“نوبل للسلام”.. المحطة الأولى في رحلة ماريا كورينا للوصول إلى رئاسة فنزويلا

>> مؤيدو "ماريا" في شوارع كاراكاس يرون أن الجائزة إعلانا دوليا بانتهاء شرعية "مادورو"

10 أكتوبر 2025آخر تحديث :
“نوبل للسلام”.. المحطة الأولى في رحلة ماريا كورينا للوصول إلى رئاسة فنزويلا
فاطمة خليفة:

>> أسست حركة “سوميتي” المعنية برصد ومتابعة الانتخابات وتعزيز المشاركة المدنية

>> حكم قضائي منع “ماتشادو” من الترشح أمام الرئيس مادورو في انتخابات 2024

>> الجائزة تضفي غطاء شرعيا يعيق النظام ملاحقتها دون تكلفة دبلوماسية

ماريا كورينا تنتظر تحقيق حلمها لتصبح رئيسة فنزويلا

في مفاجأة من العيار الثقيل صدمت العديد من المراقبين وأثارت موجة من ردود الفعل المتباينة، حيث منحت لجنة نوبل للسلام جائزتها لعام 2025 إلى “ماريا كورينا ماتشادو”، زعيمة المعارضة الفنزويلية، تكريماً لـنضالها السلمي من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في ظل نظام سلطوي على حد وصف اللجنة، فهل للجائزة مخزى آخر؟

المرأة الحديدية أم المرأة المدعومة أمريكيا

ربما يكون اسم ماريا كورينا، جديد على مسامع الكثيرين، ولكنه ليس جديد على المشهد السياسي الفنزويلي، التي برزت منذ مطلع الألفية كمؤسسة لحركة “سوميتي”، المعنية برصد الانتخابات وتعزيز المشاركة المدنية. فهي واحدة من أبرز الأصوات المعارضة لنظام الرئيس “نيكولاس مادورو”.

ظهر نجم “ماتشادو” السياسي في وقت كان البلد يعاني من انهيار اقتصادي، وقمع سياسي، وتهجير جماعي، فظهرت “ماتشادو” كأيقونة للمقاومة المدنية، ورمز للمرأة التي تتحدى الحصار السياسي والملاحقة القضائية، دون أن تغادر بلادها أو تتخلى عن موقفها.

في عام 2023، فازت ماتشادو باكتساح في الانتخابات التمهيدية للمعارضة، استعداداً للانتخابات الرئاسية 2024. إلا أن المحكمة العليا أصدرت قراراً بمنعها من الترشح، ما أثار إدانات واسعة من المجتمع الدولي، واعتُبر مؤشراً خطيراً على تدهور الديمقراطية في فنزويلا.

أثر الجائزة

في شوارع كاراكاس، تراوحت ردود الفعل بين التفاؤل والتوجّس. البعض رأى في الجائزة “إعلاناً دولياً بانتهاء شرعية مادورو”الرئيس الفنزويلي الذي يعد من أبرز الزعماء الغربيين الداعمين للقضية الفلسطينية، وخاصة في الحرب الأخيرة والتي وصفها “مادورو” بأبشع إبادة عرفتها البشرية منذ عهد”أدولف هتلر” مما يمنح الجائزة مغزى سياسي.

يضيف محللون أن الجائزة تُضفي غطاءً دولياً لماتشادو، قد يُصعّب على النظام ملاحقتها دون تكلفة دبلوماسية، وربما تكون الجائزة إشارة واضحة للدعم الدولي الذي يمكن أن تحصل عليه “ماتشادو” في المنافسة القادمة للانتقال من صفوف المعارضة إلى سدة حكم، للتخلص من الرئيس الفنزويلي المعادي لإسرائيل، بينما تطالب “ماتشادو” بعودة العلاقات مع إسرائيل.

ولكن بررت لجنة نوبل قرارها بالقول إن ماتشادو “قدّمت نموذجاً مشرفاً للنضال السلمي ضد الاستبداد”، وأشادت “بشجاعتها الفائقة في مواصلة العمل السياسي رغم تهديدات السجن، والإقصاء من الانتخابات، والاضطهاد الرسمي.

التوجه السياسي

سياسياً، تميل ماتشادو إلى التيار الليبرالي المحافظ. فهي تدعو إلى اقتصاد سوق حر، تقليص نفوذ الدولة، استقطاب الاستثمارات، وفرض سيادة القانون. لكنها تؤكد في الوقت ذاته على أهمية الحماية الاجتماعية للفئات المتضررة من الأزمة الاقتصادية.

تصر هي على أن مشروعها “وطني بامتياز، ويهدف إلى استعادة السيادة الشعبية ومؤسسات الدولة المختطفة، بينما يرى البعض في برنامجها نغمة قريبة من أجندات غربية تتعلق بالإدارة الأمريكية الداعمة لها،”. خاصة أن مواقف ماتشادو الدولية تتماهى مع المواقف الأمريكية والإسرائيلية.

تعد مواقفها من القضايا الدولية، من أكثر النقاط إثارةً للجدل، وخاصة في الشرق الأوسط. ففي أبريل 2024، وبعد الهجوم الإيراني على إسرائيل، سارعت إلى إعلان تضامنها مع تل أبيب، واصفة الهجوم بـ”العدوان غير المبرر الذي يهدد الاستقرار العالمي”.

هذا التصريح قوبل بانتقادات من أوساط مؤيدة للقضية الفلسطينية، التي رأت فيه “انحيازاً مفرطاً إلى الطرف الإسرائيلي”، و”إغفالاً لمعاناة الفلسطينيين”، لا يتوافق مع ادعائها الليبرالية، بالمقابل يرى أنصارها أن موقفها ينبع من تخوفها من النفوذ الإيراني، الذي تربطه علاقات متينة بحكومة مادورو. الأمر الذي يجعل موقفها من بعض القضية غامضاً، وربما خاضعاً للتوازنات السياسة الدولية أكثر من القناعة الأيديولوجية.

مغزى الجائزة.. أبعد من فنزويلا

ظاهريا يأتي منح الجائزة لمعارِضة من أميركا اللاتينية هذه السنة في سياق تحولات عالمية متسارعة، خاصة بعد رفض منحها للرئيس الأمريكي “ترامب” الذي كان يطمح إليها، وفي ظل تصاعد النزعات السلطوية حول العالم، تعود نوبل إلى جوهرها المتمثل في الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، بصرف النظر عن الانتماءات الجيوسياسية.
مما يفسره البعض بأن الجائزة لا تعني فقط تكريماً لشخص “ماتشادو”، بل تحمل رسالة إلى كل الأنظمة التي تستخدم أدوات الدولة لتصفية خصومها.

جوهريا ماريا كورينا ماتشادو، رغم أنها ممنوعة من الترشح للرئاسة، حاضرة اليوم على الساحة الدولية بأقوى شكل ممكن كحائزة على نوبل.

فهل تكون الجائزة بداية النهاية لحكم مادورو؟ أم أنها مجرد فصل رمزي في معركة سياسية طويلة ومعقدة؟
الأسابيع المقبلة قد تحمل الإجابة، لكن الأكيد أن فنزويلا، والعالم، قد دخلا مرحلة جديدة من السجال حول الديمقراطية، الشرعية، والعدالة.

الاخبار العاجلة