لبنان على حافة الاشتعال: ماذا وراء بيان عون؟

منذ 4 ساعاتآخر تحديث :
لبنان على حافة الاشتعال: ماذا وراء بيان عون؟

فاطمة خليفة:

في تصعيد جديد على الحدود الجنوبية اللبنانية، أصدر رئيس الجمهورية اللبنانية “جوزيف عون” توجيهاً إلى قيادة الجيش اللبناني بالتصدي لأي محاولة توغل إسرائيلية داخل الأراضي اللبنانية، وذلك عقب العملية التي نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر الخميس في بلدة بليدا الجنوبية، وأسفرت عن مقتل موظف.

 

بحسب مصادر لبنانية دخلت فجر اليوم قوة إسرائيلية خاصة إلى داخل البلدة الحدودية، لملاحقة عناصر تابعة لحزب الله، أسفرت عن مقتل مواطن لبناني يعمل موظف في بلدية بليدا، كان متواجد داخل مبنى الخدمات البلدية أثناء العملية، مما أثار غضبًا شعبيًا واسعًا في الجنوب.

 

من جهتها اعترفت إسرائيل بحدوث العملية، زاعمة أنها استهدفت بنية ميدانية تابعة لحزب الله؛ تشكل تهديداً فورياً لأمن الحدود، لكن في المقابل اعتبر حزب الله تلك الرواية ذريعة مكشوفة لتبرير انتهاك جديد للسيادة اللبنانية، واستمرار لخرق الهدنة اللبنانية الإسرائيلية.

 

جاء بيان عون مقتضب، حيث شدد رئيس البلاد على أن أي خرق للسيادة اللبنانية يعد اعتداءً سافرًا، وعلى الجيش واجب التصدي له بكل الوسائل المتاحة، موجهاً بزيادة التنسيق بين الجيش وقوات اليونيفيل في الجنوب لضمان وقف الانتهاكات المتكررة.

ويرى محللون أن هذا التوجيه يحمل رسالة مزدوجة داخلية لتعزيز ثقة الشارع اللبناني بدور الدولة ومؤسساتها العسكرية في ظل تصاعد الغضب الشعبي من تكرار الخروقات، بينما جاءت الرسالة الخارجية كتحذير دبلوماسي لإسرائيل بأن لبنان لن يقف متفرجًا على تجاوزات ميدانية متكررة.

 

من وجهة نظر أخرى يرى البعض أن رسالة عون وإن كانت حازمة، فقد جاءت محسوبة بعناية لتجنب انزلاق لبنان إلى مواجهة مفتوحة، معتبرين أن البيان لا يشير إلى نية فورية بالتصعيد العسكري، بل إلى محاولة رسم “خطوط حمراء” جديدة دون الانجرار إلى حرب شاملة، خاصة في ظل التوتر القائم بين حزب الله وإسرائيل منذ أسابيع.

 

على الصعيد العسكري التوتر على الحدود الجنوبية ليس جديداً، لكنه اليوم يأخذ منحى أكثر خطورة، فمع كل حادثة توغل أو غارة إسرائيلية، يتآكل الهامش الدبلوماسي الفاصل بين التحذير والتصعيد، ويحذر خبراء عسكريون من أن أي خطأ ميداني صغير يمكنه أن يؤدي إلى انفجار واسع يتجاوز قدرة الطرفين على احتوائه، لأن أي رد متبادل وإن كان محدود بين الجيش اللبناني وإسرائيل سوف يجر ورائه سلسلة من المواجهات يصعب احتواؤها في ظل التوتر الإقليمي القائم.

 

بين صرخات الجنوب المكلوم وبيانات الرئاسة المحسوبة، يقف لبنان اليوم أمام مفترق دقيق: إما تثبيت معادلة الردع بلا حرب، أو الانزلاق نحو مواجهة مفتوحة قد تشتعل شرارتها من بلدة صغيرة كـ”بليدا”، لكنها قد تمتد إلى ما هو أبعد من حدود الوطن.

 وبالتالي فإن توجيه الرئيس اللبناني جاء بمثابة رسالة صمود في لحظة حرجة، لكنه أيضًا اختبار لميزان الردع بين الطرفين، فهل يستطيع لبنان تثبيت معادلة “الردع بلا حرب”، أم أن الحدود الجنوبية تتجه إلى موجة جديدة من التصعيد؟ الأيام القليلة المقبلة ستكون كفيلة بالإجابة.

الاخبار العاجلة