لماذا تحارب تركيا “الأكراد” في سوريا ؟

رفض عربي.. وتوافق روسي أمريكي.. وصمت سوري

آخر تحديث : الثلاثاء 15 أكتوبر 2019 - 10:19 صباحًا
لماذا تحارب تركيا “الأكراد” في سوريا ؟
فاطمة خليفة:

* باحث في الشأن السوري:

>> “نبع السلام” انطلقت بمباركة روسية وبالتنسيق مع “دمشق” وتنفذها تركيا نيابة عن أمريكا >> “إردوغان” يهدف إلى جمع تمويل أوروبي ضخم لتسكين اللاجئين السوريين في شرق الفرات بعد ترحيل “الأكراد” >> المواجهة بين الجيشين التركي والسوري يمنح “دمشق” الاستعانة بمجلس الأمن الدولي لإنهاء الاحتلال التركي

بدأت تركيا، الأربعاء الموافق 9 أكتوبر الجاري، العملية العسكرية (نبع السلام) بسوريا ، وتبرر تركيا هجومها على شمال سوريا بدعوى حماية حدودها الجنوبية مع سوريا حيث عقر دار الاكراد ، و إقامة منطقة آمنة تهدف الى القضاء على الجماعات الإرهابية وجماعات الأكراد المسلحين والتى تمثل تهديدا لوحدة اراضيها على حد زعمها.

من ناحيتها اعلنت قوات سوريا الديمقراطية المعروفة باسم (قسد) عن خوضها الحرب ضد الهجمات التركية والتصدى للاحتلال التركى كما وصفته .

الرفض العربي لهجوم تركيا على سوريا

فى المقابل ثار الجانب العربى ممثلا فى التنديد السعودى والهجوم المصرى والاستنكار الرسمى للخارجية اللبنانية فى بيانها الاخير، مع صمت وغياب تام للنظام السورى عن المشهد كليا دون اى تعليق رسمى ، كما دعت الجامعة العربية لاتخاذ موقفا موحدا ضد الاعتداء التركي.

بين عاصفة الحزم ونبع السلام

رد الجانب التركى على الهجوم العربي الذى تعرضت له عملية ( نبع السلام ) موجها سؤاله الى السعودية عن الحرب التى تخوضها منذ ٥ سنوات باسم (عاصفة الحزم) داخل الأراضي اليمنية ايضا بدعوى الحفاظ على حدودها وسلامة أراضيها من التهديد الحوثى .

الموقف الإقليمى

أما على الصعيد الدولي، انضمت كل من إيران والمتواجدة في سوريا منذ قيام الثورة السورية عام ٢٠١١ بشكل مؤثر ومكثف سياسيا وعسكريا بجناحيها الايرانى ( الحرس الثورى ) واللبنانى ( حزب الله ) وأيضا إسرائيل التي تمطر سماء سوريا بالصواريخ ليلا ونهار نضمتا الى الرفض العربى لهذه العملية واصفة اياها بالاحتلال التركى لسوريا ، اما الموقف الاهم والاعجب كان لكل من روسيا وامريكا بعد استخدامهما حق الفيتو داخل مجلس الامن لوقف بيان رافض للعملية العسكرية التركية فى اشارة واضحة الى وجود تفاهم امريكى روسي تركى حول سوريا، لتبقى سوريا الرسمية حكومة وشعبا صامتة اذاء كل هذه التدخلات السياسية والعسكرية الخارجية .

نبع سلام أم احتلال

يرى بعض الخبراء ان هذه العملية العسكرية ترجمة فعلية للمطامع التركية فى الدول العربية وخاصة الأراضى السورية ، وفرصة تارخية لتركيا للقضاء على حلم الأكراد فى تحقيق دولتهم المنشودة ، ويرى المتفائلون منهم ان هذه العملية يمكنها ان تخلص الجنوب السورى من الجماعات المسلحة ومن ثم انشاء مناطق امنة تسهل من عودة اللاجئين السوريين الى بلدهم.

ويعلق الباحث محمد ابو سبحة المتخصص فى الشأن التركي عن العملية العسكرية نبع السلام قائلا فى البداية اود ان اوضح أن العملية العسكرية التركية المسماه “نبع الفرات” انطلقت في شرق الفرات شمال سوريا بمباركة روسية وبالتنسيق مع دمشق بوساطة من موسكو.

الهدف الحقيقي والخفى من العملية

وأوضح “أبو سبحة” أن هدف العملية المعلن من قبل تركيا محاربة تنظيم “داعش” وإقامة “المنطقة الآمنة” وهي فكرة تبنتها الولايات المتحدة سابقا، لكن كان من الصعب عليها قبول تنفيذها بالشروط التركية، ففضل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب قواته من شرق الفرات وقبول اتهامه بخذلان الأكراد بدلا من اتهامه بالمشاركة في القضاء عليهم، وفي الحالتين هناك رغبة أمريكية ستتحقق.

أما الهدف الرئيس لإطلاق العملية التركية، القضاء على المساعي الكردية لإقامة كيان يتمتع بالحكم الذاتي في منطقة شرق الفرات وهو هدف قومي تلتقي فيه مصالح أنقرة مع دمشق التي باتت أكبر الأراضي السورية الخارجة عن سيطرتها تلك الموجودة في شرق الفرات وتقدر بنحو 26 بالمئة، في حين أن سيطرة المعارضة لا تتجاوز حاليا 9 بالمئة وتتركز في إدلب.

ولفت “أبو سبحة” إلى أن الرئيس التركي أردوغان لديه كذلك أهداف اقتصادية من وراء مشروع المنطقة الآمنة حيث يريد جمع تمويل ضخم من أوروبا لإقامة مناطق سكنية للاجئين السوريين، تعمل فيها شركات المقاولات التركية، ويتخلص في الوقت ذاته من العبئ الاقتصادي للاجئين السوريين في بلاده، بترحيلهم إلى المنطقة الآمنة.

بدء عمليات النزوح والتهجير للأكراد فرارا من الحرب

وأضاف “أبو سبحة”: ان أكبر الخاسرين من العملية التركية بالطبع هم الأكراد ، إذ أن تحالفهم مع أمريكا كان تحالفا فرضته الظروف للقضاء على تنظيم “داعش”، بينما كانوا ينتظرون أن يكون تحالفا استراتيجيا طويل الأمد، ورأى “ترامب” في “أردوغان” الطامع في اقتطاع أراض سورية وضمها إلى جنوب تركيا، شرطيا مناسبا يمكنه مؤقتا سد فراغ انسحاب قواته التي يتكلف وجودها الكثير من الدولارات، لمنع عودة “داعش”.

كذلك فشلت مساعي الأكراد في بناء تحالف مع النظام الحاكم رغم عدم معارضتهم له، إذ أن شرط منحهم حكما ذاتيا مقابل التحالف لم يكن مقبولا لدى دمشق، مما يزيد من حجم خسائرهم.

وفسر “أبو سبحة” الموقف السورى بأن حكومة النظام السوري أكبر المستفيدين إذ أن العملية التركية، ستقلص من ناحية النفوذ الكردي وتضعف موقف الأكراد في التفاوض على إقليم ذا حكم ذاتي بعد تخلي واشنطن عنهم، ومن ناحية أخرى ستمهد لاستعادة السيطرة على المنطقة لأنه لن يطول الوجود التركي في سوريا، فحالة التهدئة التي يشهدها الشمال السوري الذي تنتشر به نقاط مراقبة تركية، يمكن أن تتبدل بين ليلة وضحاها إذا استأنف الجيش السوري بأوامر روسية تحركه للسيطرة على إدلب، وعند اي مواجهة بين الجيش السوري والتركي سيتم اعتبار الأخير قوة احتلال في سوريا بموجب القانون الدولي ما يمنح دمشق حق الاستعانة بمجلس الأمن الدولي لإنهاء الاحتلال التركي.

وبسؤاله لماذا أكراد سوريا تحديدا أجاب، لأن أكراد تركيا يرفضون تحركات اردوغان لكسر النفوذ السياسي والعسكري لأكراد سوريا، لكنهم يعجزون عن تقديم دعم حقيقي لهم في ظل حصار خانق تفرضه الحكومة على الكرد في جنوب وشرق تركيا على جميع الأصعدة.

رابط مختصر
2019-10-15
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر