
ما هي مشكلة هذه الحكومة … ما هي مشكلة القرارات الحكومية التي تجعل الحكومة وكأنما هي المشكلة …؟ تقرّر قبل أنْ تفكّر … وتنكسر بعد أن تقرّر …
ليس مطلوباً أن تجعل الحكومة من القلم سيفاً …
وليس مسموحاً أن تكتب قراراتِ حصرية السلاح المدفعي والصاروخي بقلمٍ من الرصاص ، يكتبُ ثمَّ يمحو .
منذ أن تراجعت الحكومة في آب الماضي عن قرارٍ ثنائي حول حصرية السلاح، أصبح كلُّ قرار حكومي يحتاج إلى قـرارٍ ثنائي .
وحين تمَّتْ إضاءَةُ صخرة الروشة خلافاً لقرار الحكومة ، إنطفأ ضوءُ الحكومة …
وبعد أن أعلنت الحكومة سحبَ ترخيص جمعية “الرسالات” وسحبت قرارها، بات يتعرّض للسحب المرسوم الذي صدر بتأليف الحكومة .
حكومة هذا الزمان ، هي أيضاً حكومة ميدان ، عليها أنْ تحسب جيداً حساب المعركة قبل أن تمتطي حصان طروادة ، وأمامها وحولها مشاهد رهيبة عن الحسابات العسكرية الخاطئة .
ليس من حـقّ أصحاب الشأن أنْ يدفعهم سوء التقدير والتقرير إلى اتخاذِ قرارات قاتلة تنعكس على الشعوب بالمجازر والمخاطر ، وهم يقبعون في أبراجهم العليا ، وفي خنادقهم الدنيا .
المشكلة أمام هذه الحكومة ، تكاد تشبـهُ قصّـةَ عنترة بن شدّاد ، التي قيل فيها إنها تتألف من ألفِ بيت شعري وتُختصر ببيت واحد .
لا علاقة لقصّة صخرة الروشة ، بالروشة ، ولا علاقة لرسالة جمعية “الرسالات” ، “برسالة الحقوق”للإمام زين العابدين بن الحسين في تأكيد ضلال الحكم الأموي .
البيت الواحد في قصة عنترة الحكومية يتعلق بتأكيد حقوق امتلاك السلاح، وكلّ أمـرٍ آخر هو دورانٌ في حلقة مفرغة حول طواحين الهواء .
بعد كلّ ما قيل : عن خطاب القسم والبيان الوزاري واتفاق الطائف ومواد الدستور والقرار 1701 ووقف الأعمال العدوانية ، لم نعرف بعد ، ما إذا كانت حصرية السلاح تتناول شمال الليطاني مع جنوب الليطاني .
ولم نعرف بعد ، ما إذا كانت استراتيجية الأمن القومي ستؤدي إلى جعل السلاح بيدِ الدولة حصراً …
جـلّ ما نعرف من خلال ما يتردّد على لسان الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم : ومن خلال ما أدلى بـه النائب حسن فضل الله أخيراً :
“أنّ المقاومة غير معنية بـبنْد حصرية السلاح” .
وماذا بعد ، سنظلّ نعيش في حالـةٍ من “الملهاة الإلهية أو الكوميديا الإلهية” للشاعر والفيلسوف الإيطالي “دانتي” : الحكومة تمارس الهجوم الدفاعي ، والمقاومة تمارس الدفاع الهجومي ، فيما العدو الإسرائيلي يمارس عملية الدفاع والهجوم معاً، ومع كل دفاع وهجوم تتساقط الصواريخ يومياً على القرى ويتساقط معها الشهداء، ويظلّ السلاح يشكّل الطعم المشتهى لشبكة صيد نتنياهو .
بما أنّ لبنان وقطاع غـزة أخوان مشتركان في ميلاد الطوفان ، فلماذا لا يشتركان معاً في ميلاد معالجة موضوع السلاح ، من دون أن نشترك مع قيادة حركة حماس “بتقدير جهود الرئيس الأميركي”.
وماذا ومن يمنع ، إذا فشلت خطّـةُ الحكومة حول حصرية السلاح من أن تحلّ محلَّها خطّـةُ الرئيس ترامب لقطاع غـزّة ، هذه التي وصفها الشيخ نعيم قاسم “بأنها خطة إسرائيلية بلباس أميركي” .
في هذه البلبلة الصاخبة من الجدل الذي يسود مسار الخُطَـط والتخطيط الدولي في هذه المنطقة ، عندما نسمع مثلاً مسؤولاً كبيراً في حركة حماس يعلن بالتزامن مع مفاوضات شرم الشيخ : “أنّ نتنياهو فشلَ فشلاً ذريعاً في تحقيق أهدافه في حرب غـزّة ، وأن حركة حماس قد لقَّنتْ إسرائيل درساً قاسياً”.
عند ذاك لا يعود من مجال للمناقشة ، ولا يعود التقدير والتقرير خاضعاً للمنطق العقلي .
في الخلاصة : نحن شعب تعبنا من الوقوف على خطوط التماس بين السلم والحرب ، وعلى صدى جعجعة الأسلحة .
تفضَّلوا : حكومةً وأحزاباً وقيادات : أدرسوا جيداً ، تمعّنـوا جيداً ، فكّروا جيداً ، ثمَّ قرّروا وبلّغونا : لنعرف على أي مركب سنركب ، وفي أي موكب سنمشي: في موكبٍ خلف النعش أو على النعش.