أهل القرآن.. مزامير داود (6 – 10) كروان الإذاعة.. الشيخ محمد أبو العيْنَيْن شُعَيْشَع

آخر تحديث : الخميس 19 يناير 2023 - 9:33 صباحًا
بقلم: يحيى الشيخ
بقلم: يحيى الشيخ

مدينتى..

مدينة بيلا..هذه المدينة العريقة..تعتبر من أقدم مراكز محافظة كفر الشيخ.هذا الإقليم الذى يقع شمال مصر.أخرجت لمصر مواهب فى شتى الاتّجاهات..فى السياسة فمن منّا لايعرف..عبد الرحمن البيلى وزير المالية فى العهد الملكى.!؟ والعالم..الدكتور عبد الرحمن النجار والدكتور وجدى زيد>

والفنِّ.من منّا لايعرف محمد الموجى وعبد السلام أمين وإبراهيم رأفت.والرياضة.اللاعب.حسام غالى.كلّ هؤلاء وغيرهم خرجوا من تلك البلدة..بيلا النّائمة فى دلتا مصر..فهى تعجُّ بالموهوبين.ولكنها تحتاج إلى كشاف ماهر ليستخرج تلك المواهب.ويجمع تلك الدرر.من هؤلاء القمم وتلك المواهب.درة التِّلاوة وكروان قراءة القرآن.. الشيخ.محمد أبو العينين شعيشع…رحمه الله رحمة واسعة.

مولده:

ولد الشيخ..رحمه الله تعالى..فى مدينة بيلا..محافظة كفر الشيخ. فى الثانى والعشرين من أغسطس عام اثنين وعشرين وتسعمائة وألف من ميلاد المسيح..عليه السلام.كان أهله يتمنون أن يكون معلما..ولكن شاء الله..تبارك وتعالى..أن يكون علما من أعلام تلاوة القرأن الكريم.فى القرن العشرين.شبَّ على حبِّ القرآن منذ صغره.فقد كان يقرأ القرآن فى مسجد..سيدى البيلي أبى غنام. أقدم وأشهر مساجد مدينة بيلا على الإطلاق.حفظ القرآن الكريم وهو صغير فى كتّاب الشيخ..يوسف شتا..رحمه الله رحمة واسعة..وهو من أشهر محفظى القرآن الكريم فى مدينة بيلا.فى القرن الماضى.وهو أول من اكتشف جمال وحلاوة صوت الشيخ(أبو العينين)فى قراءة القرآن.فكان يشجعه..وهو أول من تنبأ له أنه سوف يكون قارئا مشهورا.وكان يزامل الشيح أبى العينين فى كتّاب الشيخ..يوسف شتا.الشيخ.عبد الرحمن النّجار الذى أصبح بعد ذلك المدير العام لمساجد مصر بوزارة الأوقاف المصرية.رحمه الله رحمة واسعة.ومن الذكريات التى يحكيها الشيخ.أبو العينين عن صديقه الشيخ.عبد الرحمن النَّجار زميله فى كتّاب الشيخ. يوسف شتا.قال الشيخ أبو العينين لصديقه.أتمنى أن يأتى اليوم وأكون فيه قارئا مشهورا مثل القرّاء الذين نسمعهم..وتكون أنت عالما كبيرا. وشاء الله أن يحقق لهما ما كان يحلمان به.

تُوفِى والد الشيخ أبى العينين وهو صغير.لايتجاوز التسع سنوات..فربّاه ورعاه أخوه الكبير.الشيخ..أحمد أبو العينين.وكان لايقل عنه فى جمال الصوت فى تلاوة القرآن.ولكنه آثره على نفسه.وهذه الضريبة التى يدفعها الأخ الأكبر.والشيخ أحمد هو صاحب الفضل فى تحفيظ شيخنا القرآن الكريم.وغير مسار الشيخ من التعليم الإلزامى إلى التفرغ للقرآن وعلومه.فحفظ القرآن الكريم بأحكامه فى عاميْنِ.

البداية:

بدأ الشيخ يقرأ القرآن وهو صبى منذ عام-١٩٣٦-وكان عمره ستة عشر عاما.دُعِى يوما إلى مدينة المنصورة لإحياء ذكرى يوم الشهيد.وطلبوه للقراءة فى ذلكم الحفل..فأحس بالخوف والرهبة..وتهكم به التلاميذ..لكنه أخذ حبوب الشجاعة..ولبس لبد الأسد.وصعد إلى المنصة.وقرأ (ولاتَحسبنَّ الذين قُتلوا فى سبيلِ أمواتًا بل أحياءٌ عند ربهم يُرزقون.فرحين بما أتاهم الله من فَضْله ويستبشرون بالذين لم يَلحقوا بهم من خلفهم.ألّا خوفٌ عليهم ولاهم يَحزنون.) سورة آل عمران-الآيتان 169 و170 استحسن الجميع قراءة الشيخ.وحمله التلاميذ الذين كانوا يتهكمون به قبل أن يقرأ.وحملوه على أكتافهم.. إعجابا به.وكانت هذه هى البداية.

التحاقه بالإذاعة:

عاش الشيخ أبو العينين مع القرآن والقرآن فى رحلة تمتد لأكثر من سبعين عاما..وفى عام-١٩٣٩-وكان عمر الشيخ لايتجاوز.سبعة عشر عاما.دُعِى إلى إحياء مأتم الشيخ..الخُضرىّ أحد أعضاء لجنة كبار العلماء. وكانت تربطه به علاقة مصاهرة..وكان موجودا فى المأتم الشيخ عبد الله عفيفى وكان شاعرا وإماما للملك فاروق.فأبدى إعجابه بالشيخ الصغير.وعرض عليه أن يقدمه للإذاعة..فذهب معه لمقابلة سعيد باشا لطفى..رئيس الإذاعة أنذاك..وحدد له يوم الامتحان أمام لجنة من كبار العلماء وهم.

١- الشيخ..أحمد شوريت.

٢-الشيخ..إبراهيم مصطفى.عميد كلية دار العلوم وقتذاك.

٣-الشيخ..مصطفى رضا..عميد معهد الموسيقى.

٤- الشيخ..المصرى.

وتمّ التعاقد معه..وكان أصغر شيخ.إذ كان عمره سبع عشرة سنة.ويعدّ الشيخ أبو العينين أول قارئ مصرى يقرأ القرآن فى المسجد الأقصى-عام-١٩٤٠-بدعوة من إذاعة الشرق الأدنى التى كانت تذاع موادها فى جميع أنحاء الوطن العربى.وتعاقدت معه لمدة ثلاثة أشهر.وفى بداية الخمسنيات كان الشيخ أبو العينين أول من سجّل القرآن الكريم على أسطوانة.وكان الشيخ قبل عصر التسجيلات يقيم فى الإذاعة فى شهر رمضان ليؤذن لصلاة الظهر والعصر فى الإذاعة.ثمّ ينتظر ليؤذن لصلاة المغرب..ثمّ يتناول قليلا من التمرحتى يحين موعد أذان العشاء.فيؤذن.ثمّ ينصرف إلى بيته ليتناول طعام الإفطار مع أهل بيته.

الشيخ أبو العينين فى السينما:

نظرا لاشتهار الشيخ فى سنٍ صغيرة ظهر فى عدة أفلام سينمائية كقارئ للقرآن..وطالبا أزهريا..ومؤذنا..ومن هذه الأفلام.

١-النائب العام (1946).

٢-ابن عنتر(1947).

٣-المرأة (1949).

٤- بلد المحبوب (1951).

