>> “الفتاكة”.. إعلان جديد يستفز مشاعر المصريين
>> ردود فعل غاضبة أجبرت “بلبن” على حذف الإعلان من جميع منصات التواصل الاجتماعي
>> إصرار السلسلة على الترويج وتقديم منتجات بأسماء تخدش حياء المجتمع والذوق العام
>> الدخول في منافسة غير نزيهة مع من سبقوه في عالم صناعة الحلويات
مرت ثلاثة أشهر كاملة على أزمة غلق محلات “بلبن” المتخصصة في صناعة حلوى الألبان ومشتقاتها، بعد أن تفجرتالأزمة في شهر أبريل الماضي، بسبب وجود بكتيريا ضارة في بعض المنتجات، وكذلك عدم الإلتزام بمعايير السلامة الغذائية والمهنية، ومخالفات إدارية بشان التراخيص اللازم استخراجها من وزارة التنمية المحلية.
ومع البدء في استفحال الأزمة، أطلق صاحب السلسلة الشهيرة الطبيب البيطري مؤمن عادل استغاثات مستميتة، وصرخات للحفاظ على نشاط السلسلة واستئناف نشاطها، ووجه نداء عاطفيا إلى رئيس الجمهورية، الأمر الذي نظر إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي بنظرة مختلفة لاحتواء الأزمة، وإصدار توجيهاته بحل الأزمة في ضوء القوانين والإجراءات اللازمة، حفاظا على نشاط الشركة والعاملين فيها واستمرار سبب أرزاقهم. وبالفعل، تدخلت الوزارات المعنية بنشاط “بلبن”، وتم الاتفاق على توفيق الأوضاع، واستخراج التراخيص اللازمة، والإلتزام بمعايير الصحة والسلامة المهنية الموضوعة من قبل وزارتي الصحة، والهيئة القومية لسلامة الغذاء.
هدوء شديد
وعادت محلات “بلبن” لاستئناف نشاطها في هدوء شديد.. ذلك الهدوء الذي يسبق العاصفة، حيث بدأت السلسلة في فتح محلاتها تدريجيا لتقديم منتجاتها للمستهلك، مبتعدين عن صخب الإعلانات المبتكرة عن منتجاتهم الجديدة، والتي في الغالب ما تستفز الجمهور؛ نظرا لما تتضمنه تلك الإعلانات من محتوى خارج عن الذوق العام وتقاليد وأعراف المجتمع المصري، حيث تتضمن عباراته وحركاته إيماءات وإيحاءات خارجة “أخلاقيا”. علاوة على أن السلسلة الشهيرة طرحت قبل ذلك منتجات حملت أسماء خادشة للحياء.
الإعلان المفاجأة
وكانت المفاجأة، مؤخرا، قيام السلسلة بتصميم إعلان عن أحدث منتجاتهم والذي يحمل إسم “الفتاكة”، واستوحوا فكرة الإعلان الترويجي للمنتج الجديد من شخصية تحاكي شخصية “رأفت الهجان”، تلك الشخصية الوطنية والتي قامت بدور وطني عظيم لخدمة مصر، والإسم الحقيقي هو رفعت علي سليمان الجمال، وقد قام الممثل المشهور محمود عبد العزيز (رحمه الله) بدور هذا الشخص الوطني في المسلسل الشهير “رأفت الهجان” الذي تعلقت به جموع المصريين، وأصبح “رأفت الهجان” علامة ورمزا ومحطة مهمة وبالغة التأثير في “الدراما المصرية” التي أبدع فيها كل من المؤلف العبقري الراحل أسامة أنور عكاشة، والمخرج المبدع إسماعيل عبد الحافظ.

تمثلت المفاجأة، في قيام سلسلة “بلبن” بإنتاج إعلان يظهر فيه شخصية شبيهة برأفت الهجان، مصاحبة له الموسيقى التصويرية الشهيرة للمسلسل التي وضعها الموسيقار الراحل عمار الشريعي، ولم يصل الإعلان عند هذا الحد، بل راح في تصنيع مجموعة من الحلويات شبيهة بالصواريخ والذخائر ومعدات عسكرية، وأصوات حربية، في انعكاس أثار استياء جمهور المستهليكن من فكرة التطرق إلى تشبيه مجرد سلسلة لبيع الحلويات بالمؤسسات الوطنية والسيادية للدولة، وكذلك محاكاة الشخصيات الوطنية التي خدمت الوطن في إعلان ترويجي لأحد منتجات الحلويات.
نشاز
الإعلان أثار حفيظة الجمهور، وبدأت ردود الأفعال الغاضبة تتواصل على مواقع التواصل الاجتماعي، مستدعية ما سبقها من إعلانات مسيئة ومستفزة لمشاعر وأخلاقيات المستهلكين؛ ما دفع سلسلة “بلبن” بحذف الإعلان من كافة منصات التواصل الاجتماعي التابعة لهم، واكتفت بإسم المنتج وصورته. وقد استدعت ذاكرة المواطنين الحملات الترويجية لمنتجاتهم خلال الفترة الأخيرة، وكذلك الأسماء الغريبة والتي تعد “نشازا” عن القاموس الأخلاقي للمجتمع، والتي أحدثت أزمات عدة، قبل غلق المحلات في أبريل الماضي. فكانت أسماء تلك المنتجات تثير حياء وخجل الفتيات والسيدات أو حتى الرجال والشباب عند التوجه وطلبها من فروع السلسلة.

منافسة غير نزيهة
وأما الإعلان الذي تسبب له في أزمة كبيرة، وكان على وشك مواجهة قضائية كبرى بسبب هذا الإعلان، وهو إعلان عن كحك العيد الذي تم عرضه في شهر رمضان الماضي، وتم عرضه عدة أيام، ثم اضطر لوقف الإعلان؛ لما تضمن من إساءة بالغة وواضحة لواحد من أهم العلامات التجارية وأشهر صناع الحلويات الشرقية والغربية في مصر وهو مصانع ومحلات “العبد للحلويات”، والذي تقتصر فروعه على محافظتي القاهرة والجيزة فقط، والذي يحظى بسمعة طيبة وجودة عالية في سوق الحلويات المصري منذ سنوات طويلة.
فقد تم تصميم الإعلان على إظهار مراحل وتاريخ صناعة الكحك في مصر، حتى وصل إلى مشهد يقوم فيه شخص بتقليد صاحب محلات حلويات العبد الشهيرة الراحل أحمد العبد، حيث ارتدى معطفا (بالطو) كان مشهورا بارتدائه الراحل أحمد العبد، ويقول ممثل الإعلان في المشهد الخاص به: “والله.. عيب عليكم، العبد لله هو اللي عمل الكحك ترند ولا نسيتوا”، في إشارة واضحة إلى قيام محلات العبد بالدعاية السنوية في الأيام الأخيرة من شهر رمضان للترويج عن بدء طرح كحك العيد للبيع من إنتاج مصانعها، وأرادت سلسلة محلات “بلبن” أن تبعد المستهلكين عن شراء الكحك من “حلواني العبد” وأنه لا منافس لكحك “بلبن”. وكانت المفاجأة بحسب، المستهلكين، أن “بلبن” قدم نفس قائمة منتجات “حلواني العبد” وبنفس الأسعار!!
سخرية
ولم يقف استفزاز الإعلان عند هذا الحد من التجاوز أخلاقيا ومهنيا، والاستمرار في الاعتداء على المنافسة النزيهة، فعند ظهور شبيه صاحب محلات “حلواني العبد” صاحب ذلك موسيقى لإيقاع طبلة راقص (بشكل ساخر)، ويظهر فيه شبيه “أحمد العبد” واضعا يده على قلبه، وكأنه أصيب بسكتة قلبية بسبب صدمته من قيام منافسه “بلبن” بصناعة “كحك العيد”، في إيصال رسالة للمستهلك أن “كحك بلبن” سيكون الأجود والأجمل طعما.

وبمجرد تحرك “حلواني العبد” وإعلان نيته اللجوء للقضاء؛ لما تضمنه إعلان “بلبن” لإساءة واضحة ومنافسة غير شريفة، والسطو على منتجاتهم، تراجعت سلسلة “بلبن”، فورا، وأوقفت بث الإعلانات تليفزيونيا ومن كافة منصات التواصل الاجتماعي، وقدمت اعتذارا لـ”حلواني العبد” وأنها لم تكن تقصد الإساءة.