الابتكار في ظل الخناق.. كيف نجحت إيران في بناء منظومة جوية متطورة رغم الحصار الاقتصادي؟

آخر تحديث : الخميس 19 يونيو 2025 - 8:25 مساءً
الابتكار في ظل الخناق.. كيف نجحت إيران في بناء منظومة جوية متطورة رغم الحصار الاقتصادي؟

تمطر الصواريخ الإيرانية سماء إسرائيل بشكل يومي منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية فجر الجمعة 13 يونيو، والتي بلغت وفق التقارير حوالي 350 صاروخاً خلال عملية “الوعد الصادق 3” ضد إسرائيل، مما يُظهر حجم الترسانة المتاحة للاستخدام الفوري.

رغم العقوبات الدولية التي تواجهها منذ عقود، نجحت إيران في بناء ترسانة صاروخية متطورة وضعتها في مقدمة القوى العسكرية في منطقة الشرق الأوسط، حيث استطاعت من خلالها مواجهة الحرب الإسرائيلية ورد الهجمات الإسرائيلية بوابل من الصواريخ الباليستية بعيدة المدى مثل صاروخ “سجيل” و”فتاح” الفرط صوتي المتقدمة التي أعلن عنها الحرس الثوري الإيراني مؤكداً أن القدرة الهجومية للصواريخ الإيرانية مركزة ودقيقة وستواصل أهدافها.

فكيف استطاعت إيران رغم الحصار الاقتصادي والسياسي الخانق تحقيق الاستقلال العسكري في الصناعات الدفاعية، وتطوير نظام السلاح الجوي من خلال صناعة صواريخ متقدمة لا يمتلكها أحد في الشرق الأوسط غيرها؟

من التحديات إلى الإنجازات: تاريخ تطوير سلاح الجو الإيراني:

بدأ البرنامج الصاروخي الإيراني فعلياً خلال الحرب العراقية الإيرانية عام 1980، عندما واجهت إيران نقصاً حاداً في الأسلحة المتطورة بسبب العقوبات الدولية. مما اضطرها آنذاك للاعتماد على مصادر غير تقليدية للحصول على التكنولوجيا العسكرية، فاستعانت في البداية بكوريا الشمالية وباكستان.

ظلت إيران بعد إنتهاء الحرب العراقية عام 1988، تسعى لامتلاك منظومة صاروخية متطورة خلال مرحلة ما بعد الحرب ركزت إيران على تطوير قدراتها المحلية في صناعة الصواريخ. وأسست منظمة الصناعات الجوفضائية الإيرانية كجهة رئيسية لتطوير وإنتاج الصواريخ، وبدأت في تطوير عائلة صواريخ “شهاب” بمدى يتراوح بين 300 إلى 2000 كيلومتر.

تطور سلاح الجو الإيراني: استراتيجيات النجاح تحت الحصار:

شهدت السنوات الأخيرة قفزة نوعية في البرنامج الصاروخي الإيراني، مع تطوير صواريخ متطورة مثل “خرمشهر” و”سجيل” و”فتاح” الفائق السرعة،

صاروخ خرمشهر (Khorramshahr):

استطاعت إيران في عام 2017 تحقيق نقلة نوعية في منظوماتها الصاروخية تمثلت في صاروخ خرمشهر (Khorramshahr) ويعد من أهم إنجازات البرنامج الصاروخي الإيراني، وهو صاروخ باليستي متوسط المدى يعمل بالوقود السائل ويتراوح مداه بين 1000-2000 كيلومتر، يمكنه حمل رؤوس حربية متعددة.

صاروخ خيبر (Kheibar) – الجيل الرابع:

تم الكشف عن صاروخ خيبر (Kheibar) – الجيل الرابع والذي يُعرف أيضاً باسم خرمشهر-4 ، ويصل المدى: 2000 كيلومتر، والحمولة: 1500 كيلوغرام

صاروخ سجيل (Sejjil)

وهو الصاروخ الذي استخدمته إيران في الهجوم الأخير على إسرائيل وقد حقق نجاح هائل في اختراق منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلي وهو صاروخ باليستي ثنائي المراحل يعمل بالوقود الصلب، ويتميز بصعوبة اكتشافه وسرعة إطلاقه مقارنة بالصواريخ السائلة.

صاروخ فتاح الفائق السرعة:

استخدمت أيضا إيران صاروخ “فتاح” الفرط صوتي في الهجمات الأخيرة على إسرائيل، كتجربة أولى للسلاح الفرط الصوتي في الشرق الأوسط وهو يُعتبر من أحدث إنجازات إيران في مجال الصواريخ فائقة السرعة، والذي تم الكشف عنه مؤخراً كجزء من استراتيجية الردع التقليدية.

