كشفت دولة قطر اليوم الثلاثاء عن ميزانيتها للعام 2026، والتي من المتوقع أن يصل عجزها إلى 21.8 مليار ريال قطري، أي ما يعادل 5.99 مليار دولار أمريكي، حيث أعلن وزير المالية “علي بن أحمد الكواري” عن توقعات بزيادة في إجمالي النفقات بنسبة 5% مقارنة بالعام السابق، ليصل الإجمالي إلى 220.8 مليار ريال قطري. مقابل توقعات بحدوث نموا متواضعاً في الإيرادات لا يتجاوز نسبة 1%، لتصل إلى 199 مليار ريال قطري.
يأتي هذا الإعلان بعد فترة وجيزة من إعلان المملكة العربية السعودية عن عجز متوقع في ميزانيتها أيضاً، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت المنطقة الخليجية تواجه ضغوطاً اقتصادية متزايدة أم أنها تشهد مرحلة انتقالية تتطلب استثماراً مكثفاً خارج القطاع النفطي.
تشير المفارقة بين نمو النفقات الثابت وتباطؤ نمو الإيرادات والتي تشكل جوهر العجز المالي، إلى أن زيادة الإنفاق الحكومي في دول الخليج، ربما نتيجة لاستمرار الإنفاق على المشاريع التنموية الكبرى ضمن خطة التحول الاقتصادي بعيداً عن اقتصاد النفط.
عجز الميزانيات الخليجية ربما يكون مؤشراً على اتباع نمطاً اقتصادياً جديداً تشهده دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تسعى جميعها للابتعاد عن الاعتماد الكلي على إيرادات النفط والغاز. وتعتبر خطط “رؤية قطر الوطنية 2030” والسعودية “رؤية 2030” برامج طموحة تتطلب إنفاقاً رأسمالياً ضخماً على قطاعات غير نفطية مثل التكنولوجيا وخاصة الذكاء الاصطناعي، السياحة، والخدمات اللوجستية، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية المتصلة بها.
هذه البرامج، في مراحلها الأولية، تتطلب ضخ استثمارات هائلة تفوق أحياناً الإيرادات المباشرة، مما يفسر ظاهرة العجز. بما يعني أن العج لا ينم عن ضعف أو أزمة، بل يكشف عن زيادة في الإنفاق الاستراتيجي الموجه نحو تحقيق التنويع الاقتصادي المستقبلي.
وبالتالي قد تحتاج قطر، كما السعودية، إلى اللجوء إلى أسواق الدين العالمية أو استخدام جزء من احتياطياتها المالية لتغطية العجز وتمويل المشاريع، وربما تؤدي الزيادة في الإنفاق الحكومي إلى ضغوط تضخمية داخلية، فهل ستستمر هذه الدول رغم العجز، في مشاريعها التنموية والتحولية، لتقليل تعرضها لتقلبات سوق الطاقة العالمي؟













