سلاحُ السكاكين

آخر تحديث : الجمعة 15 أغسطس 2025 - 1:37 مساءً
بقلم: جوزف الهاشم
بقلم: جوزف الهاشم

لست أدري بما نحن عليهِ من تدمير وتكفير ، ما إذا كان علينا أن نستهلَّ كلّ مقالٍ بالتمجيد ، حتى لا يُشبهَ الخطبة البتراء :

التمجيد للّه تعالى ، والتمجيد للبنان تعالى ، الذي هو “أحدُ جبالِ الجنّـة”، كما يصفـهُ النبيّ … والذي “ترى فيه بعينيك وقْـعَ قدمَي الله” ، كما يقول الشاعر الفرنسي والسياسي الكبير ..”لامرتين” .

ولكن ، أين هو لبنان ، أحد جبال الجنّـة …؟ لبنان الوطن والكيان والدولة والإنسان ، يترنّح على قعقعة حوافر الخيول الغاضبة ، ومعمعة قرار حصرّية السلاح الصاخبة .

لأنني أنا : لبنانيٌّ جداً ، وعربيّ جداً ، ومسلم ـ مسيحيًّ جـداً ، فلا بـدّ من دعْم أيّ مقاومة وطنية ضـدّ أي معتدٍ ، ملاكاً كان أو شيطاناً .

ولأن إسرائيل هي عندي أيضاً شيطانٌ أكبر ، وحبّ الوطن عندي من الأيمان، فمنَ الطبيعي أن يكون هناك عداءٌ بين الإيمان والشياطين .

أمّا بعد ، وبصرف النظر عن قرار مجلس الوزراء اللبناني حول تسليم السلاح، وإنْ بأكثرية جامعة ، فأنا من الداعين إلى معالجته بإرادة لبنانية جامعة ، وإلاّ ، فما هي المعادلة …؟

إذا أخفقتْ مهمّـةُ السلاح في مواجهة الحرب الساخنة ضـدّ إسرائيل ، فهل تنجح في شنّ حرب ساخنة أو باردةٍ فيما بين اللبنانيين …؟

وعندي ، أنَّ سلاحاً بالسكاكين يحارب بـه اللبنانيون كلُّهم جميعاً ، هو أفضلُ وأَجْدى من سلاحٍ بالصواريخ يحارب بـه فريقٌ لبناني واحد .

في مجال آخر ، وبالرغم من المعرفة الودودة التي تربطُنا بمقامات إيرانية عليا .

وبالرغم من الطابع التجميلي لبعضِ تصريحات الدكتور علي لاريجاني ، مسؤول الأمن القومي الإيراني خلال زيارته لبنان هذا الأسبوع ، “بأن إيران لا تتدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية ، وأنها تحترم القرار الذي تتخذه الحكومة اللبنانية” .

فلا بـدّ من إعادة التذكير بما أعلنه السيد علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الأعلى : “بأنّ المقاومة في لبنان ستقف في وجـه المؤامرات التي تهدف إلى نـزع سلاحها ، ونحن سنساعد هذه المقاومة …”

وما أكـدّه وزير الخارجية الإيراني السيد عباس عراقجي : “بأن قرار مجلس الوزراء اللبناني سيفشل ، ونحن نساعد حزب الله للدفاع عن نفسه .

وما كرّره نائب رئيس فيلق القدس في الحرس الثوري الإسلامي “إيرج مسجدي” أن الذين يحلمون بنزع سلاح حزب الله سيحملون هذا الحلم معهم إلى القبر ، وإن هذا المشروع لن يمـرّ في مجلس الدفاع اللبناني ، ونحن حاضرون لأيّ سيناريو …”

هذا الكلام ، وما هو شبيهٌ لـهُ ، لا أرى فيه أيّ مصلحة لإيران ولا لحزب الله ، لأنـه :

أولاً : يبطّن تهديداً للسلطة اللبنانية السياسية والعسكرية ويستفزُّ إرادة الشعب اللبناني .

ثانياً : يحمّل حزب الله مـرّة جديدة مخاطرةَ المواجهة العسكرية مع الوعد بالمساندة.

ثالثاً : يقلّص الإلتفاف اللبناني حول حزب الله ، ويطرح تفسيرات مبهمة لدى معظم اللبنانيين عما إذا كان حزب الله هو حزبٌ لبناني أو حزبٌ إيراني .

رابعاً : يشكل ذريعة إضافية تستغلّها إسرائيل دولياً بحجّـة أنها تحارب جمهورية إيران في لبنان من خلال استهداف حزب الله .

أرفض الإفتراض ، أنَّ دعم إيران لحزب الله سيكون في وجـهِ الداخل اللبناني …

وأرفض الإقتناع بصوابية دعم الحزب لمواجهة منفردة ضـد إسرائيل ، فهذا يعني قتلَ شعبٍ آمـنٍ ، والمسألةُ فيها نظر .

أمّـا ، أن تتعهَّد إيران بدعم حزب الله ولبنان ضـدّ إسرائيل ، فتنخرط معنا عملياً وميدانياً في الحرب برجالها وسلاحها ، لإزالة الإحتلال ، وردع الإعتداءات والمسيَّرات ، وحماية قادة حزب الله من الإغتيالات ، فأنا ، اللبناني جداً ، مستعدّ إذْ ذاك أنْ أقاتل تحت رايتها حتى ولو تخليّتُ عن سيادتي .

*كاتب المقال: وزير لبناني سابق.

رابط مختصر
2025-08-15 2025-08-15
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر