>> غياب مؤسسات الدولة أدى إلى تفاقم الفوضى والانفلات الأمني
>> المواجهات تؤكد عرقلة الطريق أمام السلطة الانتقالية في سوريا
>> الجيش السوري يبدأ الانسحاب.. وأمريكا تتوسط لاتفاق وشيك
>> د. أيمن الرقب:
• دولة الاحتلال الإسرائيلي هي من دعمت الاشتباكات بإحداث حالة الفراغ الأمني في تلك المنطقة
• على الدولة السورية فرض نفوذها في كل أرجاء سوريا لتفادي مشروعات التقسيم
>> محمد سبيتة:
• المساس بعقيدة “الدروز” يزيد من خطورة الموقف
• “الدروز” و”الأكراد” أكبر قوتان مهيأتان للانفصال عن الدولة السورية
• مشروعات التقسيم تتم وفقا للمخططات الأمريكية والإسرائيلية
تصعيد جديد وعمليات خطف متبادلة واشتباكات مسلحة بين مقاتلين دروز وعشائر من البدو، أسفرت عن سقوط ضحايا ووقوع إصابات في محافظة السويداء السورية، فقد أودت تلك الاشتباكات بحياة ما لا يقل عن 89 شخصا في بدايات الأحداث، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، بينهم ستة من القوات السورية، ليصل عدد الضحايا فيما بعد لما يفوق 300 شخصا.
وتعتبر السويداء المركز الرئيسي للطائفة الدرزية في سوريا، حيث يبلغ عدد أبنائها نحو 700 ألف نسمة.. فما الذي أشعل فتيل هذه المواجهات ؟
عاد التوتر الأمني إلى محافظة السويدا بعد حادثة سلب وقعت مؤخراً علي طريق دمشق – السويداء طالت أحد المواطنين ، أعقبها ردود فعل متوترة تمثلت بوقوع عمليات خطف متبادلة . ووفق مصادر رسمية فإن حي المقوس شرقي السويداء الذي تقطنه عائلات بدوية شهد اشتباكات عنيفة بين مسلحين دروز وعناصر من البدو ، بعدما حاولوا الدروز تحرير نحو 10محتجزين لدى البدو في رد على حادثة احتجاز سابقة وقعت إثر اعتداء على سائق درزي في ريف دمشق.
الهجمات أيضاً شملت هجمات عدة في ريفي السويداء الغربي والشمالي، واستخدمت فيها قذائف هاون مما تسبب في تزعزع الأمن الداخلي.
أما وزارة الداخلية السورية فقالت في بيانها ما يجرى في السويداء هو نتيجة غياب مؤسسات الدولة الرسمية في المنطقة، مما أدي إلى تفاقم حالة الفوضي وانفلات الوضع الأمني ، وعجز المجتمع المحلي على احتواء الأزمة.
وفي محاولة لاحتواء التصعيد، أعلنت وزارة الدفاع السورية نشر قواتها في المنطقة في خطوة تهدف إلى فرض الأمن ووقف الاشتباكات، كما دعت وزارة الداخلية السورية إلى وقف القتال وتسليم المتورطين وطالب محافظ السويداء بوقف إطلاق النار وبدأ حوار شامل.
هذه الاشتباكات هي الأولى منذ توقيع اتفاق تهدئة في مايو الماضي بين أعيان من الدروز وممثلين عن الحكومة السورية بعد مواجهات مشابهة بينهما أودت بحياة عشرات الأشخاص.
أما عن محافظة السويداء تعد موطناً لأكبر تجمع للدروز في سوريا الذين يقدر عددهم 700 ألف نسمة ، ولطالما تمتعت السويداء بوضع شبه مستقل تحت الحكم السابق لنظام الأسد، وهو الوضع الذي يسعى الدروز إلى الحفاظ عليه.. فهذه المواجهات الدامية تسلط الضوء مجدداً على حجم التحديات الأمنية التي لا تزال تعترض طريق السلطة الانتقالية في سوريا منذ تسلمها الحكم عقب سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024.

حول تلك الأحداث ، يقول الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس: بشكل منطقي من دعم هذه الاشتباكات خلال الفترة الماضية هو الاحتلال الذي ساعد في إحداث حالة الفراغ في منطقة السويداء خلال الفترة الماضية.
كان الفراغ الأمني واضحا في هذه المنطقة وبالتالي كانت هناك ظهور مجموعات مسلحة، وبدأنا نرى القبلية التي تظهر بشكل كبير جدا .
وأصبحنا الآن بعد استهداف الاحتلال لمناطق عديدة في السويداء وحتي استهداف قوات الجيش النظامي الذي يحمي دمشق بشكل مباشر، إضافة إلى استهداف البدو، وأيضاً استهداف كل المواقع العسكرية يؤكد بشكل قطعي أن الاحتلال يلعب دور مهم جدا حول تلك الأحداث.
ويضيف “الرقب”: إن الاحتلال يرغب في تقسيم سوريا إلى عدة دول طائفية وهذا ما يعمل عليه الاحتلال بشكل كبير جدا، وبالتالي، أعتقد أن يدفع الاحتلال إلى التقسيم هنا سيكون بصراحة صراع الدولة للبقاء في هذه المنطقة خاصة أن الدولة الآن على المحك.

