أرزةٌ لبنانيةٌ وبندقية

آخر تحديث : الجمعة 22 أغسطس 2025 - 2:58 مساءً
بقلم: جوزف الهاشم
بقلم: جوزف الهاشم

لـمْ يتَّضج ـ حتى إشعارٍ آخـر ـ ما إذا كنّا سنجدُ حـلاّ حاسماً لموضوع حصريّـة السلاح ، أوْ أنّ النصالَ ستظلُّ تتكسَّرُ على النصال ، لنحارب أنفسنا بسلاحنا . على أنّ المشكلة ليست بحصريّة السلاح ، ووجود السلاح ، واقتنـاء السلاح… المشكلةُ في تحديد وظيفة السلاح : مَنْ يستخدمُه ، ومَنْ يأمر باستخدامه، ومتى وأين وكيف .

وهل ، لهذا السلاح هويّـةٌ لبنانية حصراً ، أوْ هو متعدّد الجنسيات ..؟

لقد بلغ التذاكي عند بعض المجتهدين حـدَّ القول : “لأنَّ هذا السلاح لم يكن سلاحاً لبنانياً حصراً ، فليس من شأن الدولة اللبنانية أن تطالب بحصريّتهِ في يدها”.

هذه المعادلة الذكيّة تشكَّلُ أخطر أنواع النزاع الوطني بحيث تضع اللبنانيين في حالة خيار : بيـن الدولة والحزب ، وبين سلاح الدولة وسلاح الجيش ، وبين طائفة وسائر الطوائف .. “لا تسليم للسلاح قبل تسليم الحياة ، ولا حياة للبنان عند مواجهة السلاح ، ولتكن الكربلائيات والحروبُ الأهلية ، وعلى الدولة وعلى الدنيا السلام …”

أيها السادة المجتهدون …

السيد الشهيد حسن نصرالله ، وفي أعقاب مسيرة الطيونة ـ فرن الشباك إلى وزارة العدل : 19/10/2021 ، وبالرغم من سقوط ضحايا من حزب الله على يـد الجيش اللبناني ، لم يكن كلامُ السيّد الشهيد إلاّ احتوائياً عاليَ المسؤولية ، متعالياً عن الجراح ، فقال محذّراً من الحرب الأهلية : ” أنا أقول الدولة هي ضمانة كلّ اللبنانيين وخيارُنا أن نكون معاً ، ونكون حريصين على مؤسسة الجيش وتماسكها، إن وحدة لبنان وهوّيتَـهُ في هذه المؤسسة …” السؤال : ماذا لو كان السيد الشهيد لا يزال حيّاً ، وفي ظلّ ما أصابنا من نكبات واحتلالات وشهادات واختلالات في توازن القوى ، فأيَّ موقفٍ كان اتَّخـذ، وأيَّ خطابٍ كان ألقى …؟

وفي ظروفٍ مماثلة ، أيّ كلام وخطابٍ كان للإمام موسى الصدر حين قال : في 1/7/1977 “لبنان يهتزُّ من داخل كيانه بفعل ما لدى البعض من نقصٍ في الولاء للدولة …”

وفي نداء إلى اللبنانين 7/1/1976 “دعا الإمام الصدر إلى حـلٍّ لا يكون المنتصر فيه لا المسلمون ولا المسيحيون ولا الأحزاب ، بل لبنان وشعب لبنان …” وهذا الإرث الوطني التاريخي الشيعي ، هو الذي دعا إليه الإمام محمد مهدي شمس الدين في وصاياه ، “ليس للشيعة مشروعٌ خاص سوى الدولة ، ولا مجال لدولة دينية في مجموعات متنوعة …”

ثمَّ ، أنْ يكونَ لدى أيّ فريق لبناني : مشروعٌ خاص وسلاح خاص ، وواقعٌ خاص ، وديمغرافية خاصة على الصعيد العسكري والإقتصادي والإجتماعي والتربوي ، أفلاَ يعني هذا الإنكفاء عن الدولة ، أننا نتّجـهُ نحو نظام فدرالي .؟

خطايانا التاريخية الكبرى هي في انقسامنا على أنفسنا حول الوطن والدولة والمذاهب فنرتمي في أحضان الآخرين ، وتقودنا الوعود الكاذبة إلى التضحية بأنفسنا في سبيل تحقيق مكاسب الأخرين .

وعَـدَنا السيد تـوم باراك : “أننا سنعود لؤلؤة الشرق ، وسنتَمتٍّع بالسلام والإزدهار مع جيراننا الإسرائيليين والإيرانيين” حتى كاد يكرّر كلام النبيّ ، “ما زال جبرائيل يوصيني بالجار حتى ظننت أنـه سيورثُهُ …” هذا .. إذا كان الجار صالحاً كما يقول الإمام علي بن أبي طالب . أن ندعو إلى حصرّيـة السلاح ، فهذا لا يعني أننا نرفع الأصابع العشر استسلاماً وانهزاماً في مسيرة الجلد والصلب والقتل التاريخية التي تتكرر على طريق القدس وطريق لبنان .

إننا نملك من طاقات العقل في لبنان مع سائر الجاليات والصداقات العربية والدولية سلاحاً نستطيع أن نتفوّق بـه على إسرائيل .

لم يَكتُبْ سلاحُ الحديد أيَّ انتصار في التاريخ في معزل عن سلاح العقل ، هكذا قيل : “إنّ وراء انتصارات الإسكندر المقدوني كان دائماً “أرسطو” .

من باب الإستزادة بالتفاؤل حول موضوع السلاح ، ماذا يمنع مثلاً من أنْ يُضافَ إلى علَمِ حزب الله رسمُ الأرزة اللبنانية إلى جانب البندقية .؟

*كاتب المقال: وزير لبناني سابق.

رابط مختصر
2025-08-22
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر