اللواء دكتور وائل ربيع: “الأسد الصاعد”.. ضربة تدمير استراتيجية للعمق الإيراني

آخر تحديث : الثلاثاء 17 يونيو 2025 - 11:07 مساءً
اللواء دكتور وائل ربيع: “الأسد الصاعد”.. ضربة تدمير استراتيجية للعمق الإيراني
لواء دكتور وائل ربيع

>> “الأسد الصاعد” شكلت ضربة قاتلة لمنظومة القيادة والسيطرة في القوات المسلحة الإيرانية

>> تحول استراتيجي في الانتقال من أعمال الاغتيالات والعمليات السرية إلى المواجهات العسكرية المفتوحة

>> دولة الاحتلال الإسرائيلي تهدف إلى منع إيران من امتلاك القنبلة النووية

>> الضربات كشفت عن مدى التنسيق الهائل بين جهازي المخابرات الإسرائيلية والأمريكية

>> تصاعد المواقف الدولية ضد إسرائيل.. ودعوة السعودية وفرنسا لتجديد حل الدولتين.. وعرقلة المفاوضات النووية بين أمريكا وإيران.. والمطالبة بإقالة نتنياهو.. والنشاط الزائد للمقاومة الفلسطينية.. عوامل دفعت توجيه الضربة الإسرائيلية لإيران

>> خطة خداع أمريكية إسرائيلية للإيقاع بإيران 

>> الضربة ألغت مفاوضات سرية بين أمريكا وإيران بشأن الاتفاق النووي.. وكشفت ضعفا بنيويا في الدفاعات الجوية الإيرانية

>> المعارضة الإيرانية تتهم النظام بالتقصير وتطالب بمحاسبة المسؤولين عن الانكشاف العسكري غير المسبوق

>> تخوفات إسرائيلية من جرها إلى حرب شاملة في أكثر من جبهة

>> الحرب الدائرة تمثل فرصة لتقدم إيران نوويا وخلق سباقا للتسلح النووي منطقة الخليج العربي

>> الدول الغربية مترددة في دعم دولة الاحتلال الإسرائيلي تحسبا من رد فعل أذرع إيران في المنطقة

عام:

شنّت إسرائيل، سعت 0330فجر اليوم الجمعة13 يونيه 2025، ضربة جوية استباقيه داخل العمق الإيراني على عشرات الأهداف، شاركت فيها نحو 200 مقاتلة، أطلقت على العمليه اسم “الأسد الصاعد”. استهدفت الضربة منشآت نووية ومقار عسكرية ومراكز قيادة، ما أدى إلى مقتل ثلاثة من كبار القادة العسكريين الإيرانيين، في مقدمتهم رئيس هيئة الأركان محمد باقري، وقائد الحرس الثوري حسين سلامي، ونائب قائد القوات المسلحة غلام علي رشيد، وهو ما يُعدّ ضربة هائلة لمنظومة القيادة والسيطرة في القوات المسلحة الإيرانية.

عكست الضربة تحولًا نوعيًا في الاستراتيجية العسكرية الاسرائيلية بالانتقال من أعمال الاغتيالات والعمليات السرية، إلى استراتيجية المواجهة العسكرية المفتوحة، وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أن الضربة جاءت في إطار “ضربه استباقية” بهدف منع إيران من امتلاك قنبلة نووية، بعد أن أظهرت تقارير استخباراتية اسرائيلية قرب طهران من تجاوز العتبة النووية، وإنتاج 15 سلاحا نوويا.

الضربة كشفت أيضًا عن مستوى التنسيق العالي بين أجهزة المخابرات الإسرائيلية والأمريكية، في جمع معلومات دقيقة حول تحركات القادة الإيرانيين ومواقع المنشآت الحساسة، ما يضع أجهزة الأمن الإيرانية تحت ضغوط هائلة لتفسير هذا الإخفاق الأمني الخطير.

ووفقًا لمصادر أمنية إسرائيلية، فقد تم استهداف منشأة نطنز النووية، ومواقع لتجميع أجهزة الطرد المركزي فى اصفهان، بالإضافة إلى مخازن لصواريخ باليستية بعيدة المدى ومنشآت للأبحاث العسكرية.

أولا : الظروف والاعتبارات المصاحبة للضربة:

1- تصاعد المواقف الدوليه ضد الممارسات الإسرائيلية فى قطاع غزة والضفة الغربية، وتوقيع كل من بريطانيا وأستراليا ونيوزيلندا والنرويج وكندا، عقوبات على وزيري الحكومة الإسرائيليه ( إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي، وبتسلئيل سموتريتش، وزير المالية)، بسبب مواقفهما المعادية وتحريضهما العنصري المتطرف ضد الشعب الفلسطيني، وضلوعهما المباشر في سياسات الاستيطان والتصعيد في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

2- دعوة السعودية وفرنسا لعقد مؤتمر دولي للتسوية السلمية لقضية فلسطين في نيويورك بين 17و 20 يونيو، على أساس أن “حل الدولتين” هو المرجعية، إلا أنه تم إلغاؤه نتيجة الضغوط الأمريكية والضربة التى وجهت لإيران، انتظارا لم ستسفر عنه الأوضاع فى الشرق الأوسط.

