أموال دمشق عالقة في بيروت.. لبنان يغرق القطاع المصرفي السوري

21 أكتوبر 2025آخر تحديث :
أموال دمشق عالقة في بيروت.. لبنان يغرق القطاع المصرفي السوري

فاطمة خليفة:

أصدر مصرف سورية المركزي توجيهًا رسميًا يلزم فيه المصارف التجارية السورية بتغطية 100% من خسائرها المرتبطة بالأموال العالقة في النظام المصرفي اللبناني، مع إعطاء مهلة ستة أشهر لتقديم خطط إعادة الهيكلة المالية.
تعكس هذه الخطوة اللافتة عمق الأزمة المالية العابرة للحدود من لبنان إلى سوريا، نتيجة أزمة المصارف اللبنانية، حيث أودع العديد من البنوك السورية أموالاً في المصارف اللبنانية قبل الأزمة، مما جعل هذه الأموال مجمدة ضمن الأزمة المصرفية اللبنانية، وبينما تواجه الحكومة السورية ضغطاً داخلياً لحل مشكلة العجز المالي في النظام البنكي لديها، وسط عقوبات ومشكلات اقتصادية حادة، أدت إلى اتخاذ هذا القرار.

جاء القرار ضمن بيان رسمي نشره المصرف اليوم، وأشار فيه إلى أن هذه الإجراءات تأتي ضمن سياسة معالجة المخاطر الخارجية وحماية القطاع المصرفي المحلي من تداعيات الأزمات الإقليمية، في إشارة مباشرة إلى الانهيار المالي اللبناني المستمر منذ العام 2019.

وبحسب تقرير اقتصادية، فإن المصارف السورية تمتلك ما يقارب 1.6 مليار دولار من الأموال المجمدة في المصارف اللبنانية، وهي تمثل نسبة كبيرة من مجمل الانكشاف الخارجي للقطاع المصرفي السوري، الذي يعد جزء من إجمالي 4.9 مليار دولار من الودائع السورية التي كانت موجودة في لبنان قبل الأزمة.
كانت هذه الأموال تُستخدم سابقًا في تمويل التجارة الخارجية وتوفير العملة الصعبة للاقتصاد السوري، غير أن تجميدها منذ انهيار القطاع المصرفي اللبناني أدّى إلى اضطرابات حادة في ميزان المدفوعات السوري.

القرار الحكومي يحمل المصارف مسؤولية كاملة عن هذه الخسائر، ويلزمها بتقديم خطط هيكلية لمعالجة التراجع في السيولة ورأس المال، مع التأكيد على أن الدولة السورية لن تُموّل هذه الخسائر ولن تغطيها من خزينة الحكومة.

تعد هذه الخطوة مؤشرًا واضحًا على حجم التشابك المالي بين البلدين، حيث ظلت المصارف السورية تعتمد لسنوات طويلة على نظيرتها اللبنانية في تحويل الأموال وتسيير العمليات التجارية في ظل العقوبات المفروضة على دمشق. ومع انهيار النظام المصرفي اللبناني، أصبح من الواضح أن التداعيات تجاوزت لبنان لتطال أسس الاستقرار المالي السوري نفسه.

رحب بعض المراقبين بالقرار باعتباره خطوة لضبط المخاطر وتحقيق الشفافية، أثار آخرون مخاوف من أن تؤدي هذه الإجراءات إلى موجة من الإغلاقات أو الاندماجات القسرية في السوق المصرفية السورية، خاصة في ظل ضعف الربحية وانعدام القدرة على تحصيل أصول بديلة.
من غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت البنوك السورية ستتمكن من تنفيذ التوجيه خلال الإطار الزمني المحدد، أو ما إذا كان هناك استعداد فعلي لضخ رؤوس أموال جديدة لتعويض الخسائر، ويبقى القرار اختبارًا حقيقيًا لصلابة القطاع المصرفي السوري، كما يعكس مدى اتساع آثار الانهيار اللبناني، الذي لم يقتصر على الداخل، بل بات يهدد توازنات مالية في دول الجوار.

الاخبار العاجلة