القانون الكبير الجميل الواحد.. ما هو قانون ترامب الجديد؟

معركة الكونجرس ضد "ترامب" حول أكبر خفض ضريبي في التاريخ الأمريكي

آخر تحديث : السبت 5 يوليو 2025 - 10:26 مساءً
القانون الكبير الجميل الواحد.. ما هو قانون ترامب الجديد؟
فاطمة خليفة:

 

>> القانون يعتبر الأضخم في تاريخ أمريكا بتكلفة 4.5 تريليون دولار

>> خفض ضريبي (15%) لمن تتراوح دخولهم السنوية بين 30 ألف و80 ألف دولار سنويا.. وتوفير 7 مليون وظيفة خلال السنوات الأربعة المقبلة

الخبير الاقتصادي اللبناني أحمد يونس:

* “الجمهوريون” يرون القانون وسيلة لتحفيز الاقتصاد عبر تعزيز الاستثمارات وتخيفض العبء الضريبي على الطبقة المتوسطة والشركات

* “الديمقراطيون”: القانون يخدم الأثرياء ويزيد من التفاوت الطبقي وزيادة العجز السنوي للميزانية الفيدرالية

يشهد الكونجرس الأمريكي حالياً معركة تشريعية حاسمة حول ما يُطلق عليه “مشروع القانون الكبير الجميل الواحد” (One Big Beautiful Bill) المقدم من الرئيس دونالد ترامب، والذي يُعتبر أضخم خطة لخفض الضرائب في التاريخ الأمريكي بتكلفة تقدر بـ 4.5 تريليون دولار.

أعضاء الدورة 119 لـ”الكونجرس الأمريكي”

التطورات الحديثة

في تطور جديد، نجح الجمهوريون في مجلس الشيوخ الأمريكي في تمرير التصويت على مشروع القانون ووصوله إلى مكتب ترامب قبل عيد الاستقلال الأمريكي في الرابع من يوليو 2025 .

المواد الأساسية للقانون

يركز القانون على الإعفاءات الضريبية الرئيسية حيث عمل خفض ضريبي بنسبة 15% للأمريكيين الذين يحصلون على دخل يتراوح بين 30,000 و80,000 دولار سنوياً

إلغاء الضرائب على العمل الإضافي والإكراميات مما يوفر على العمال آلاف الدولارات سنوياً

زيادة متوسط الدخل المنزلي بأكثر من 10,000 دولار سنوياً للعائلات العاملة

رفع الحد الأقصى لخصم الضرائب المحلية والولائية (SALT cap) مما يفيد سكان الولايات ذات الضرائب المرتفعة

النتائج الاقتصادية

توفير أكثر من 7 مليون وظيفة في السنوات الأربع القادمة

زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.1% على المدى الطويل

زيادة الأجور بأكثر من 11,000 دولار للعمال

المحافظة على أكثر من 6 مليون وظيفة بدوام كامل

عيوب القانون

يواجه مشروع القانون انتقادات حادة بسبب تكلفته الباهظة، حيث تشير التقديرات التقليدية إلى أن الخطة ستضيف حوالي 4 تريليون دولار إلى الدين القومي الأمريكي، لكن الجمهوريين في مجلس الشيوخ قاموا بتقليل هذا الرقم من خلال تغيير طريقة المحاسبة في الكونجرس، من خلال عمل تخفيضات في نفقات برنامج الرعاية الصحية للفقراء (ميديكيد)، وإضافة شرط العمل 80 ساعة شهرياً للبالغين القادرين على العمل في برنامج ميديكيد باستثناء الآباء الذين لديهم أطفال دون سن 14 عاماً من متطلبات العمل.

الخلافات السياسية بين مجلسي الكونجرس

ظهرت خلافات بين مجلس النواب ومجلس الشيوخ حول تفاصيل مهمة في المشروع، خاصة فيما يتعلق بجعل بعض الإعفاءات الضريبية للشركات دائمة مقابل تحديد نطاق أضيق لخصم الضرائب المحلية والولائية، مما أثار غضب بعض النواب.

وحذر ترامب المشرعين من أن يكونوا “متفاخرين” (grandstanders) في إشارة إلى ضرورة دعم المشروع دون تردد. هذا يعكس القلق من وجود معارضة داخل الحزب الجمهوري نفسه.

التوقعات الاقتصادية والاجتماعية

تتوقع بعض الجهات المالية والاقتصادية الأمريكية بأن المشروع سيقلل الإيرادات الضريبية الفيدرالية بـ 4.7 تريليون دولار بين 2025-2034، مع زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.1% على المدى الطويل.

متوسط زيادة في الراتب المنزلي: 13,000 دولار سنوياً

إعفاء ضريبي على العمل الإضافي والإكراميات

تحسين الائتمان الضريبي للأطفال

تمديد وتوسيع الإعفاءات الضريبية لقانون الوظائف والتخفيضات الضريبية (TCJA)

خفض معدل الضرائب على الشركات إلى 15% للشركات التي تنتج في أمريكا

إعفاءات ضريبية خاصة لدعم القطاع الزراعي

تبسيط الإجراءات الضريبية للمزارع العائلية

وتشير التوقعات أيضاً إلى رفع سقف خصم الضرائب المحلية والولائية والذي يمكن أن يفيد بشكل أساسي أصحاب الدخول المرتفعة، ولكن ماذا عن باقي الشرائح وهذا ما أثار تساؤلات أمريكية حول العدالة الاجتماعية للمشروع.

في ضوء ما سبق يمكن القول بأن ” مشروع القانون الكبير الجميل” يمثل الاختبار الأول لقدرة الحزب الجمهوري على تمرير أجندته التشريعية الطموحة رغم التحديات المالية والمعارضة السياسية.

كما أن نجاح أو فشل هذا المشروع سيحدد مسار رئاسة ترامب الثانية ويؤثر على الانتخابات التشريعية لعام 2026. خاصة في ظل توقعات بزيادة العجز المالي والدين القومي على المدى الطويل.

نظرة عامة

ويرى خبراء اقتصاديون أن إقرار القانون يمثل انتصارا لسياسات “ترامب” الاقتصادية، ولكنه أيضا يواجه تحديا كبيرا في ظل الجدل الاقتصادي والسياسي والتشكيك في قدرة القانون في الحفاظ على النمو الاقتصادي.

وحول مزايا وعيوب هذا القانون وما يمكن أن يترتب عليه من آثار اقتصادية وهل سيضر القانون بالمصالح الاقتصادية الأمريكية على المدى البعيد؟ يقول الخبير الاقتصادي اللبناني د. أحمد يونس: يعيد دونالد ترامب وحلفاؤه الجمهوريون في الكونجرس الدفع بقوة نحو إعادة تفعيل وتوسيع خفض الضرائب الذي أُقر في ولايته الأولى عام 2017 تحت اسم “قانون خفض الضرائب والوظائف” (Tax Cuts and Jobs Act – TCJA). يهدف المشروع الجديد إلى:

خفض ضرائب الدخل الشخصي، خاصة للفئات العليا.

خفض ضرائب الشركات من مستواها الحالي (21%) إلى حدود 15% أو أقل.

توسيع الاستثناءات الضريبية المتعلقة بالأرباح الخارجية، مما يعزز توطين الأرباح الدولية داخل الولايات المتحدة دون ضرائب تُذكر.

تقليص برامج الرعاية الاجتماعية والحد من تمويل الضمان الصحي الحكومي لتعويض العجز الناتج عن انخفاض الإيرادات الضريبية.

وعن الجدل المثار حول “مشروع ترامب” والمعارضة الشديدة من الديمقراطيين، يلخص “يونس” المواقف كالتالي:

الجمهوريون يعتبرون المشروع وسيلة لـ “تحفيز الاقتصاد”، عبر تعزيز الاستثمارات وتخفيض العبء الضريبي على الطبقة المتوسطة والشركات. ويروّجون لفكرة أن المال يجب أن يُترك في أيدي الأفراد والشركات وليس في يد الحكومة. كما أنهم يرون أن هذه التخفيضات ستؤدي إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي وزيادة خلق الوظائف.

أما عن الديمقراطيون فهم يعتبرون القانون يخدم الأثرياء ويزيد التفاوت الطبقي، ويشيرون إلى أن خفض الضرائب عام 2017 أدى إلى زيادة العجز في الموازنة الفيدرالية بأكثر من تريليوني دولار.

الديمقراطيون يحذّرون أيضاً من أن تقليص الضرائب مع الإبقاء على النفقات الدفاعية سيؤدي إلى تقليص الرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتية. ويخشون أن يؤدي القانون إلى مزيد من تقويض شبكات الأمان الاجتماعي ويعزز الفجوة الاقتصادية.