العقوبات الاقتصادية والسياسية: كيف واجهت إيران العقوبات لتطوير قوتها الجوية؟

استطاعت إيران تجاوز العقوبات والتحايل على الحصار محققة مخزون هائل من الصواريخ يفوق أكثر من 3000 صاروخ باليستي، وهو ما يجعلها تملك أكبر ترسانة صاروخية في المنطقة.

واجهت إيران سلسلة من العقوبات المتصاعدة خاصة في السنوات الأخيرة، استهدفت الجهات المصنعة للمكونات المحلية، تمثلت في عقوبات على كيانات وأفراد متورطين في شراء مكونات الصواريخ ، وكذلك عقوبات على 6 كيانات صينية تورد مكونات للبرنامج الإيراني.

رغم تلك العقوبات، استطاعت إيران تحقيق قفزة نوعية في قدراتها الدفاعية والهجومية من خلال اتباع استراتيجية الاكتفاء الذاتي والاعتماد على الصناعة المحلية.

التطوير المحلي والاكتفاء الذاتي

اعتمدت إيران على استراتيجية “الجهاد الاكتفائي” من خلال منظمة البحث والاكتفاء الذاتي للحرس الثوري، التي تركز على تطوير التكنولوجيا العسكرية محلياً. هذا النهج قلل اعتمادها على الواردات الخارجية المحظورة.

شبكات التهريب والوسطاء

طورت إيران شبكات معقدة من الوسطاء والشركات الوهمية لتهريب المكونات الحساسة. وفقاً للعقوبات الأمريكية الأخيرة في مايو 2025، تستخدم إيران شبكات تمتد من الصين وهونغ كونغ إلى فنزويلا لتهريب مكونات الصواريخ.

التكنولوجيا مزدوجة الاستخدام

ركزت إيران على تطوير تقنيات لها استخدامات مدنية وعسكرية، مما يسهل الحصول على المكونات دون إثارة الشكوك. على سبيل المثال، مواد مثل “بيركلورات الصوديوم” و”ديوكتيل سيباكات” المستخدمة في وقود الصواريخ.

التعاون الإقليمي والدولي

رغم العقوبات، حافظت إيران على علاقات تعاون مع دول مثل كوريا الشمالية وروسيا والصين في مجال تبادل التكنولوجيا العسكرية. مؤخراً، زودت إيران روسيا بصواريخ باليستية لاستخدامها في أوكرانيا.

الاستثمار المالي

رغم عدم توفر أرقام دقيقة، تشير التقديرات إلى أن إيران تخصص مليارات الدولارات سنوياً لتطوير برنامجها الصاروخي، محققة عائداً استثمارياً مرتفعاً من خلال التصدير إلى حلفائها الإقليميين.

من الحصار إلى الابتكار.. التحدي الإيراني الإسرائيلي:

ما زالت إيران تواجه تحديات في تطوير تقنيات متقدمة مثل أنظمة التوجيه الدقيقة والرؤوس الحربية القابلة للمناورة، مما يدفعها للاعتماد على الحلول التقنية المبتكرة محلياً، والاستدامة الاقتصادية إذ تسعى إيران لجعل برنامجها الصاروخي مستداماً اقتصادياً من خلال زيادة المكونات المحلية وتقليل الاعتماد على الواردات.

تكمل إيران برنامج الصاروخي بتطوير جيل جديد من الصواريخ فائقة السرعة والصواريخ العابرة للقارات، مما قد يوسع مداها إلى ما بعد 3000 كيلومتر، بالإضافة إلى استثمارها في تطوير أنظمة توجيه أكثر دقة وقدرات مضادة للاعتراض، مما يحسن فعالية صواريخها الحالية.

في المقابل تمتلك إسرائيل تقنيات أكثر تطوراً ومنظومة دفاع جوي متطورة استطاعت من خلالها الحد من خطورة الصواريخ الإيرانية،كما أن المساعدات العسكرية الأمريكية الغير محدودة والغير مشروطة لإسرائيل يمكن أن تضمن لها التفوق على إيران في المجال الجوي.

بالرغم من كل ما سبق نجح البرنامج الصاروخي الإيراني في تغيير موازين القوى في المنطقة، حيث أصبحت إيران قادرة على تهديد أهداف استراتيجية في نطاق 2000 كيلومتر من حدودها. من خلال قدرتها على الإنتاج المحلي الواسع النطاق، مما يوفر لها استقلالية أكبر مقارنة بالدول التي تعتمد على الواردات العسكرية.

رابط مختصر
2025-06-19 2025-06-19
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر