صلاح تقي الدين: دروز لبنان لم يشعروا يوما بالخطر الوجودي.. ودعوات الحماية الدولية مرفوضة من الغالبية العظمى

آخر تحديث : الأربعاء 30 يوليو 2025 - 9:38 مساءً
صلاح تقي الدين: دروز لبنان لم يشعروا يوما بالخطر الوجودي.. ودعوات الحماية الدولية مرفوضة من الغالبية العظمى
حوار - فاطمة خليفة:

>> أحداث السويداء بعيدة تماما عن النعرات الطائفية

>> الفصائل المسلحة في سوريا لم تلتزم بقرار حلها الذي أصدره رئيس الدولة أحمد الشرع

>> الوضع الأمني في سوريا مازال منفلتا بفضل استمرار الجماعات المسلحة وضعف سيطرة السلطة

>> دروز لبنان اصطفوا وراء مواقف شيخهم “أبي المنى” “وجنبلاط”و”أرسلان” ورفضوا مطلقا فكرة الحكم الذاتي لدروز السويداء

>> “جيش الموحدين” فكرة أطلقها الوزير السابق وئام وهاب من منطلق “خالف تعرف”

>> دروز لبنان ينظرون إلى الشيخ حكمت الهجري نظرة احترام لموقعه الديني والروحي.. أما مواقفه السياسية فهي محل انقسام

>> أحداث السويداء لم تؤثر على علاقة دروز لبنان بإخوانهم من الطوائف الأخرى.. ووليد جنبلاط نجح في توحيد الموقف اللبناني

>> نرفض التدخل االإسرائيلي المفضوح في “السويداء” واالمعروف بأهدافه التقسيمية وإشعال الحروب الطائفية

من قلب جبال الشوف اللبنانية، تتردد أصداء المأساة التي تعيشها السويداء السورية منذ منتصف يوليو الماضي. أحداث عنف طائفي دامية راح ضحيتها العشرات من دروز سوريا، أشعلت نيران القلق في قلوب أشقائهم في لبنان.

ما بدأ كاشتباكات مسلحة في 12 يوليو 2025 بين جماعات مسلحة درزية وأبناء العشائر البدوية، تطور إلى أزمة إنسانية وسياسية معقدة، تركت 116 قتيلاً من أبناء سوريا في 48 ساعة وهزت أركان المنطقة بأسرها.

في هذا السياق المشحون، يطرح السؤال نفسه بإلحاح: كيف ينظر دروز لبنان إلى أحداث السويداء الأخيرة؟ وما موقفهم من النظام السوري الجديد برئاسة أحمد الشرع؟ وكيف يتعاملون مع محاولات دولة الاحتلال الإسرائيلي استغلال الأزمة؟ للحديث حول هذه التساؤلات المعقدة، تحاور “العربي الافريقي” المحلل السياسي اللبناني ورئيس تحرير جريدة الأنباء اللبنانية، صلاح تقي الدين.

* بدايةً كيف تقرأ أحداث السويداء الأخيرة؟ وهل الصراع طائفي أم له أبعاد سياسية أخرى؟

إن الحوادث الدموية التي شهدتها محافظة السويداء في جنوب سوريا هي أحداث مؤلمة وخطيرة، خاصة أنها حملت بعداً مذهبياً، ولكن الحقيقة أنها ليست حوادث طائفية إطلاقاً، إذ أن العلاقة بين المكون الدرزي في السويداء والمكون السني في المحافظة نفسها وباقي أنحاء سوريا هي علاقة تاريخية، لم تشهد أي احتكاك في الماضي وهي ثابتة ومستقرة؛ والدليل على ذلك أنها لم تنعكس على باقي المناطق السورية حيث يتواجد أبناء المذهبين الإسلاميين.

* إذن، ما تقديرك ورؤيتك لتلك الأحداث بعد نفيك لطائفيتها؟

بعد وصول أحمد الشرع رئيسا لسوريا، واتخاذه قراراً بحل الفصائل المسلحة التي كان يقودها تحت مسمى “هيئة تحرير الشام” يبدو أن بعض الفصائل لم تلتزم بهذا القرار، وهو أعلن ذلك رسمياً ولا يزال يلقي اللوم على هذه الفصائل بارتكاب تجاوزات الساحل السوري؛ حيث وقعت اشتباكات مع أبناء المذهب العلوي ومن ثم تفجير الكنيسة في قلب العاصمة السورية “دمشق”؛ مما أدى إلى مقتل العشرات من أبناء الطائفة المسيحية، واليوم، أيضاً يلقي اللوم على هذه الفصائل نفسها التي ارتكبت أفظع المجازر بحق أبناء السويداء تحت مسمى “عشائر البدو”.

* في ظل أحداث السويداء.. ما تقديرك للوضع الأمني في سوريا؟

في الحقيقة، إن الإدارة السورية الجديدة لا تزال غير قادرة على الإمساك بالوضع الأمني؛ نتيجة وجود هذه الفصائل المسلحة “الغير منضبطة” وهذا الأمر جعل من قضية الأمن في السويداء مسألة بالغة الخطورة، إذ أنها ترتبط مباشرة بقدرة الإدارة السورية الجديدة على الإمساك بالوضع وإحلال الأمن والاستقرار في السويداء.

* هل لمست بعد أحداث “السويداء” بخطر يهدد وجودهم كطائفة؟

طائفة الموحدين الدروز فأبناء الطائفة سواء في سوريا أو في لبنان، لم يشعروا يوماً بما يمكن تسميته خطراً وجودياً؛ إذ أن محاولة حصار الدروز في جبل لبنان في أوائل الثمانينات من القرن الماضي، فشلت بعدما قادت حكمة القيادي “وليد جنبلاط” يومها باللجوء إلى طلب المساعدة من الرئيس السوري الراحل “حافظ الأسد” المتهم باغتيال الزعيم “كمال جنبلاط”، ومن الاتحاد السوفيتي بغية البقاء في أرضهم وقراهم وعدم الخضوع وقد نجحوا في ذلك. والدروز في “السويداء” يشعرون بالحصار للمرة الأولى، ورغم مناشدات البعض لتأمين حماية دولية والتي هي بالتأكيد إسرائيلية فهذا الأمر مرفوض من قبل غالبية أبناء طائفة الموحدين الدروز في “السويداء”، وهم ليسوا بحاجة لهذه الحماية؛ إذ بات الأمر مكشوفاً بالنسبة لهم، فإسرائيل لا توفر لهم الحماية بل تستغلهم لتحقيق مشاريعها التوسعية.

الانقسام الواضح بين أبناء الطائفة حول دعم “الهجري” بجيش درزي لبناني من جهة، ودعم “الشرع” من جهة أخرى،خاصة في ظل الدعوات الدرزية التي خرجت من لبنان لإرسال جيش درزي لمؤازرة السويداء، وما دلالة دعوة شيخ العقل “سامي أبي المنى” لحوار ترعاه دول عربية؟

* ما هو موقف الدروز اللبنانيين وقياداتهم من أحداث السويداء؟

إن الغالبية الدرزية اصطفت إلى جانب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق “وليد جنبلاط”، الذي لاقاه رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني الأمير “طلال أرسلان” في موقفه، وهما يشكلان الغالبية الدرزية المطلقة ويقفان صفا واحداً في التشديد على وحدة سوريا والسويداء، ويلاقيهم في هذا الموقف شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور “سامي أبي المنى” إذ يرفضون بشدة أي صوت ينادي بانسلاخ السويداء عن سوريا سواء عبر إقامة حكم ذاتي أو فيدرالي والذي يعتبر بمثابة مقدمة لتقسيم سوريا.

وعلى صعيد تشكيل جيش من الموحدين الدروز بحجة نصرة أهلهم في السويداء، فهذه برأيي لا تشكل أكثر من دعوة شعبوية لا يمكنها أن تتحول إلى حقيقة، و الذي طالب بهذا الأمر هو الوزير السابق “وئام وهاب” وأرى أنه يطبق القول المأثور (خالف تعرف) لا أكثر ولا أقل.

* كيف ينظر الدروز اللبنانيون إلى شخصية حكمت الهجري القيادي الدرزي في السويداء؟.. وما تقييمهم لمواقفه؟

الموحدين الدروز في لبنان ينظرون إلى شخصية الشيخ “حكمت الهجري” نظرة احترام؛ لموقعه الديني والروحي، أما بالنسبة لمواقفه السياسية فهذه المسألة تشكل انقساماً في الرأي بين من يعتبر أن وجوده كقوة مسلحة في وجه الهجمات التي تشن ضد السويداء تحفظ كرامة وعرض أهل السويداء، في حين أن البعض الآخر يرى في ارتباطه بالشيخ “موقف طريف” في فلسطين المحتلة ومطالبته بالحماية الدولية، فهذه مسألة لها تبعات لن يكون بمقدور أبناء الطائفة في السويداء تحملها.

* هل أثرت أحداث السويداء على علاقة دروز لبنان بالطوائف الأخرى خاصة في ظل تأييد “السنة” لنظام أحمد الشرع في سوريا؟

لم ولن تؤثر أحداث السويداء على علاقة طائفة الموحدين الدروز في لبنان بأشقائهم من أبناء الطوائف الأخرى، خصوصاً بعد الموقف الحميم والعاقل لوليد جنبلاط والالتفاف الوطني العارم الذي شهده منزله في بيروت، والذي تكرّس بزيارات قام بها رؤساء الحكومات السابقين السنة، ومفتي الجمهورية اللبنانية مع وفد من مفتي المناطق كافة، ناهيك عن الاتصالات التي تلقاها من المسؤولين في الدول العربية، ومن بعدها لقاءات حصلت مع سفير المملكة العربية السعودية في لبنان، وسفير جمهورية مصر العربية، وسفير فلسطين، وجاءت جميعها في إطار التأكيد على حكمته وعقلانيته في رفض انجرار الداخل اللبناني إلى أي نوع من الاحتكاك المذهبي بين السنة والدروز.

وأؤكد أن التضامن الداخلي اللبناني مع “وليد جنبلاط” كان أفضل تعبير عن رفض اللبنانيين برمتهم للحجج التي سيقت حول أسباب الأحداث الأليمة في “السويداء”.

* هل تولد إحساس داخلي لدى الدروز بالعزلة جراء الأحداث الأخيرة في السويداء وانعكاساتها على الطائفة في لبنان؟

في حقيقة الأمر، لم تشعر الطائفة الدرزية في لبنان يوماً بالعزلة رغم أنها لم تحصل على الحقوق التي تليق بتاريخها كواحدة من الطوائف الرئيسية المؤسسة لدولة لبنان الكبير، والحزبين الدرزيين الرئيسيين إذا صح التعبير أي (الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب الديموقراطي اللبناني) متوافقان بشكل كامل على رفض انعكاس الأحداث الأليمة في السويداء على لبنان، وحقيقة هذا الموقف يعبر عنه بشكل صريح وواضح من خلال البيانات واللقاءات التي يعقدها الجانبان بشكل دوري ومستمر.

* كيف تنظر القيادات الدرزية اللبنانية إلى التدخل الإسرائيلي في السويداء تحت ذريعة “حماية الدروز”.. أيضا، محاولات الكيان الإسرائيلي لتنفيذ مخططات تقسيم سوريا وإشعال الفتن الطائفية في لبنان مجددا؟

إن القيادات الدرزية ترفض بشكل كامل التدخل الاسرائيلي في “السويداء”، وقد صدرت بيانات عن الحزب التقدمي الاشتراكي يدين قصف إٍسرائيل لمبنى هيئة الأركان في دمشق بحجة إفهام الرئيس الشرع بأن الدروز في السويداء خط أحمر، فالتدخل الإسرائيلي هو لحماية مصالحها والتي باتت واضحة وهي تفتيت سوريا إلى دويلات مذهبية تتصارع فيما بينها وتغض النظر عن إسرائيل التي ستتمتع حينها بالأمن الذي تنشده كدولة غاصبة وجدت في هذا الشرق.

ويختتم تقي الدين: رغم أن تاريخ الدولة اليهودية باستغلال الفتن المذهبية والطائفية واضح ولا يحتاج إلى شرح، فإن محاولاتها لخلق فتن طائفية في سوريا أو لبنان فشلت لغاية اليوم ، ولن تجد لها مرتعاً في لبنان بسبب موقف وليد جنبلاط، وبسبب الشعور اللبناني العام برفض الانجرار مجدداً إلى حروب داخلية اختبروها ولم ينسوا إلى اليوم مآسيها وبالتالي ليسوا على استعداد لتكرارها.

رابط مختصر
2025-07-30
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر