مجموعة إنسان.. عندما يصبح القائد وجدان وطن

23 أكتوبر 2025آخر تحديث :
بقلم: أم كلثوم محمد المصطفى
بقلم: أم كلثوم محمد المصطفى

في زمنٍ تتزاحم فيه الصور وتتعدد فيه الأصوات، تبقى بعض المواقف خالدة لأنها تلامس جوهر الإنسان قبل أي شيء آخر.

قصتنا اليوم عن “مجموعة إنسان”… عن رجلٍ حمل في ملامحه صرامة القائد ودفء الأب، وجعل من الإنسانية عنوانًا للقيادة.

اللقاء الأول:

كان ذلك في أكتوبر 2014، أيام كنتُ الأمين العام المساعد لاتحاد الصحفيين العرب، خلال اجتماع الأمناء العامين والمكتب الدائم للاتحاد.

حينها التقيتُ بالرئيس عبد الفتاح السيسي، وكان حديثه بسيطًا في شكله، عميقًا كل العمق في جوهره. قال لنا بهدوء الواثق:
نحن وأنتم أمام مسؤولية إنسانية وتاريخية كبيرة، تحكمها الضمائر والانتماء.

كلنا جنود الأرض وحراس الوطن، وإن اختلفت وسائلنا القتالية، فهي لا تقل أهمية عن بعضها…

الجندي على الحدود يحتاج للجندي الذي يحمل قلمه وعدسته ليؤدي دوره بأمانة وشرف.”

كانت كلماته تنبض وعيًا ومسؤولية. أدركنا أن الحرب لم تعد فقط على الحدود، بل في العقول والقلوب.

قال يومها:

أساليب العدو تغيرت، وأهدافه تدميرية لكل المعاني السامية… العدو اليوم يعيش بيننا، في بيوتنا وشوارعنا، مستهدفًا كل المكون الاجتماعي ذاته.”

نظرة منه في عيون الجميع قائلاً:

دوركم في هذه الحرب هو صناعة الوعي… وعي أمني، سياسي، اجتماعي، صحي، وديني.”

خرجتُ من اللقاء مثقلة بالتأمل. لم أدرِ هل الزملاء أدركوا عمق ما قال، أم انشغلوا بتوثيق الحدث في صور تذكارية؟ كنت أشعر أنني سمعت ما هو أبعد من الكلمات.

مشهد لا يُنسى:

بعد أيام قليلة، كنت في طريقي عائدة إلى موريتانيا، وكانت تونس محطة العبور. في الفندق، ألمّت بي حُمّى خفيفة، فاستلقيت أتابع التلفاز.

وبينما أتصفح القنوات، ظهر على الشاشة مشهد حيّ آخر لذلك الرجل الذي التقيناه بالأمس… لكنه بدا مختلفًا.

كان اللقاء بين الرئيس السيسي والطفل “أحمد”، أحد محاربي السرطان.
في تلك اللحظة أدركتُ أنني لا أشاهد حدثًا عابرًا، بل لحظة إنسانية نادرة.

طلب الرئيس من الطفل طلبًا بدا غريبًا على من هو في مقامه:

إدع لي يا أحمد

تلك الجملة وحدها كانت كفيلة بأن تختصر معنى الإنسانية في القيادة.
رئيس دولة عظيمة، بتاريخ يمتد لأكثر من 13 ألف سنة، وجيش هو الأقوى في إفريقيا والعالم العربي، يطلب الدعاء من طفل صغير محارب للمرض.

يا له من مشهد يجعلك تؤمن أن الإنسانية لا تنفصل عن القيادة، وأن القوة الحقيقية تبدأ من القلب.

القائد والمواقف:

لم يكن ذلك الموقف الإنساني سوى انعكاس لجوهر الرجل.
ففي الوقت الذي كانت تُفرض فيه عليه ضغوط دولية، ويُعرض عليه التنازل عن ثوابت الوطن مقابل رخاء مؤقت، اختار أن يقول: لا.

رفض تهجير أهل غزة إلى سيناء، ورفض صفقات تُفرّط في الأرض مقابل الهدوء، وظل صامدًا أمام حملات التشويه والافتراء داخليًا وخارجيًا.

تمسّك بالسيادة الوطنية، وعضّ بالنواجذ على حوزة التراب المصري، مؤمنًا بأن كرامة الوطن لا تُقايض بثمن.

لم يتحدث كثيرًا، بل ترك المواقف تتحدث عنه.

كان يعمل في صمت، ويُعيد بناء الدولة في زمنٍ ضاق فيه الأمل، فنهضت مصر معه من عثراتها نحو مكانتها التي تليق بتاريخها وحضارتها.

مجموعة إنسان:

وفي أحد مشاهد التكريم الشعبي، ظهرت امرأة مصرية بسيطة تبكي فرحًا في حضرته.

كان المشهد مفعمًا بالعفوية والصدق؛ لم تنسَ أن تطلب حضور والدها – رجل من ذوي الاحتياجات الخاصة – ليشاركها لحظة التكريم.

اقترب الرئيس السيسي منه، واحتضنه بذراع، بينما ظل ممسكًا بيد المرأة بالأخرى.

مشهد بسيط في ظاهره، لكنه عميق في معناه: احتضان الأب والابنة في لحظة واحدة هو رسالة إلى كل المصريين بأن القائد في صفهم، وبينهم، ولهم.

تقدّم بهم بثبات نحو مقدمة المنصة، دون بروتوكول متكلف ولا حرسٍ متوجّس.

كانت لغته الجسدية أصدق من أي خطاب سياسي، وهو يقول بلا كلمات:

هكذا هو الرئيس عبد الفتاح السيسي… مجموعة إنسان.

قائد جمع في شخصه الحزم والرحمة، القوة والدفء، الإصرار والعطف.
في حضرته تبكي أم فرحًا، ويبتسم طفل أملًا، ويشعر المواطن أن له سندًا حقيقيًا لا يفصله عنه جدار السلطة.

هنيئًا لمصر بإنسانٍ جعل من القيادة وجدان وطن، ومن الوطن بيتًا يسكنه قلب قائد.

*كاتبة المقال: صحفية موريتانية.

الاخبار العاجلة