أثقلنا عليكِ يا بلدي…
فكأنكِ تحملين همّ أبنائكِ من رحمك، وأبناء من رحم المسؤوليّة. كأنما كُتب عليكِ أن تكوني “أم الدنيا” وتتولي أحمالها، فصرنا نحن – معكِ – ورثة تلك الكنية، وكأن من سمّاكِ قد ألقى على عاتقكِ أعباء العالم، وعلى من أحبكِ إرثًا من الوجع لا يُورَّث.
لكننا سنبقى على العهد، ندعو لإخوة لم تلدهم أمهاتنا، ولبلاد ورثنا عنها المسؤولية… عنكِ يا أمّ الدنيا.
نتقاسم هذا الإرث بقسمَين:
قسمٌ يغار عليكِ حدّ التقديس، فلا يقبل لكِ الضعف، ولا يرضى لكِ الزجّ في أتون المعارك، ليس بخلًا منه على إخوته بالحرية، ولكن لخوف يكسو روحه، فأنتِ أمّه.
وقسمٌ آخر…
يودّ لو يفتك بنفسه فداءً لإخوته، فمحبتهم من محبتكِ، يا غالية… يا عالية.
فلا هذا جاحد، ولا ذاك أعمى.
كلاهما عاشق متيم بكِ، فمن أراد البعد، نزف دمه شوقًا، وتمنّى النصر لإخوته، وهو يكفّن روحه ألف ألف مرة في اليوم مع كل صرخةٍ منهم. ومن أراد الانغماس،تمزّق قلبه خوفًا عليكِ، وعلى إخوةٍ خرجوا من رحمك.
ولكننا على يقين…
أننا، رغم الإنهاك والخذلان، سنظل نقف على حافة الرجاء، نمدّ النور من دعائنا، ونصنع منه جسرًا إلى غدٍ تملؤه الانتصارات. سنظل نؤمن أن الدعاء يشعل البراكين، ويزلزل الأرض، فتنشق منبتةً أشواكًا تنهش أجساد الظالمين، وتهطل السماء سجيلًا رجومًا للشياطين. تلك جنود الله… فاستحضروها باليقين، تأتيكم أبابيل.