استهداف الأقليات في المنطقة.. هل نحن أمام مخطط إبادة ممنهج؟

آخر تحديث : السبت 26 يوليو 2025 - 4:03 مساءً
بقلم: د. وجدي صادق
بقلم: د. وجدي صادق

تتوالىٰ المؤشرات في المنطقة لتُظهر وجود مشروع ممنهج يستهدف الأقليات الدينية والعرقية، في ظل صمت دولي مريب، وتواطؤ إقليمي بات جليّاً في بعض الحالات. وتشير مصادر ميدانية وتقارير من ناشطين في مجال حقوق الإنسان إلى تحركات مسلحة في الشمال السوري تحمل أبعاداً تتجاوز السيطرة الجغرافية، لتمسّ التهديد المباشر للوجود التاريخي للطوائف والأقليات في المنطقة. في هذا السياق، برز إسم “أحمد الشرع”، المعروف بلقب “الجولاني”، كأحد الشخصيات المحورية في هذا المشروع، إذ يتزعم “جبهة النصرة” التي بات إسمها اليوم “هيئة تحرير الشام”، والتي تتبنىٰ فكراً قريباً من فكر “داعش”، على الرغم من محاولاتها التمايز الشكلي.

وبحسب مراقبين، فإن “أبو محمد الجولاني” لم يعد مجرد زعيم فصيل محلي، بل يُنظر إليه كأداة ضمن مشروع أوسع تديره قوىٰ إقليمية ودولية. وتتهمه بعض الأطراف بالضلوع في خطة تستهدف الأقليات في المنطقة بشكل تدريجي، تبدأ من الدروز (بني معروف)، مروراً بالمسيحيين، والعلويين، والشيعة، وصولاً إلى الأكراد.

وتشير تحليلات سياسية إلى وجود قوى في المنطقة بمعاونة الكيان الصهيوني ومباركة أمريكية، هو المسؤول عن هذا المخطط، الذي يهدف إلى إعادة تشكيل المنطقة بما يخدم مصالحه، ويقضي على التنوع الثقافي والديني القائم منذ قرون.

ويُعدّ الصمت وعدم الإستنكار من قبل العديد من الدول الإسلامية السنية دليلاً إضافياً على التواطؤ، أو في أفضل الأحوال، على اللامبالاة.

وعلى الرغم من غياب الوثائق الرسمية التي تثبت وجود تنسيق مباشر، إلّا أن الوقائع على الأرض، من دعمٍ لبعض الفصائل المتشددة، وغضّ النظر عن ممارساتها، تعزز هذه الفرضيات لدى المتابعين.

في ظل تصاعد هذه التهديدات، يحذّر عدد من الناشطين والكتّاب من أن السكوت أو التقوقع لن يُجدي نفعاً، وأن على الأقليات أن تتكاتف وتتضامن لمواجهة الخطر الوجودي الذي يهددها. فالمعركة، كما يرون، لم تعد سياسية فحسب، بل أصبحت معركة بقاء وهوية.

ويؤكد مراقبون أن التعاون بين الأقليات “دروزاً ومسيحيين وعلويين وشيعة وأكراد” على قاعدة المواطنة والدفاع عن التعدد والتنوع، يشكّل صمام أمان في مواجهة الفكر الظلامي الذي لا يعترف بالآخر… لذا، فإن ما يجري اليوم ليس مجرد صراع بين فصائل مسلحة، بل مشروع أوسع لإعادة رسم خريطة المنطقة سكانياً وثقافياً، عبر إستهداف ممنهج للأقليات، بتواطؤ قوى دولية وإقليمية. وإذا لم يتم تدارك الأمر من خلال الوعي، والتنسيق، والعمل المشترك، فإن المستقبل قد يحمل في طياته المزيد من الكوارث، التي لن تقتصر على طائفة أو قومية بعينها، بل ستهدد النسيج التاريخي للمنطقة بأكملها. الحذر ثم الحذر. الوعي، الإدراك، والإنتباه لهذا المشروع الإبادي الدموي، ضرورة وجودية لا تحتمل التأجيل.

*كاتب المقال: إعلامي لبناني.

رابط مختصر
2025-07-26
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر