اللاجئون السوريون في لبنان.. الأزمة والحل!

آخر تحديث : السبت 18 يوليو 2020 - 11:40 صباحًا
اللاجئون السوريون في لبنان.. الأزمة والحل!

>> المحتجون: النخبة يستفيدون من مناصبهم ويدمرون الاقتصاد

>> انهيار العملة يعيق استيراد السلع.. والمؤسسات الدولية لها دور كبير في دعم الاقتصاد اللبناني

>> خبراء: السوريون قادرون على دعم قطاع التصنيع والحفاظ على الأمن الغذائي

يتأرجح لبنان على حافة فشل اقتصادي كامل، فقد فقدت عملته أكثر من 80 في المئة من قيمتها خلال الأشهر التسعة الماضية، وأرغم انقطاع التيار الكهربائي المستشفيات على وقف استخدام أجهزة تكييف الهواء، فيما يحذر الخبراء من احتمال حدوث مجاعة.

وأمام هذا الواقع الصعب، اندلعت الاحتجاجات في أنحاء البلاد في أكتوبر الماضي، اعتراضا على ما اعتبره المحتجون سنوات من السياسات الطائفية الفاسدة والاختلاسات الاقتصادية، وما زالت الاحتجاجات مستمرة في الوقت الحالي.

ويبدو أن ما يدفع المحتجين هو إجماع مشترك غير طائفي على نطاق واسع على أن النخب السياسية، والاقتصادية والطائفية (وغالبا هم نفس الأشخاص) لا يستفيدون فقط من مناصبهم، بل أيضا يدمرون الاقتصاد.

ويقول الباحث ببرنامج الشرق الأوسط ويل تودمان، والباحث إيرول يايبوك، نائب مدير مشروع الرخاء والتنمية بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية الأميركي، في تقرير لهما نشره موقع المركز إن بعض السياسيين اللبنانيين يلقون باللوم على اللاجئين السوريين في ما يشهده لبنان من صراعات، ويزعمون أن السوريين يقوّضون العمال اللبنانيين وينتزعون فرص عملهم. وهؤلاء السياسيون على خطأ. فاللاجئون ليسوا مسؤولين عن أزمة لبنان، بل هم في الحقيقة يمثلون مخرجا واعدا من هذه الأزمة.

وسبق أن كشفت تغريدات لبعض وجوه الساحة السياسية في لبنان أن اللاجئين غير مرغوب بهم، واتهمتهم أوساط شعبية بالعنصرية.

لكن الوقت قد حان لأن ينظر صانعو السياسات للنازحين المجبرين ليس كمجرد عبء على المجتمع، ولكن كفرص لنمو اقتصادي شامل وواسع النطاق. ويتعين على صانعي السياسات الدوليين تشجيع الحكومة اللبنانية على السماح للاجئين بالعمل، وتعزيز إمكانياتهم، وتمكينهم من إعالة أنفسهم، وتحفيز ضخ مطلوب بشدة لأموال جديدة في اقتصاد البلاد.

وذكر التقرير أن الحكومة اللبنانية تأمل في أن يؤدي حصولها على قرض من صندوق النقد الدولي إلى إنقاذها. ولكن حتى بعد تلقي القرض، سوف يحتاج لبنان إلى إعادة التفكير في أسس اقتصاده وكيف يعامل مواطنيه والنازحين في البلاد. وفي كل عام تزداد فجوات تمويل مساعدة اللاجئين السوريين، وليست هناك دلائل على أن اللاجئين سيعودون إلى بلادهم في أي وقت قريب.

ومع بدء تراجع الدعم من جانب الجهات الدولية المانحة، من الممكن أن يظهر ممثلو القطاع الخاص كشركاء مفيدين. وإذا ما قام صانعو السياسات اللبنانيون بخلق ظروف مساعدة، ودعم مرونة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والسماح للاجئين بالعمل، من الممكن أن تشارك المؤسسات الدولية بصورة أكبر في لبنان بمجرد خروجه من الأزمة وأن تكشف الفرص التي تفيد اللبنانيين المحتاجين واللاجئين على السواء.

