فاطمة خليفة:
يواصل الذكاء الاصطناعي قفازاته لمنافسة الإنسان في عالم الأعمال، حيث بدأت شركات كبرى مثل أمازون وتارجت وباراماونت في إعادة هيكلة وظائفها من الموظفين المكتبيين، مما أدى إلى تسريح عشرات الآلاف منهم، لاستبدالهم بنظام الذكاء الاصطناعي.
أصبح الذكاء الاصطناعي قوة قادرة على استبدال البشر في أعمالهم الروتينية والإدارية، وهو ما يفتح باب التساؤل حول مستقبل ملايين الوظائف حول العالم، إذ أن الأعمال الروتينية التي كان يقوم بها بعض الأشخاص أصبحت قابلة للتنفيذ عبر أنظمة الذكاء الاصطناعي بسرعة أكبر وبدقة أعلى.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، فقد شهد سوق العمل المكتبي موجة غير مسبوقة من التسريحات، بداية من أمازون التي أعلنت عن تقليص الوظائف المكتبية بمئات الوظائف يوميًا، كما أعلنت شركة باراماونت عن خطط لتسريح آلاف العاملين في أقسام الإنتاج والإدارة، ومن المتوقع أن تتبع شركات أخرى هذا النهج في ظل سعيها لخفض التكاليف وزيادة الإنتاجية باستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي، مع امتداد الموجة إلى قطاعات أوسع.
ويشير التقرير إلى أن الموظفين الشباب وذوي الخبرة على حد سواء وجدوا أنفسهم في سوق متغير بسرعة، فهذا التحول لا يقتصر على مجرد استبدال البشر بالآلات، بل يمثل إعادة تعريف كاملة لدور القوى العاملة في العصر الرقمي، حيث تصبح المهارات التقليدية أقل قيمة أمام الطلب المتزايد على الكفاءات التقنية والتحليلية.
يحذر خبراء الاقتصاد من أن البطالة التقنية قد تؤدي إلى ضغوط اجتماعية واقتصادية إذا لم يتم الاستثمار في التدريب وإعادة التأهيل المهني للموظفين والعاملين بدلا من الاستغناء عنهم، في المقابل ترى الشركات أن الذكاء الاصطناعي يحسن الكفاءة ويخفض الأخطاء، معتبرة أن هذه الخطوة حتمية لضمان البقاء في المنافسة العالمية.
قرار أمازون أصاب الموظفون المتأثرون بالصدمة وعدم اليقين، مما أثار مخاوف متزايدة من أن التحول الرقمي قد يفاقم معدلات البطالة في القطاعات الإدارية والمكتبية حول العالم، وتشريد مزيد من الموظفين، ما قد يؤدي إلى زيادة البطالة خاصة بين الطبقة الوسطى، إذا لم تتوافر برامج تدريب وتأهيل فعالة.
بينما يتقدم الذكاء الاصطناعي بسرعة مذهلة، يبقى السؤال الكبير: هل ستتمكن البشرية من مواكبة العصر الرقمي دون خسارة وظائفها التقليدية؟ موقف أمازون هو جرس إنذار بأن المستقبل قد يكون أكثر ذكاءً، لكن أقل رحمة لأولئك الذين لم يستعدوا بعد لعصر البطالة الذكية.




