هل يتمنّى أعداءُ حزب الله أنْ يسلّم سلاحَـهُ؟

آخر تحديث : الجمعة 4 يوليو 2025 - 10:22 مساءً
بقلم: جوزف الهاشم
بقلم: جوزف الهاشم

في الحرب الباردة والناشطة التي تدور حول السلاح وتسليم السلاح وجعجعة السلاح ، لمْ أشَـأْ أنْ أنأى بنفسي عن الخوض في ميدان هذه الحرب ، ما دام الكلام حولها أصبح اليوم كمثل ما كان الكلامُ للميدان .

لا بـدَّ أولاً من بطاقة تعريف : هذا الذي إسمهُ أنا ، لم أكـنْ يوماً إلاّ مع المقاومة والجهاد ضـدَّ العدو الإسرائيلي واعتداءاته على لبنان ، وإنَّ لي في هذا المجال وقفاتٍ وجولات في لبنان وغير لبنان ، ما تشهدُ لـه المنابرُ والمحابر .

لذلك أقول : ـ وبالإذن من الدستور ـ لا يُخيفني التمسُّكُ بسلاح حزب الله، فلستُ أتوجّسُ منه شـرّاً ولا ضـرّاً على الصعيد الداخلي ، ولا أتخيّـلُ أنَّ حزب الله سيواجه اللبنانيين يوماً بالصواريخ .

ولكنّني ، وفي معزل عمّا قيل : “إنّ حزب الله مستعدٌّ للدخول في مواجهةٍ جديدة مع إسرائيل” لا أرى ـ وحتى إشعارٍ آخر ـ أيَّ فحوى أوْ جدوى من هذه المواجهة ، ولستُ في حاجةٍ إلى كثيـرٍ من الدلالات في هذا المجال ، بقدر ما أُدرك ما يتمتَّعُ بـهِ حزب الله من الحكمةِ والتبصُّـر على مستوى التحليل المنطقي والإستراتيجي ، ما يُعفيني من الإستزادة في التبريرات .

ما دامت مخازن الإسلحة في جنوب الليطاني أو في شماله ستظلُّ هدفَ المسيَّرات الإسرائيلية لمزاولة القصف والقتل واستكمال مسلسل الإغتيالات ، وفي ظلِّ انعدام طاقة الردع وطاقة المساندة ، فإنَّ ما يُخشى أن يستمرَّ التحرُّش الإسرائيلي في استفزاز صبْـرِ حزب الله بغيةَ إحراجهِ واستدراجهِ إلى معركةٍ يحقِّـق فيها ما تعـذّر عليه تحقيقهُ في الجولات السابقة . وهو الأسلوب الذي يعتمدُه العدوّ الإسرائيلي في استفزاز حماسة “حركة حماس ” التي تَعتبِر أنها حقَّقت إنتصاراً بمجرَّد أن العدو لم يتمكن من تحقيق أهدافه فلم يستردّ الأسرى ولم يطـرد حركة حماس من قطاع غـزّة ، فيما استطاع أن يطـرد قطاع غـزّة من فلسطين ، وأن يجعل من أهلِ غـزّة شعباً مشرَّداً يتساقطُ يومياً بالمئات تحت وطـأةِ القصف والفقر والمرض والجوع والعطش المـذلّ ، و”ماءُ الحياةِ بذلَّـةٍ كجهنَّمِ .

لقد أصبح تسليم سلاح حزب الله كمثلِ الصلاة اليومية يتردّدُ على كلِّ شفَـةٍ ولسان ، على أنَّ بـهِ الحلَّ للنهوضِ بلبنان .

ولقد كان هذا السلاح ولا يزال العقبةَ التي يتمسَّكُ بها المجتمع الدولي ، ولا سيما في رسالته الساخنة الأخيرة إلى الرؤساء في لبنان : فلا مساعدة ولا اقتصاد ولا استقرار ولا استثمار ولا إعادة إعمار ولا انسحاب من إحتلال ، ما دام حزب الله يتمسَّكُ بسلاحهِ .

وهل هذه العقبة التي إسمها السلاح هي التي تؤمِّـنُ حقَّـاً سلامةَ حزب الله وسلامةَ بيئتـهِ ، وهل هي التي تؤمِّـنُ وجودَ حزب الله الأمني ونفوذَهُ السياسي وهو أكبرُ حزبٍ وأقوى حزبٍ في لبنان …؟

فماذا إذاً ، عن الأحزاب الأخرى في لبنان والتي لا تمتلكُ سلاحاً صاروخيّاً ومسيّرات ، بما في ذلك حركة أمـل …؟

عندما يكون السلاح في عهدةٍ الدولة اللبنانية والأحزاب ممثَّـلةٌ في الحكومة يُصبح من واجب الأحزاب كلِّها أنْ تشترك في المقاومة .

وعندما يتـمُّ بعد ذلك أيُّ اعتداءٍ على لبنان تسقط ذريعة إسرائيل بأنها تعتدي على حزب الله وليس على الدولة اللبنانية ، ويصبح من شأنِ الدولة اللبنانية جيشاً وشعباً أن تكون هي حزب الله وحزب الوطن دفاعاً عن الأرضِ والكيان والحدود والوجود ، وهذه أبـرزُ ضمانةٍ تُعطى للحزب وهي أفضلُ من ضمانةِ المجتمع الدولي وأهمُّ وسيلةٍ للضغط عليه .

في ظلِّ هذه الإعتبارات وسواها ، وما دام موضوع حصريَّـة السلاح قد اتُّـخذ بقرارٍ جامع ، أرجو مخلصاً أن يسارعَ حزب الله إلى اتخاذ الموقف المرتجى ، ليس نزولاً خاضعاً لتهويل المجتمع الدولي ، بل نزولاً صاعداً لإنقاذِ لبنان ممَّـا يبيِّـتُ لهُ العدوان، وللحؤول دون الإستمرار في دوَّامـة الإنتظار : مع كلِّ يومٍ غارة ، ومع كلِّ غارةٍ شهيد .

ولا أظـنُّ مع هذا ، أنَّ أعداء حزب الله يتمنّون أن يسلّمَ سلاحَـه .

رابط مختصر
2025-07-04 2025-07-04
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر