لو أن “ابن الأثير” قام من قبره اليوم ، ورأى حال الأمة الإسلامية و العربية، لكتب نعياً أقسى من ذلك الذي كتبه عن سقوط بغداد !!!
الفارق الوحيد أن التتار حينئذ كانوا يذبحون الناس بالسيوف ، بينما اليوم نذبح أنفسنا بأيدينا !
في القرن الثالث عشر ، اجتاح المغول المشرق الإسلامي ، فسقطت بغداد – حاضرة الدنيا – في 40 يوماً من الذبح والحرق ، بينما الخليفة ” المستعصم ” يناقش في شعر المتنبي وأوزان العروض !
اليوم ، لدينا ” خلفاء ” جدد ، يناقشون ” السلام مع التتار الجدد ” بينما تذبح غزة وتحاصر القدس ، و تباع الأوطان بفتاوى ” التطبيع الاستراتيجي ” !!! الوزير ” مؤيد الدين بن العلقمي ” لم ينقرض!.. له أحفاد اليوم في كل عاصمة عربية … رجال يختزلون القوى ، ويبيعون القرار ، و يبررون الهزيمة بـ” الواقعية السياسية ” !
في القرن الـ13 ، أقنع الخليفة بتقليص جيش بغداد من 100 ألف إلى 10 آلاف … و ما اشبه اليوم بالبارحة ، يقنعنا “ورثة العلقمي” بأن ” المقاومة إرهاب ” ، و ” الممانعة حماقة ” ، و ” التسليم حكمة ” !
ولكن هل كان ” العلقميون ” وحدهم سبب السقوط ؟؟؟
لا … بل كان هناك :
الانقسام الأيوبي:
أمراء الشام يتقاتلون على حلب و دمشق ، بينما التتار على الأبواب !!!
اليوم ، لدينا ” أيوبيون العصر “:
مَن يبيعون فلسطين بـ” صفقة القرن “، و من يحاربون اليمن لأنها هزت عروش ” التبعية “، وحفظت بعض من ماء وجوهنا ك عرب المراق مَن يعتبرون ” المقاومة ” خطراً على ” الاستقرار ” !!!
الخيانة الفكرية :
حين ألقى المغول كتب ” بيت الحكمة ” في دجلة ، تحول النهر إلى لون الحبر و الورق معا … اليوم ، نلقي بـ” كتب المقاومة ” في سلة ” الترندات ” ، و نستبدلها بـ” مناهج التفاهة ” و ” ثقافة الاستسلام ” !
في لحظة الانهيار العباسي ، وقفت ” شجرة الدر ” كأسطورة كتمت موت زوجها الملك الصالح ، و قادت المعركة ضد الصليبيين في المنصورة … بينما اليوم ، نسأل: أين “شجر الدر” الرجال ؟!
الجواب :
منهم مَن يعتقد أن ” الدعاء ” سيوقف دبابات الاحتلال، و منهم مَن ينتظر ” المعونة الأمريكية ” لإنقاذ غزة ، ومنهم مَن يردد: ” السياسة لا تجلب بالشعارات “! نعم … لكنها أيضاً لا تبنى بالركوع و الخنوع !!!
السلطان ” قطز ” لم ينتصر لأن التتار كانوا ضعفاء ، بل لأن الأمة أنجبت رجالاً فهموا أن الوحدة ليست شعاراً جمع المصريين و الشاميين تحت راية واحدة، اليوم لدينا ” جامعة عربية ” تختلف على ” صيغة البيان ” !!!
الخيانة تقطع رؤوسها :
أعدم ” قطز ” رسل المغول الذين جاءوا بتهديدات ” استسلموا تسلموا ” !!!
اليوم ، نستقبل رسل التطبيع بالورود و الحفاوة و القبلات بلا حياء أو نخوة!
الاقتصاد سلاح :
صادر قطز أموال الأمراء لتمويل الجيش.. اليوم، تسرق أموال الشعوب لتمويل القصور و اليخوت و هدايا السيد الأمريكى !!!
النهاية..
هل نستحق النصر ؟؟؟
سؤال قاسٍ، لكنه ضروري:
لو أن ” العز بن عبد السلام ” خرج اليوم ليخطب في الأمة ، فهل سيجد من يصغي ؟؟؟ أم سيتهمونه بـ” التطرف ” ؟؟؟
لو أن ” قطز ” طلب منا مقاطعة البضائع الداعمة للاحتلال ، فهل سنستجيب ؟؟؟ أم سنقول ” الاقتصاد أولاً ” ؟؟؟
التاريخ لا يرحم، الأمة التي لا تتعلم من سقوط بغداد، مصيرها أن تعيشه مرة تلو مرة، “التتار الجدد” ليسوا فقط في واشنطن وتل أبيب.. بل في كل خائن ، كل جبان ، كل منافق باع القضية بـ” ريال ” ، و ب ” درهم ” !!!
الخيار بيننا :
إما أن نصنع ” عين جالوت ” جديدة.. أو ننتظر مَن يكتب نعينا كما كتب ابن الأثير !!!
*كاتبة المقال: صحفية مصرية.