فاطمة خليفة:
في توقيت بالغ الحساسية، أطلق الرئيس اللبناني “جوزيف عون” دعوة علنية إلى استئناف المفاوضات مع إسرائيل لحل المشاكل العالقة، مؤكداً أن المسار الدبلوماسي هو الخيار الواقعي في الوقت الحالي، خاصة في ظل مسار المفاوضات والحوار القائم في المنطقة حاليا، معتبرا أن لبنان يجب أن يكون جزء من هذا المسار الدولي.
جاءت هذه الدعوة بعد ساعات قليلة من قمة شرم الشيخ التي جمعت قادة إقليميين ودوليين لمناقشة آفاق التهدئة في غزة والمنطقة. حيث رسمت القمة برعاية مصرية، إطار إقليمي جديد لوقف الحرب في المنطقة وبالتالي حل النزاعات المترتبة عليها، بما يمكنه أن يشمل لبنان.
في هذا السياق، اعتبرت تصريحات عون أول استجابة رسمية لبنانية لمناخ دولي وإقليمي داع للحوار، ما جعل البعض يرى فيها بداية مسار جديد، ولو متعثر، في ظل وجود قوة عربية فاعلة مثل مصر وقطر، للعب أدوار وساطة مماثلة. حيث الرئيس شدد عون على أن لبنان لا يستطيع البقاء في حالة “لا حرب ولا سلم”، مؤكدًا أن التفاوض ليس تطبيعًا، بل ضرورة لحماية السيادة اللبنانية.
اختيار التوقيت اللبناني ربما جاء بعد مؤشرات كشفتها القمة المصرية عن انفتاح أميركي أوروبي، مما يبشر بنوع جديد من الوساطة يضمن عدم توظيف المفاوضات لتطبيع كامل ترفضه غالبية القوى اللبنانية. ولكن هناك في الداخل اللبناني، بعض القوى السياسية الداعمة للانفتاح والحوار مع إسرائيل، أبرزها حزب “القوات اللبنانية” الذي يعتبرها خطوة في الاتجاه الصحيح لاستعادة القرار السيادي.
في المقابل، التزم حزب الله الصمت الذي ليس بضرورة يوحي بالقبول، ولكنه يوحي بالانتظار خاصة أن الحزب فقد الكثير من قوته على أرض الواقع وخاصة الحدود الجنوبية، ولم يبقى له إلا بعض من نفوذ سياسي داخلي.
أما على الصعيد الإسرائيلي لم يصدر موقف رسمي مباشر حتى الآن، بل ماتزال اسرائيل تخترق الهدنة السابقة باعتداءات شبه يومية على الجنوب اللبناني.
دعوة عون قد لا تثمر مفاوضات مباشرة في المدى القريب، لكنها تكسر صمتًا طويلًا بشأن العلاقة اللبنانية الإسرائيلية، وتفتح الباب أمام نقاش داخلي طال تأجيله. وفي ظل تآكل الوضع الاقتصادي والسياسي، قد تجد الدولة اللبنانية نفسها مضطرة يومًا لتوسيع هامش التفاوض، سواء لتثبيت تهدئة أو لإعادة تعريف دور الدولة في ملف السلم والحرب.