العلاقة بين إيران والولايات المتحدة تمرّ بمرحلة توتر مزمن، لكنها لا تزال ضمن حدود مدروسة لا تصل إلى مواجهة مباشرة شاملة.
الطرفان يدركان أن الإنزلاق إلى حرب مفتوحة ستكون كلفته باهظة، ولذلك يفضلان خوض صراعات غير مباشرة، سواء عبر العقوبات، أو الضربات بالوكالة، أو الحروب السيبرانية.
إيران من جهتها تواصل تعزيز نفوذها الإقليمي عبر أذرعها في لبنان، سوريا، العراق واليمن، بينما تحاول واشنطن وحلفاؤها إحتواء هذا التمدد دون التورط في صدام مباشر… أما الأنظمة العربية تلعب دوراً مزدوجاً، فهي من جهة تخشىٰ تصاعد النفوذ الإيراني وتهديده لأمنها، ومن جهة أخرى لا تريد حرباً تدمّر إقتصادها وتزعزع إستقرارها الداخلي. لذلك تتجه بعض الدول العربية الكبرىٰ، مثل السعودية، إلى إنتهاج سياسة تهدئة مع إيران كما حدث مؤخراً برعاية صينية.
هذه الأنظمة تسعىٰ إلى إبقاء إيران تحت السيطرة عبر التفاوض والدبلوماسية، لا عبر التصعيد العسكري.. أما الحديث عن “حرب تغييرية”، فالأرجح أننا لا نتجه نحو حرب تقليدية بتغير المعادلات بالقوة، بل نحو تحولات إستراتيجية أعمق وأبطأ، تتمثل في إعادة ترتيب التحالفات، وبروز أدوار جديدة لقوى غير تقليدية، وإنزياح تدريجي في موازين النفوذ الإقليمي.
الحرب التغييرية إن وُجدت، ستكون سياسية وأمنية ونفسية، أكثر منها عسكرية، مع بقاء شبح التصعيد حاضراً في حال إرتُكبت أخطاء غير محسوبة من أحد الأطراف.
*كاتب المقال: إعلامي لبناني.