3- عدم التوصل لنتائج ملموسة ومرضية لإسرائيل من المفاوضات الأمريكية الإيرانية حول البرنامج النووى الإيرانى بعد ( 5) جولات من التفاوض، وعدم قناعة إسرائيل بأنه لن يتم إلى اتفاق خلال الجولة السادسة يوم الأحد 15 يونية (تم إلغاؤه لانسحاب ايران من المفوضات).

4- موقف داخلى إسرائيلى مضطرب ينادى بإقالة حكومة نتنياهو لعدم تحقيقة أهداف الحرب أو الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية، ورغبة من نتنياهو فى تحقيق نصر محقق فى اتجاه استراتيجى مثل إيران يرفع من أسهمه داخل المجتمع الإسرائيلي.

5- نشاط زائد للمقاومة الفلسطينية وخسائر بشرية فى جيش الاحتلال على الرغم من الحشد الكبير من القوات الإسرائيلية داخل القطاع.

ثانيا: التجهيز للضربة الإسرائيلية :

1-الخداع الاستراتيجي:

نفذت إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية حملة تطمينات إعلامية استهدفت جذب إيران إلى التوقع بعدم حدوث ضربة إسرائيلية وكانت كالتالى:

أ- إعلان ترامب قبل ساعات من تنفيذ الضربة أن إسرائيل قادرة على توجيه ضربة للبرنامج النووى الإيرانى ولكنها لن تفعل ذلك حاليا.

ب- إعلان سفير أمريكا لدى إسرائيل قبل ساعات من الضربة بأن إسرائيل لن تنفذ الضربة قبل موافقة واشنطن (إسرائيل كانت أبلغت واشنطن وأخذت الموافقة).

ج_ إعلان الخارجية الأمريكية أنها أخذت توجيها من ترامب بالتحضير للجولة السادسة مع إيران يوم الأحد 15 يونيو 2025.

د- الاعلان فى أكثر من وسيلة إعلام بأن اسرائيل ليس لديها القدرة على تدمير المفاعلات النووية الإيرانيه لأنها لا تملك GBU53، ولا الطائرات التى تحملهاB2

ه- إعلان وسائل إعلام إسرائيلية، أن وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر ورئيس جهاز المخابرات (الموساد) دافيد برنياع سيسافران الخميس12 يونيه، للقاء المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف قبل المحادثات الأمريكية الإيرانية المقررة في سلطنة عمان الأحد16 يونيو 2025.

2- أسلوب تنفيذ العملية:

أ- هدف العملية: حرمان إيران من التقدم النووي، وتحطيم قدرتها العسكريه الاستراتيجية وقدرتها على الرد السريع من خلال إحداث خلل فى منظومة القيادة العليا سواء العسكرية أو النووية، وضرب بنيتها التحتية الدفاعية الاستراتيجية.

ب- تم جمع معلومات استخباراتية دقيقة، تمهيدا لتنفيذ هذه الضربة الواسعة التي وصفت بـ”المدمّرة”، كما قامت فرق كوماندوز تابعة للموساد عملت في وسط إيران ونشرت أنظمة تشغيلية للأسلحة ومسيرات انقضاضيه، على مقربة من أنظمة الصواريخ الإيرانية أرض-جو، وذلك بهدف تحييدها بشكل كامل قبل وصول الطائرات الحربية.

ج- متزامن مع عمليات الكوماندوز وتحييد الدفاع الجوى الإيرانى شنت 200 مقاتلة شاركت في الهجوم هجمات واسعة طالت أكثر من 100 هدف في إيران خلال الليل على إيران ضربت مواقع عديدة في العاصمة طهران ومدنا أخرى من بينها مدينتا نطنز وتبريز. ومن أبرز المقرات التي تم استهدافها:

(1) مقر الحرس الثوري الإيراني في طهران، حيث قُتل القائد العام للحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي.

(2) قواعد عسكرية حول طهران، بما في ذلك قواعد للحرس الثوري.

(3) مجمع “شهرك شهيد محلاتي” الذي يقع في شمال شرق طهران، وهو مجمع سكني محصن يقيم فيه كبار قادة الحرس الثوري.

(4) مقر القيادة العامة للقوات المسلحة “خاتم الأنبياء”.

د- ومن بين أبرز من قتلوا في الهجوم الإسرائيلي إلى جانب القائد العام للحرس الثوري حسين سلامي، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري، بالإضافة إلى كل من قائد مقر القيادة العامة خاتم الأنبياء العسكري التابع لهيئة الأركان اللواء غلام علي رشيد.

ومن العلماء (14) عالم منهم: أحمد رضا ذو الفقاري أستاذ الهندسة النووية، والخبيرين النووين فريدون عباسي دواني، ومحمد مهدي طهرانجي، وأشارت بعض التقارير الإسرائيلية إلى استهداف بعض من هؤلاء العلماء بعربات مفخخة، مما يعكس الدور الكبير الذى لعبته العناصر الخاصة الإسرائيلية (وحدة ماتكال) والعملاء فى الداخل الإيرانى.

نتائج الضربة:

على المستوى السياسي:

ألغت الضربة الإسرائيلية مفاوضات سرية كانت تجري بوساطة عُمانية بين مبعوث الرئيس الأمريكي ستيف ويتكوف ووزير الخارجية الإيراني، في محاولة لإعادة إحياء مفاوضات الاتفاق النووي، خاصة وأن ترامب يسعى، وفق مصادر دبلوماسية، لتحقيق اختراق دبلوماسي جديد يمكنه الترويج له في الانتخابات المقبلة. أما الآن، فمصير اللقاء المنتظر في العاصمة العُمانية “مسقط” بات في مهب الريح.

ألغت المؤتمر الذى تبنته السعودية وفرنسا لتأكيد حل الدولتين بالنسبة للقضية الفلسطينية.

على المستوى العسكري:

الضربة كشفت ضعفًا بنيويًا في الدفاعات الجوية الإيرانية، رغم أنها تعتمد على أنظمة متقدمة مثل “باور 373” و”S-300″، وقوة فعالة لمنظومة الصواريخ الفرط صوتيه التى حدثتها إيران.

نتائج الضربة على الداخل الإيرانى:

الشارع الإيراني بدا غاضبًا ومصدومًا، خاصة مع ظهور فيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي تُظهر ألسنة اللهب تتصاعد من منشآت حيوية في طهران وأصفهان. لكن في المقابل، بدأت بعض الأصوات المعارضة داخل إيران تتهم النظام بالتقصير الأمني والاستخباراتي، وتدعو إلى محاسبة المسؤولين عن هذا الانكشاف العسكري غير المسبوق.

نتائج الضربة على الداخل الإسرائيلي

الضربة فتحت نقاشًا داخليًا في إسرائيل حول جدوى المواجهة المباشرة مع إيران، حيث رأى البعض أنها ضرورة دفاعية، بينما حذّر آخرون من أن الرد الإيراني قد يشمل صواريخ مباشرة على تل أبيب أو استهدافات لمصالح إسرائيلية في أوروبا وآسيا، مما قد يجر البلاد إلى حرب شاملة في أكثر من جبهة.

حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا أبدوا قلقهم من الضربة، إذ اعتبرت فرنسا وألمانيا أنها تقوّض الجهود الدبلوماسية التي كانت تُبذل لإعادة التفاوض بشأن البرنامج النووي الإيراني. كما دعا الاتحاد الأوروبي إلى ضبط النفس وتفادي أي خطوات تؤدي إلى تفجر الصراع في المنطقة.

بعض المراقبين رأوا أن الضربة قد تؤدي إلى نتائج عكسية، بحيث تسارع إيران إلى تطوير سلاح نووي كنوع من الردع، وترفض كليًا العودة إلى طاولة المفاوضات، وهو ما قد يدفع نحو سباق تسلح نووي في منطقة الخليج العربي، مع مطالبات سعودية وتركيا بالحصول على قدرات نووية مماثلة.

الخاتمة:

مجمل الموقف يعكس سعى إسرائيل إلى جذب المنطقة إلى صراع إقليمى تكون فيه الولايات المتحدة وانجلترا وفرنسا طرفا فيه ويدعم من هذا القول الآتى:

أ- قيام إسرائيل بضرب الجنوب اللبنانى واستفزاز حزب الله اللبنانى يوم الجمعة على الرغم من أن الحكومة اللبنانيه حذرت حزب الله من التدخل فى الحرب وقامت باحتوائه.

ب- قيام إسرائيل بقذف جوى لليمن بحجة استهداف قيادات عليا فى جماعة الحوثى.

إلا أن الدول الغربية مازالت مترددة فى الدخول الفعلي إلى جانب إسرائيل تحسبا من أذرع إيران فى المنطقة (حزب الله العراقى – حزب الله اللبنانى – الحوثيين) التى بدأت بالتهديد باستهداف المصالح الأمريكية والبريطانيه فى المنطقة إذا دعموا إسرائيل عسكريا.

*الكاتب: مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية وخبير الأمن الإقليمى.

رابط مختصر
2025-06-17
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر