في ربيع ثوري جديد يقوده جيل الثورة التكنولوجية والحياة الرقمية السريعة، جيل جديد من الشباب الإفريقي يعرف باسم جيل Z، وهم المولودون تقريبًا من بداية الألفية. فهذا الجيل ليس مجرد جمهور مستقبلي، بل أصبح فاعلًا في مختلف المجالات، من الحياة الرقمية إلى السياسة والمجتمع. وتبرز هذه الظاهرة بوضوح على امتداد القارة، بدءًا من المغرب في شمال إفريقيا وصولًا إلى تنزانيا في شرقها، لتشكّل صورة متقاطعة تعكس التحديات والفرص التي يواجهها الشباب.
إلى الربيع الأفريقي:
في المغرب، يشكل جيل Z نسبة كبيرة من السكان، ويواجه تحديات اقتصادية كبيرة أبرزها ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، خصوصًا الفئة العمرية من 15 إلى 24 سنة. وعلى الرغم من هذه التحديات، لا يقتصر نشاط هذا الجيل على الانتظار أو الاستهلاك، بل يبرز دوره الاجتماعي والسياسي من خلال تحركات شبابية على الأرض وفي الفضاء الرقمي. فقد ظهرت حركات مثل “جين زي”، التي نقلت النشاط الشبابي من الإنترنت إلى الشارع، مطالبة بالتغيير والإصلاح. هذا الجيل في المغرب يتميز بقدرة على التعبير الإبداعي، سواء عبر الفن أو الحملات الرقمية أو المبادرات الاجتماعية، إلا أنه يظل يواجه قيودًا في سوق العمل والمؤسسات التقليدية، مما يولد شعورًا بالاستبعاد والبحث عن بدائل.
أما في شرق إفريقيا، فتبرز تجربة تنزانيا، حيث يشكل الشباب نسبة كبيرة من السكان، نحو 34.5٪ من المجتمع تتراوح أعمارهم بين 15 و35 سنة. يتميز جيل Z في تنزانيا بمستوى تعليمي أعلى مقارنة بالأجيال السابقة، لكنه يواجه تحديات كبيرة في إيجاد فرص عمل مناسبة، ما دفع الكثيرين إلى اللجوء إلى الاحتجاجات الشعبية التي اجتاحت البلاد في الأيام الأخيرة احتجاجا على نتيجة الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
رغم اختلاف السياقات بين المغرب وتنزانيا، هناك عناصر مشتركة تميز هذا الجيل على مستوى القارة. فجيل Z نشأ في بيئة رقمية بالكامل، ما جعله متكيفًا مع استخدام الإنترنت والتكنولوجيا الحديثة، وسريع التفاعل مع منصات التواصل الاجتماعي وابتكار المحتوى الرقمي. كما أن هذا الجيل ليس مفصولاً عن أزماته السياسية والاقتصادية التي يتحمل تبعاتها وظروفها الضاغطة، ولذلك فهو يبحث باستمرار عن طريقة لسماع صوته، سواء من خلال الاحتجاجات أو التفاعل الرقمي. وفي الوقت نفسه، تظهر تحديات جديدة تتعلق بالأمن الرقمي والمعلومات المضللة، حيث يواجه الشباب مخاطر متزايدة في العالم الرقمي.
يمكن القول إن حركة هذا الجيل ليست محلية فقط، بل تمتد على مستوى إقليمي، مع المغرب كنموذج للنشاط الشبابي في الشمال سعيا للإصلاح، وتنزانيا كمثال على الطموح في التغيير. وبالتالي قراءة هذه الظاهرة عبر هذه المساحة الجغرافية تساعد على فهم تطلعات الشباب الإفريقي، ما يطلبونه من الدولة، وكيف يسعى جيل Z إلى تحديد مستقبله بنفسه.
جيل Z في إفريقيا اليوم ليس مجرد جمهور للمستقبل، بل هو فاعل حاضر يؤثر في مجتمعه بالطرق التقليدية والرقمية على حد سواء. من المغرب إلى تنزانيا، تتشكل صورة لشباب قادر على مواجهة التحديات وابتكار حلول جديدة رغم التفاوت الكبير في السياقات الاقتصادية والاجتماعية. ومع ظهور هذا الجيل، يبقى السؤال المفتوح حول كيفية استجابة الأنظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في إفريقيا لهذه القوة الشبابية الصاعدة، وما السياسات اللازمة القادرة على احتوائهم وتحقيق العدالة المنشودة.

		
					
					
					
					
					
					
					
					
					
					
					
					
					
					
					
					
					
					
					
					
					
					
					
					
					
					
					
					
					
					
					
					
					
					
					
					
					
					



								







