المتحف المصري الكبير يعيد رسم خريطة السياحة في مصر

منذ 4 ساعاتآخر تحديث :
المتحف المصري الكبير يعيد رسم خريطة السياحة في مصر
فاطمة خليفة:

 

بعد أكثر من عشرين عامًا من الانتظار، تفتتح مصر المتحف المصري الكبير، كأكبر صرح أثري وثقافي في العالم، والمقام عند سفح أهرامات الجيزة على مساحة هائلة تقارب نصف مليون متر مربع، وبينما يترقب العالم هذه اللحظة التاريخية، تتركز الأنظار على التأثير المتوقع لهذا الافتتاح على خريطة السياحة الثقافية في مصر، التي تسعى إلى استعادة مكانتها كوجهة أولى لعشاق التاريخ والحضارة.

 

يؤكد خبراء السياحة أن المتحف المصري الكبير لا يمثل مجرد مبنى جديد يضم آلاف القطع الأثرية، بل هو مشروع متكامل يعيد تعريف مفهوم السياحة الثقافية في مصر. فبحسب الدكتور أحمد عيسى، وزير السياحة الأسبق، فإن المتحف سيغير طريقة تفاعل الزائر مع التاريخ، إذ “لم يعد العرض الأثري يقتصر على مشاهدة القطع خلف الزجاج، بل أصبح تجربة حسية ومعرفية متكاملة تجمع بين التاريخ والتكنولوجيا، عبر استخدام الإضاءة الحديثة والعروض التفاعلية التي تجعل الزائر يعيش أجواء الحضارة المصرية القديمة.”

 

ويتميّز المتحف بموقعه الاستراتيجي الفريد الذي يجعله جزءًا من منظومة سياحية متكاملة تربط بينه وبين منطقة الأهرامات، مما يتيح للزائر الانتقال في رحلة متكاملة داخل قلب التاريخ المصري دون الحاجة إلى مغادرة المكان، وهذه الرؤية تهدف إلى خلق تجربة متكاملة تمتد لساعات طويلة، وتشجع السائح على قضاء يوم كامل في المنطقة، الأمر الذي يسهم في زيادة الإنفاق السياحي ورفع متوسط مدة الإقامة في مصر.

 

من منظور اقتصادي ينتظر أن يحقق المتحف عائدات مباشرة وغير مباشرة تقدر بمليارات الجنيهات خلال السنوات الأولى من افتتاحه، إذ تشير تقديرات غرفة شركات السياحة إلى أن عدد الزوار الأجانب إلى مصر قد يرتفع بنسبة تصل إلى 25% بفضل المتحف. وبحسب خبراء الاقتصاد، فإن الأثر الحقيقي لا يقتصر على مبيعات التذاكر، بل يمتد إلى انتعاش القطاعات المساندة مثل الفنادق، والنقل، والمطاعم، والمتاجر السياحية، ما يخلق دورة اقتصادية حيوية حول المتحف.”

 

أما على المستوى الثقافي العالمي، فمن المتوقع أن يصبح المتحف المصري الكبير أحد أهم المراكز الثقافية في العالم، ينافس متاحف شهيرة مثل اللوفر في باريس ولندن، من حيث عدد الزوار وحجم المعروضات وتقنيات العرض، ويؤكد المثقفون أن المتحف ليس فقط بوابة لعرض كنوز مصر القديمة، بل مساحة للحوار الثقافي والحضاري مع العالم، ومركز عالمي للمعارض والفعاليات الدولية.

ويمتد تأثير المتحف أيضًا إلى الجانب الرمزي والحضاري، إذ يعكس تصميمه المعماري الضخم روح مصر الحديثة التي تستلهم ماضيها العريق لبناء مستقبلها. ويقول أحد الزوار الذين شاركوا في جولة تجريبية: “حين تدخل قاعات المتحف وتشاهد تمثال رمسيس الثاني في بهوه الرئيسي، تشعر أنك تمشي في قلب الزمن، لكن بتقنيات من المستقبل.”

 

إن افتتاح المتحف المصري الكبير لا يمثل مجرد حدث أثري أو سياحي، بل نقطة تحول في مسار السياحة الثقافية بمصر، إذ يعيد رسم خريطتها من جديد من خلال تقديم تجربة ثقافية متكاملة توائم بين الأصالة والمعاصرة، وتعيد لمصر مكانتها المستحقة كعاصمة للحضارة والإنسانية عبر العصور.

الاخبار العاجلة