ويبقي السؤال، هل الاحتلال سيرفع يده أم سيستمر في هذا الإجرام في هذه المنطقة لذلك المفروض الآن أن تبسط الدولة نفوذها وقوتها في كل أرجاء سوريا حتى لاتذهب سوريا إلى التقسيم.
ويختتم “الرقب” كلامه قائلاً: بالتأكيد ما حدث في السويداء هو بداية لأحداث حالة من الخلل في سوريا، وإذا تم سيطرة الدولة بشكل مباشر وسريع سيكون بمقدورها فرض سيادتها.
أما إذا حدث أمر بالعكس ورأينا استمرار الاحتلال يده في هذه المنطقة، فهذا يعني أننا قد نشهد تقسيم سوريا قريبا وهذا لا نتمناه أو نريده.
بينما يقول محمد سبيته، المحلل السياسي والمتخصص في العلاقات الدولية: إن الصراع في السويداء وكون الطائفة الدروزية هي الأقرب إلى حدود فلسطين المحتلة يُشكل صراعا رئيسيا في النظام السوري الجديد، والذي لم يستطع حتي الآن أن يعالج وضعه الداخلي، ما تقوم فيه أجهزة النظام السوري الأمنية في السويداء شئ يثير الفزع الآن.
حيثُ انتشرت صورة في مواقع التواصل الاجتماعي لجنود سورين تابعين للنظام الحالي يقومون بحلق لحية وشارب شيخ درزي وهذا يمس العقيدة الدرزية ويمس كرامة الدروز وهذا ماسيشعل النيران في السويداء أكثر مئة مرة مما كانت.

وأضاف سبيتة: إن مشروع التقسيم السوري لا زال حاليا يتم تطبيقه بطريقة غير متفق عليها ، حيثُ أن الدورز والأكراد هما أكبر قوتين مهيأتين للانفصال عن الدولة السورية، وهذا ماتسعي إليه أمريكا مع الأكراد مع قوات “قسد”، وهذا طبعا ضد رغبة تركيا التي تتبني النظام السوري بالكامل.
وختم سبيته بقوله: طبعا، مايحدث يؤكد أن المنطقة كلها تتغير ليس كما ترغب شعوبها ولكن كما ترغب أمريكا وإسرائيل.
وعن آخر تطورات المشهد، أفادت مصادر في وزارة الدفاع السورية، ببدء انسحاب الجيش من السويداء بعد انتشار القوى الأمنية في المدينة.
وبحسب ما نشره موقع “سكاي نيوز عربية”، أضافت المصادر أن “الجيش بدأ الانسحاب من السويداء ولكن القصف الإسرائيلي يؤخر العملية”.
في غضون ذلك، قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو: “اتفقنا على خطوات محددة ستضع نهاية للأوضاع في سوريا الليلة”.
كما أكد التلفزيون السوري الرسمي أن هناك “اتفاقا وشيكا” بين دولة الاحتلال الإسرائيل وسوريا لإنهاء الأزمة برعاية أمريكية.
وأضاف أن “سوريا ترحب بجهود واشنطن والدول العربية لحل الأزمة الحالية سلميا”.

وفي وقت سابق، دعت وزارة الخارجية الأمريكية، الحكومة السورية، لسحب قواتها من محافظة السويداء، بهدف السماح بخفض التصعيد.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، تامي بروس، إن الولايات المتحدة تدعو سوريا إلى سحب قواتها للسماح بخفض التصعيد.
وذكرت بروس في مقابلة أجرتها معها قناة “فوكس نيوز”: “ندعو الحكومة السورية إلى سحب قواتها للسماح لجميع الأطراف بالتوصل إلى خفض التصعيد”.
وعقب ذلك، دخلت القوات السورية المدينة ذات الغالبية الدرزية بهدف الإشراف على وقف لإطلاق النار تم الاتفاق عليه مع وجهاء وأعيان المدينة.
وقال مسؤولون إسرائيليون إن الجيش السوري نسق مع إسرائيل قبل دخول السويداء “لكن خالف التفاهم”، مشيرين إلى أن التنسيق كان يقضي بعدم إدخال الأسلحة الثقيلة.
وذكر مسؤول عسكري إسرائيلي أن بلاده “لن تسمح بحشد عسكري على حدودها مع جنوب سوريا”.
بعد ذلك، هزت غارات إسرائيلية قوية دمشق، واستهدفت مجمع وزارة الدفاع والقصر الرئاسي، كما نفذت ضربات في السويداء ومناطق أخرى.