ينفرد الشيخ أبو العينين أنّه الشيخ الوحيد الذى ارتدى البدلة وهو يقرأ القرآن والطربوش على رأسه فى تلك الفترة.وقد حدث له موقفا طريقا فى تركيا عندما سافر لبقرأ القرآن فى مساجدها.وكان يرتدى البدلة والطربوش..وكان ارتداء الطربوش أنذاك ممنوعا امتدادا لتعاليم أتاتورك العلمانى..فما كان من الشيخ إلّا أن أخرج شالا من جيبه وتعمم به خروجا من هذا المأزق.

إبداع الشيخ:

كان الشيخ أبو العينين له طريقة إعجازية فى إظهار جمال القرآن الكريم بصوته الرخيم وفهمه المنضبط.. فكان يزيد المفردات نورا فوق نورها الربّانىّ..فيصور المعانى ومعانى الصور.وتَبِعه فى هذا المسلك الشيخ… المنشاوى.والشيخ.. حصان.والشيخ..حمدى الزامل.

قرأ ذات مرة من سورة القصص….فجاءته إحداهما تمشى على استحياء.قالت إنّ أبى يدعوك ليجزيك أجر ماسقيت لنا..فوقف الشيخ عند قوله..تمشى..ثمّ بدأ بقوله على استحياء قالت.فظن بعض المستمعين أنّه أخطأ..فرح له الشيخ سر البدء والوقف بقوله..الحياء فى القول ألزم منه فى المشى.ومن يستمع له وهو يقرأ سورة آل عمران من المسجد الأموىّ يجد أن الشيخ قد أبدع أيما إبداع.

وفاؤه لشريكة حياته:

كان الشيخ أبو العينين وفيا ومحبا لزوجه ومقدرا لها دورها فى حياته..فقد وقفت بجواره مشجعة ومؤازرة..وكانت الحياة تقوم بينهما على المودة والرحمة. وقد تحدث عنها بعد وفاتها..فذكر لها وفاءها.فقد كانت حريصة على توفير الجو المناسب للشيخ وتساعده على إيصال رسالته بالقرآن إلى محبيه. كانت حريصة على وداعه عند الباب ساعة خروجه.وتدعو له بالتوفيق والسداد فى عمله.وكلُّ همها إضفاء جو من السكينة والراحة له.وبعد رحيلها أغلق غرفة نومهما والفرد بغرفة أخرى..فلم يكن يفتحها إلّا صباح كلّ..فيدخلها وحده ويظل يقرأ القرأن الكريم مهديا مثل ثواب ما قرأ إلى روحها حتى يخرج إلى مصلاه.

عزوفه عن القراءة فى بيلا:

كان الشيخ أبو العينين مقرئا لجامع عمرو بن العاص منذ عام-١٩٦٩-إلى أن عُيّنَ عام-١٩٩٢-مقرئا لجامع السيدة..زينب.رضى الله عنها.وظلَّ به إلى أن توفاه الله. قرأ يوما فى مسقط رأسه فى مدينة بيلا بعد أن ذاع صيته.وبينما هو يقرأ إذ بأحد السُّفهاء يسمعه كلمة أغضبته.فحلف ألّا يقرأ بعد ذلك فى بيلا مرة أخرى.

أهل الشيخ فى مدينة بيلا:

تربطنى…كاتب المقال…صلة قرابة بالشيخ.فابن العم…ا.محمد عوض اليمانى المحامى.حفيد الشيخ..وابن ابنة أخت الشيخ.وأيضا كان لى صداقة وطيدة بابن أخيه الأستاذ..مصطفى أحمد شعيشع.عن طريق الأستاذ..أبو المعاطى الفرن.عليهما رحمة الله.والجدير بالذكر أن أهل بيلا كانوا فى وداع الشيخ الذى وافته المنية فى-٢١-من شهر رجب.١٤٣٢- -٢٣-يونيو-٢٠١١- عن عمر يناهز الثامنة والثمانين.قضاها فى خدمة كتاب الله..عزّ وجلّ. رحمه الله رحمة واسعة.

*كاتب المقال: موجه اللغة العربية بالأزهر الشريف سابقا.

رابط مختصر
2023-01-19
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر