كفى عبثاً بلقمة الكادحين.. أين ضمير الدولة وميزان العدالة؟!!

3 نوفمبر 2025آخر تحديث :
وجدي صادق
وجدي صادق

 

بقلم: د. وجدي صادق

في وطن أنهكته الأزمات وتكسّرت فيه آمال المواطن على صخور الوعود الكاذبة، يقف موظّف القطاع العام اليوم كمن يقف على حافة الهاوية، بين مطرقة الغلاء وسندان التجاهل. سنواتٌ تمضي، والصرخة ذاتها تتردّد؛ “أين العدالة في توزيع الرواتب؟ وأين الإنصاف في موازين المعيشة؟”.

لقد تحوّل هذا الملفّ من مسألة ماليّة إلى قضية كرامة وطنية. كيف يُعقل أن يُترك الموظف البسيط، الذي يُدير دواليب الدولة بصبرٍ وضمير، يلهث وراء رغيف الخبز، فيما تُغدق الإمتيازات على فئة من المسؤولين غاصت في بحار النعيم؟ هؤلاء الذين جعلوا من مناصبهم ممالك خاصة، ومن خزينة الدولة مائدة مفتوحة لهم ولحاشيتهم وأتباعهم.

يا أصحاب المعالي والسعادة، يا من ترفعون الشعارات الرنانة في المهرجانات والإنتخابات، أليس في قلوبكم مساحة لنبض هذا الشعب المقهور؟!

أليس من واجبكم أن تنظروا إلى موظف الدولة في كافة القطاعات “المدني والعسكري”، كما تنظرون إلى أنفسكم في مرآة المصلحة؟ إنّ الراتب ليس صدقةً تُمنح، بل حقٌّ يُنتزع بعرق الجبين، وإنّ المساواة في العيش ليست ترفاً بل أساس العدالة الإجتماعية التي تقوم عليها الأوطان…. كفى تلاعباً بمصير الناس، وكفى إستهتاراً بحقّهم في حياة كريمة. لقد بات المواطن الموظّف اليوم وقوداً لأزماتكم، وممسحة لسياساتكم، وأداةً إنتخابية تُستخدم عند الحاجة ثم تُرمى عند إنتهاء الموسم السياسي.

هل يُعقل أن تُقاس قيمة الإنسان بمقدار ما يخدم مصالح الزعيم لا بمقدار ما يخدم الوطن؟. نطالب الدولة، والجهات المعنية، وكل من لا يزال يحمل ذرة ضمير في هذا البلد، بأن يُصار إلى معالجة جذرية لهذا الملف، تقوم على العدالة لا على المحسوبيات، وعلى الشفافية لا على التلاعب. فالأزمة لم تعُد مجرّد أرقام في الموازنة، بل أصبحت جرحاً في جسد الوطن النازف، لا يُشفى إلا إذا عادت الكرامة إلى المواطن، والعدالة إلى المؤسسات، والضمير إلى من يحكم. فلْيَعلم كل نائب ووزير ومسؤول أنّ صمت الموظف اليوم ليس ضعفاً، بل صبرٌ على أمل أن تستفيق دولةٌ نامت على أنين شعبها. وإن لم تستفق، فالتاريخ لن يرحم، والشعوب حين تثور لا تُبقي ولا تذر.

*كاتب المقال: إعلامي لبناني.

الاخبار العاجلة