إقرأوا هذا الكتاب وتبارزوا بالوطنية

adminhatem20 سبتمبر 2025آخر تحديث :
بقلم: جوزف الهاشم
بقلم: جوزف الهاشم

إقرأوا هذا الكتاب ، واحجبوا وجوهكم عن أنظار العالم المتحضّر ، واختبئوا خلف سخرية الزمان وأقدام التاريخ .

إقرأوا كتاب “نيل باتريك” الصادر في شهر آب الماضي بعنوان : “الدولة الفاشلة في الشرق الأوسط” .

“نيل باتريك” هو أحد أبـرز الصحافيين الغربيّن المتعمّق في شؤون منطقة الشرق الأوسط بكل مضامين تاريخها وأحداثها والأنظمة فيها والأحزاب ، ولَـهُ مع أبرز رؤسائها جولاتٌ وكتبٌ وكتابات .

ماذا قال هذا “البتريك” عن الدول الفاشلة في الشرق الأوسط .

“قسَم الكاتبُ دولَ المنطقة إلى ثلاثة أقسام : المغرب والأردن ودول الخليج تـتّسم بالإستقرار ، وقسمٌ آخـر يحكمه العسكر ، وقسمٌ ثالث تحكمه الميليشيات وهي : اليمن والعراق وسوريا ولبنان … وهذه الدول ترعاها قـوّة إقليمية أو كيانات موازية لسلطة الدولة الرسمية فأصبحت شبه دولة ، مما يسبّب انقساماً في الهويات واندلاع الحروب الأهلية” .

لن أتبسّط في ما قيل عن نظام الأسدَين في سوريا … وعن حكم الميليشيات والأحزاب في العراق ، حيث كلُّ كتلة سياسية جناحٌ مسلّح يواجه الدولة … ولا عن سلطة الحوثييّن التي أدخلت الدولة في حروب أهلية .

بل أرهب ما يعنيني هذا الذي قالَـهُ عن لبنان :

“في لبنان : الأحزاب تقدّم الأمن والخدمات الإجتماعية لمحازبيها ، بينما الحكومة ترزح تحت رحمة الدمار المالي ، والوضع الميليشياوي في لبنان الذي يحتكر قـرار الحرب والسلم أَضعفَ الدولةَ وجعلها أقرب إلى الإنهيار ، وأن هناك عاملاً مشتركاً في هذه الدول الفاشلة الأربع وهو على الأخص العامل الإيراني” .
هل هذا هو لبنان الذي نتبارز للدفاع عنه ، نقاتل ونتقاتل ونستشهد من أجله ، لنجعله دولة فاشلة … ؟

وهذا اللبنان الذي كان سويسرا الشرق ، ودرّة الشرقَين ، وقبلةَ الغرب ، وعاصمة العالم الحضاري ، ورائد الفكر والشعر والأعلام والأدب ، في عالم العرب، هذا الوجه الحضاري المشرق ، وهذا الفارس العربي العريق ، جعلناه بدويّاً متخلّفاً يسير في الصحراء خلف أذناب الخيل ولا يمتَطي صهواتِها …؟

هذا اللبنان: الذي وصَفَـهُ النبيّ بأنّه “جبلٌ مقدّس وأحدُ جبال الجنّة الأربعة،(1) جعلناه جبلاً وثنيّـاً وجعلناه مزرعة ، وجعلناهُ غابـةً ، وجعلناهُ مثلاً لسخريّّـة الدول ، ودولة فاشلة وشبه دولة ، في كتاب “نيل باتريك” …؟

هذا اللبنان : الذي باركَتْ خطى المسيح جنوبَـهُ : في “تخوم صيدا وصور والمدن العشر” والتفّ حول القرى الحدودية(2) … جعلناه مسرحاً لخطى العدو المدنّسة ، وبلدةُ “قانا” التي أقام فيها المسيح عرساً ، أقيمتْ فيها المآتم .

ولبنان الذي رأى فيه الإمام موسى الصدر “وطناً فريداً لا نملك غيره ، أرضُـهُ تعكس السماء والجغرافيا تمثل التاريخ”(3) ، هذا اللبنان جعلناه أرضاً محكومةً بالنوازل وجغرافيا محكومةً بالزلازل .

اليابان التي كانت أرضاً معروفةً بهزات زلزالية ، استطاعت براعةُ العقل الهندسي فيها أن تقيم الأبنية الحصينة في وجـه زلزلة الأرض ، حتى لا تصبح اليابان دولة فاشلة .

“والساموراي” اليابانية حين خسرتْ المعركة لجأ أعضاؤها إلى لعبة “الهاراكيري” : فطعنوا بطونهم بالخناجر لمسحِ عـار الهزيمة .
ولبنان الذي كان إسمه لبنان منذ أربعة آلاف سنة ، وهو أقدم دولةٍ في التاريخ، لأنكم جعلتموه دولةً فاشلة وشبهَ دولة ، تفضّلوا وامسحوا عنكم عـارَ الهزيمة بطعن البطون بالخناجر .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ إبن الأثير : “الكامل في التاريخ” ج1 ـ ص : 138 ـ الطبري : “تاريخ الرسل ج1 ـ ص : 124 .

2 ـ مرقس : 7/13 .

3 ـ من نداء إلى العقل للإمام الصدر : 7/1/1976 .

الاخبار العاجلة