ويستطيع القطاع الخاص الإسهام في التوصل إلى حلول لهذه الأزمات بعدة طرق. أولها، أن الاستثمار في مجتمعات النازحين ومجتمعات اللبنانيين المحتاجين سوف يحفز زيادة فرص العمل، ويخلق فرص عمل جديدة للاجئين والمجتمعات المضيفة لهم على السواء، بالإضافة إلى ضخ أموال جديدة في الاقتصاد اللبناني.

وثانيا، فإنه نظرا لأن انهيار العملة اللبنانية يجعل من الصعب الحصول على الكثير من السلع المستوردة، يمكن أن يعزز اللاجئون قطاع الإنتاج الغذائي المحلي، مما يساعد في الحفاظ على الأمن الغذائي. وثالثا، فإن انخفاض سعر الصرف سوف يشجع الصادرات اللبنانية، والسوريون قادرون على تعزيز قطاع التصنيع.

وعندما تفشت جائحة كورونا في لبنان، حاولت الحكومة حماية العمال اللبنانيين بوضع المزيد من القيود المشددة على قدرة اللاجئين السوريين على العمل. ولكن في حقيقة الأمر يعتبر السماح للاجئين بالعمل أمرا مهما بالنسبة للبنان لجذب الاستثمارات الخارجية وتعزيز اقتصاده.

ويقول الباحثان تودمان ويايبوك إنه بعد التراجع الاقتصادي العالمي نتيجة جائحة كورونا، سوف تصبح الأسواق الناشئة أكثر جذبا للمستثمرين من القطاع الخاص ومن الممكن أن يكون توفر العمالة الرخيصة ميزة، إذ أن وجود ظروف ملائمة لنمو القطاع الخاص ستمكن المستثمرين من الاستفادة من توفر العمالة الماهرة وغير الماهرة من بين النازحين في لبنان لتعزيز القطاعات التي تعتبر غير تنافسية في ظل القوة العاملة اللبنانية. كما أن تمكين الاستثمار الخاص سوف يعزز تشغيل العمال اللبنانيين الذين يعانون.

وتوضح الأبحاث باستمرار أن اللاجئين مساهمون حقيقيون في النمو الاقتصادي على المدى الطويل، إذا سمح لهم بالعمل. فهم يتمتعون في الغالب بمهارات وخبرات تجعلهم قادرين بصفة خاصة على إقامة المشروعات. ويقول أصحاب الشركات إنه يمكن عادة الاعتماد على المهاجرين قسريا أكثر من غيرهم، وهم يبقون لفترة أطول في الشركات، وشكاواهم أقل بوجه عام.

ويشير التقرير إلى أنه عندما يتم رفع القيود المفروضة بسبب جائحة كورونا، ويعاد فتح المصانع، واستئناف النشاط الاقتصادي، سوف تتوفر للشركات التي تعتمد على التصدير فرصة جيدة. واللاجئون السوريون قادرون تماما على القيام بدور محوري في توسيع نطاق الصادرات الزراعية اللبنانية ولكن يتعين أيضا السماح لهم بالمشاركة في القطاعات الأخرى، مثل التصنيع، لزيادة الصادرات.

وخلص الباحثان إلى ضرورة قيام صانعي السياسات الدوليين بتشجيع الحكومة اللبنانية على تبني موقف جديد تجاه اللاجئين يفيد مجتمعات النازحين والمجتمعات المضيفة لهم على السواء. ويتعين في السنوات القليلة المقبلة أن تتحول المساعدات الدولية من مساعدات طارئة قصيرة الأجل إلى استثمارات أطول أجلا لتكون مكملة لمساهمات القطاع الخاص.

رابط مختصر
2020-07-18 2020-07-18
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر