التأقلم… بين الحقيقة والوهم

adminhatem20 سبتمبر 2025آخر تحديث :
بقلم: ولاء عزو
بقلم: ولاء عزو

التأقلم كلمة تبدو بريئة للوهلة الأولى؛ كأنها صمام أمان للروح أمام عواصف الحياة، لكن حين نتأملها بعمق، نجدها كائنًا مزدوج الملامح: تارةً صديقًا ينقذنا، وتارةً عدوًا يتنكر في ثوب الحكمة، فالتأقلم في جوهره قدرة الإنسان على الانحناء أمام الريح دون أن ينكسر.. هو أن يقبل ما لا يمكن تغييره، ويتعلم كيف يخلق معنى من قلب الفقد أو العجز.

المغترب الذي يتعلم لغة جديدة ليبني حياة مختلفة، والمريض الذي يتصالح مع مرضه ليواصل العيش… هؤلاء جعلوا من التأقلم جسرًا نحو النمو.

لكن، ماذا عن التأقلم الذي يُسكِت صرخة الروح؟

حين يتحول إلى عادة تسوّغ القبول بما هو سامّ، أو تبرّر المكوث في علاقات مؤذية، أو عمل يطفئ الشغف.

هنا يصبح التأقلم وهمًا، قناعًا يخفي خوفنا من المواجهة، ويحوّلنا إلى كائنات صامتة تستهلكها الأيام.

بين هذين الحدّين يتأرجح الإنسان… مرّةً يعبر، ومرّةً ينكفئ متسلسلاً.

الفارق الدقيق إذن يكمن في الإدراك والتوظيف:

إن تأقلمنا لنعيش بوعي، فهو قوة.

وإن تأقلمنا لنهرب من مواجهة، فهو ضعف يذيبنا ببطء.

الحياة ليست دعوة إلى الثورة الدائمة، ولا إلى الاستسلام الكامل.
إنها تطلب بصيرة ترى الخط الرفيع بين الحكمة والهروب.
أن نسأل أنفسنا كل مرة:
هل أتأقلم لأزدهر… أم لأتلاشى؟

الاخبار العاجلة