التأثيرات المحتملة على الاقتصاد الأمريكي

ويوضح “يونس” آثار القانون المحتملة ما بين آثار إيجابية (وفق الرؤية الجمهورية) تتمثل في تحفيز بيئة الأعمال وتشجيع الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة، ورفع معدلات التوظيف في قطاعات محددة.

وما بين آثار سلبية (وفق التقديرات الاقتصادية المستقلة) تتمثل في زيادة العجز السنوي في الميزانية الفيدرالية إلى مستويات غير مستدامة، ورفع مستويات الدين العام الأمريكي، مما سيضغط على سوق السندات ويزيد تكلفة الاقتراض الحكومي. بالإضافة إلى زيادة التضخم بسبب ارتفاع الاستهلاك الناتج عن السيولة الزائدة، في وقت تحاول فيه الاحتياطي الفيدرالي كبح التضخم. و تفاقم التفاوت في توزيع الدخل والثروة.

الخبير الاقتصادي اللبناني د. أحمد يونس

أما عن الأبعاد العالمية وتأثير القانون على منطقة الشرق الأوسط، يرى “يونس” أن القانون سيحدث بعد التغيرات الاقتصادية من أهمها:

خفض الضرائب على الشركات الأمريكية سيجعل الولايات المتحدة بيئة جاذبة للاستثمار، ما قد يضر باقتصادات الدول النامية التي تعتمد على الاستثمارات الأميركية. ومن المحتمل أن شركات متعددة الجنسيات قد تُعيد توطين أرباحها من الخارج إلى الولايات المتحدة، ما يُضعف التدفقات النقدية إلى أسواق ناشئة.

تحفيز الاقتصاد الأمريكي قد يرفع الطلب على النفط، ما يدعم أسعار النفط على المدى القصير، وهو أمر إيجابي لدول الخليج. إذا صاحب ذلك ارتفاع في العجز الأمريكي وتضخم، قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة العالمية ما يضر بالاقتصادات المعتمدة على الاستدانة بالدولار.

تراجع الإيرادات الضريبية سيؤدي إلى ضغوط لتقليص الإنفاق الخارجي الأمريكي. وبالتالي من المرجح أن يُسرّع الجمهوريون خطط الانسحاب من التزامات الدعم الخارجية، خصوصًا تجاه الأمم المتحدة ووكالات التنمية، ما يؤثر على مشاريع التنمية في الشرق الأوسط. كما أن ترامب قد يستخدم ملفات المساعدات المالية كأداة ضغط سياسي، خصوصًا ضد حكومات لا تنسجم مع أجندته.

ويضيف “يونس”: بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط فالدعم الأمريكي المالي والسياسي لبعض دول الشرق الأوسط قد يخضع لمقايضات أكثر حدة (مثلاً: التطبيع مقابل المساعدات). كما أن الأسواق في دول مثل لبنان، مصر، تونس قد تتأثر بتراجع الدعم الأمريكي المباشر وغير المباشر؛ نتيجة ميل السياسة الأمريكية أكثر إلى الانعزالية الاقتصادية.

وفي سياق متصل يرى “يونس”: أن إعادة طرح قانون خفض الضرائب يعكس رهان ترامب على قاعدته الاقتصادية التقليدية: رجال الأعمال، الطبقة البيضاء الوسطى، والمزارعين الكبار. مع سعي الجمهوريون إلى تحقيق مكاسب انتخابية من خلال هذا القانون، باعتباره يقدّم “عطايا مالية” للفئات المتأرجحة، أما الديمقراطيون فهم يسعون إلى تحويل القانون إلى سلاح سياسي ضد ترامب، ويظهرونه كـ”رئيس للأثرياء فقط”.

ويؤكد “يونس” في نهاية حديثه أن مشروع ترامب الضريبي ليس مجرد قانون اقتصادي، بل أداة سياسية بامتياز، تعكس صراعًا أيديولوجيًا عميقًا داخل أمريكا، بين “الرأسمالية الليبرالية الجديدة” المحافظة والمقاربات التقدمية للدولة الراعية.

إن نجاح أو فشل تمريره سيشكل نقطة تحول ليس فقط في الاقتصاد الأمريكي، بل في السياسات العالمية، من الأسواق الناشئة إلى أسعار النفط، ومن مشروعات التنمية الدولية إلى التموضع الجيوسياسي للولايات المتحدة.

رابط مختصر
2025-07-05
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر