزدوجي الجنسية إيرانيون يحملون جوازات أوروبية أو من أمريكا اللاتينية.

شبكات تجنيد خارجي خاصة عبر تركيا وكردستان العراق والإمارات وجورجيا.

التقنيات المتقدمة مثل أجهزة GPS مشفّرة، طائرات درون، USB ذاتية التدمير.

التحكم عن بعد بعض الاغتيالات (مثل فخري زاده) تمت بأسلحة يتم تشغيلها من الخارج.

وسائل إيران في اكتشاف الشبكات:

المراقبة الأمنية: عبر الحرس الثوري ووزارة الاستخبارات.

تعقّب الاتصالات الرقمية: رصد أي اتصالات مع الخارج، خاصة من دول محددة.

التحقيقات المرتبطة بحوادث تخريبية: كل تفجير أو حريق يُفتح له ملف استخباراتي

المعلومات من حلفاء: خاصة من حزب الله أو أجهزة روسية وصينية.

رد إيران على شبكات الموساد:

القبض ثم الإعلان الإعلامي الضخم، عادة مع “اعترافات مصورة”.

تنفيذ أحكام إعدام لبعض المتهمين بالتجسس لصالح إسرائيل.

عمليات انتقامية سيبرانية وعسكرية ضد مصالح إسرائيل أو حلفائها.

تسريب معلومات مضادة عن شبكات إسرائيلية فاشلة للتأثير على صورة الموساد.

كل هذه كانت مجرد فصول من كتاب خفي سجلت صفحاته أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والإيرانية إلى جانب الأمريكية وعدة أجهزة استخبارات غربية أخرى لكن مالم تكشف سطوره ينطبق عليه المثل القائل «ما خفي كان أعظم» وهو ما سيسلط «العربي الإفريقي» الضوء عليه في تقارير لاحقة.

رابط مختصر
2025-06-16
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر