من جبهة النصرة إلى تحرير الشام.. “الجولاني” وتبدّيل الأقنعة في خدمة المشروع الصهيوني الأمريكي

آخر تحديث : الأحد 20 يوليو 2025 - 9:08 مساءً
بقلم: د. وجدي صادق
بقلم: د. وجدي صادق

في خضمّ الفوضىٰ التي تعصف بالمنطقة، وبين ركام الشعارات الثورية والدعوات الجهادية، يطفو على السطح مجدداً إسم “جبهة النصرة”، التي لم تبرح حقيقتها يوماً رغم تبدّل تسمياتها. فهذه الجماعة التي أعادت تسويق نفسها تحت مسمّى “هيئة تحرير الشام”، ما هي إلا الوجه ذاته لعملةٍ واحدة، عملة صُكت في دهاليز المصالح الدولية، ومرّت عبر أروقة الاستخبارات العالمية… أميرها، أحمد الشرع، المعروف بـ”أبو محمد الجولاني”، الذي ظهر في بداياته من رحم “القاعدة”، لا يزال يمارس لعبته ذاتها، لكن بأزياء مختلفة.

فمن راية الجهاد العابر للحدود إلى هيئة تدّعي “الإعتدال” والإنخراط في مشاريع “الحكم المحلي”، يتنقّل الجولاني بين الأقنعة، مستفيداً من تقاطع مصالح قوى كبرىٰ تتقن صناعة التنظيمات كما تُتقن تسويق الحروب… لم يعد خافياً على أحد حجم الدعم اللوجستي والسياسي والإعلامي الذي حظيت به “هيئة تحرير الشام”، في وقت خُنقت فيه شعوب بأكملها تحت الحصار والتجويع.

فكيف لتنظيم إرهابي نشأ من رحم “النصرة” أن يتحوّل فجأة إلى طرف محاوِر، يستقبل صحفيين غربيين، ويظهر بهندام أقرب لرجال الدولة منه إلى أمراء الحرب؟.. إن “الجولاني” مهما لبس من بزّات، ومهما حسّن خطابه، لا يُخفي تاريخه الأسود. تاريخه المرتبط ببيعة البغدادي، ومبايعة الظواهري، وممارسة العنف الدموي بحق السوريين وغيرهم. واليوم، تبرز حقائق دامغة عن علاقاته المشبوهة، التي تربطه بشكل غير مباشر، بل مباشر أحياناً، بدوائر القرار الأمريكية والإسرائيلية. فهل نحن أمام رجل تحوّل بفعل “الندم”؟ أم أمام مشروع إستخباراتي طويل الأمد؟.. المؤشرات المتراكمة، والتقارير الميدانية، وحتى التحولات الخطابية للجولاني، كلّها تشي بأن “تحرير الشام” ليست سوى إمتداد مموّه لـ”جبهة النصرة”، وأن الدور المرسوم لها في إدلب وأطرافها يتجاوز فكرة “الحكم الإسلامي” إلى وظيفة أمنية – سياسية في قلب الشرق الأوسط… وإذا كانت بعض الأصوات قد بدأت اليوم بالتحذير، فإن الأيام القادمة كما تؤكد المعطيات، ستكون كفيلة بكشف المستور. فحجم التداخل بين المصالح، والسكوت الدولي عن إنتهاكات “الهيئة”، والدعم غير المعلن من جهات خارجية، كلها مؤشرات تؤكد أنّ ثمة ما يُعدّ خلف الكواليس… وعليه، فإنّ على الإعلام الحرّ، وعلى الشعوب المتضررة، أن تفتح أعينها أكثر، وأن تميّز بين العدو الذي يُشهر سلاحه في وجهها، وبين ذاك الذي يرتدي رداء “الحليف” ليطعن من الخلف.

“فالجولاني” ليس أكثر من واجهة، صُممت لتخدير المنطقة، وتهيئتها لإستحقاقات أكبر تتخطىٰ حدود إدلب، وتصل إلى عمق القرار في الشرق الأوسط… وفي النهاية، تبقىٰ الحقيقة ساطعة مهما طال ليل التزوير،؛ “جبهة النصرة” هي “تحرير الشام”.. و”الجولاني” هو نفسه.. والمخطط أكبر من راية سوداء أو اسم جديد… للأسف منطقة الشرق الأوسط ذاهبة إلى أبعد من مخطط “كيسنجر”. وغدا لناظره قريب.

رابط مختصر
2025-07-20 2025-07-20
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر