رغم الجهود الدولية المكثفة لدفع عجلة المفاوضات بين إسرائيل وحماس نحو هدنة طويلة الأمد، تبقى مسألة ملاحقة قادة حماس ومصادر تمويلها نقطة محورية في الموقف الأمريكي، يصعب القفز فوقها حتى في سبيل وقف إطلاق النار.
الولايات المتحدة، التي تُصنف حركة حماس كمنظمة إرهابية منذ العام 1997، لا تُبدي حتى الآن أي مؤشرات جدّية على استعدادها للتنازل عن أدوات الضغط المالي والقانوني الموجهة ضد قادة الحركة ومصادر تمويلهم. فالعقوبات المفروضة، ليست مجرد قرارات سياسية عابرة، بل تُبنى على أُسس قانونية وتشريعية مرتبطة بالأمن القومي الأمريكي ومكافحة تمويل الإرهاب.
حول هذا التقرير يُشير المحلل الفلسطيني محمد سبيته ، إلى أن الولايات المتحدة قد تُظهر مرونة في بعض التفاصيل التكتيكية المتعلقة بالهدنة، لكنها لا تملك هامشًا سياسيًا أو قانونيًا كبيرًا للتراجع عن تصنيف حماس أو التوقف عن ملاحقة تمويلها، لأن ذلك قد يُفهم كإضفاء شرعية دولية على الحركة.
كما أن الضغوط الأمريكية تركز الآن على إنجاح صفقة وقف إطلاق النار وإتمام ملف تبادل الأسرى، لكن دون التورط في أي التزامات تمنح حماس اعترافًا سياسيًا أو حصانة قانونية مستقبلية.

كما أضاف سبيته ، أن واشنطن قد توافق على تأجيل ملف نزع السلاح أو التمويل إلى مراحل لاحقة، لكنها لن تتنازل عنه.
وهناك تقارير قطرية قد نقلت مؤخراً، نقلاً عن مصادر في إدارة الرئيس دونالد ترامب، أن الأخيرة أبدت استعدادًا لتأجيل مطلب نزع سلاح حماس إلى ما بعد إنجاز اتفاق وقف إطلاق النار، دون أن يعني ذلك قبولاً بعدم الملاحقة القانونية أو تخفيف العقوبات المالية.
وأكد سبيته ، أن مصادر الدعم الخارجي لحماس، سواء كانت من تبرعات فردية أو من جهات خارجية، تظل تحت المجهر الأمريكي، ويجري تتبعها عبر نظام رقابي صارم، يشمل البنوك الإقليمية وشبكات التحويل غير الرسمية.
خلاصة القول، واشنطن قد تُبدي مرونة سياسية مؤقتة لإنجاح اتفاق وقف إطلاق النار، إلا أن الثوابت الأمريكية بشأن تصنيف حماس وملاحقة تمويلها تبقى دون تغيير. أي تفاهمات مستقبلية لن تشمل، بحسب كل المؤشرات، إعفاء قادة حماس من الملاحقة أو السماح لهم بالتحرك بحرية مالية أو دبلوماسية، حتى لو توقفت العمليات العسكرية.
وفي ظل توازنات دقيقة بين ضرورات التهدئة وأولويات الأمن القومي الأمريكي، يبقى موقف واشنطن مشروطًا بمدى التزام الأطراف بتفاهمات طويلة الأمد، دون أن يعني ذلك غفرانًا سياسياً أو إغلاقًا لملفات الملاحقة القضائية والمالية.