عندما يصبح الحصانُ قنصلاً 

آخر تحديث : الجمعة 12 مايو 2023 - 9:52 صباحًا
بقلم: جوزف الهاشم 
بقلم: جوزف الهاشم 

… ويبقى انتخاب رئيسٍ للجمهورية في لبنان هو الحدث …

والكاتب السياسي إذا ما تخطىّ آنيَّـةَ الحـدث ومـدَى أهميتهِ وتأثيرهِ الإنعكاسي على الشأن الوطني والسياسي يصبح خارجَ المكانِ والزمان وخارج لحظـةِ التاريخ .

إننا محكومون إذاً بمواكبة الإنتخاب الرئاسي بالتكرار الممـلّ ، وليس علينا أن نجتهد في تحليل الأحداث الإقليمية والدولية على سخونتها ، ما دامت النار تتسلّل إلينا ونحن نحترق باللّهب .

ويقولون : إنَّ الإستحقاق الرئاسي في لبنان هو شأنٌ داخلي … هكذا اكتشف “كولومبس” وزارة الخارجية الأميركية وسائر الدبلوماسيات العربية والدولية .

الحقائب الدبلوماسية لا تحمل رسالة الإمام علي إلى الوالي “الأشتر” على مصر وهي أعظم برنامجٍ للحكم ، ولا تحتوي على فصولٍ من رسائل بولس الرسول .

والسفراء لهم لغتُهم ، يتكلمون بلغةِ الشيفرة ولغـةِ الجسد ولغـةِ الإيمـاء والترميز .. وهناك شيطانةٌ سحرية إسمها كلمة السرّ .

حين تتكلم دبلوماسيةٌ عن “الحوار” لإنجاز الإستحقاق الرئاسي فهذا يشكّل موقفاً ، وحين تـرى دبلوماسية أخرى “أنّ الإستحقاق الرئاسي شأن داخلي” “سيادي” فكلمة سيادي تفسّر موقفاً .

الإستحقاق الرئاسي عندنا هـو دبلوماسي ، والإستحقاق الدبلوماسي داخلي ، والداخل عندنا خارجي ، والخارج يقـف وراء الداخل والوراء عندنا يمشي إلى الوراء .

الدول تحترم إرادة الشعوب الداخلية عملاً بشرائع الأمـم المتحدة والوثائق الدولية ووثيقة الإتفاق الإيراني – السعودي في الصين .

ولكنّ الوثائق لا تقمعُ المشاعر وشهوةَ المصالح ، ليكون لكلّ دولة عربية أو إقليمية أو دولية ناطق رسمي في لبنان .

أقولُ أنا كما تبغونَ أنتمْ       وأنتمْ قائلونَ بما أقـولُ

وهكذا يصبح الإستحقاق الرئاسي وكـلُّ استحقاق عندنا كأنّـه مِلْـكٌ ضائعٌ نبكي عليه مثل النساء ، وليس بين الجموع رجـلٌ تخشى الحسناء أنْ تخلعَ أمامَـهُ ستْـرَها .

وحتّى يمـنّ علينا اللـهُ بداخلٍ لبنانيٍّ يرفـع رأسه عنفواناً ، لا يرفـع ساعديه استسلاماً ولا يمـدّ يديـهِ لولاءٍ أو استعطاء ، فقد تظل كـلّ استحقاقاتنا الداخلية تتحطّم بالفراغ ، ويظـل كـلُّ خارج يعيّـنُ عندنا حصانَـهُ قنصلاً .

وقديماً ، ثارَ جنونُ العظمة بالأمبراطور الروماني “كاليغولا” فعيّن حصانه قنصلاً بعما شاء أن يعيَّنـهُ كاهناً فوجّـه أسوأ إساءةٍ إلى أهل الأرض وحكّامها وأهلِ السماء وأنبيائها .

ليـتَ الذين يصابونَ بجنون العظمة يعلمون كيف كانت نهاية الأمبراطور الروماني كاليغولا .

*كاتب المقال: وزير لبناني سابق.

رابط مختصر
2023-05-12
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر