وشهرَ الضابطُ سيفَـه

7 نوفمبر 2025آخر تحديث :
جوزف الهاشم
جوزف الهاشم

ـ “لن يكون هناك مشكلة بين لبنان وإسرائيل إذا تـمّ نـزعُ سلاح حزب الله …”

ـ “إسرائيل تقصف جنوب لبنان يومياً لأنّ سلاح حزب الله لا يزال موجوداً ..

ـ “إذا لم تنزع الحكومة اللبنانية السلاح من حزب الله ستتولّى ذلك إسرائيل …”

التوقيع : توم بارّاك ــ للمصادقة : دونالد ترامب

كثيراً ما يظنّ بعضُ السياسيين والإعلاميين أنّ الموفد الأميركي “بارّاك” يعاني من بلبلة ذهنية وهلْوَسـة سياسية ، فلَـهُ في كل مقامٍ مقال ، وفي كل مقالٍ تعارضٌ وانفعال .

وفي معزل عما يقوله باراّك .. “ليت للبراَّق عيناً فتـرى …”

بفعل البلبلة والهلْوَسة السياسية في الداخل ، والجعجعة العسكرية من الحدود، لـمْ يعد للصبر حدود .

لم يعد من حدود للصبر السياسي والصبر الأمني والصبر السيادي والصبر الرئاسي ، وحتى لو كان الصبرُ مفتاحَ الإنفجار لا مفتاح الفرج ، فقد شهر رئيس الجمهورية السيف الذي أقسم عليه يـوم تخرّج ضابطاً ، وشهر خطاب القسم الذي أعلنه يوم انتخب رئيساً ، وطلب من قائد الجيش التصدّي لأي توغّل إسرائيلي في الأراضي اللبنانية المحررة .

شرب الرئيس حليب السباع وهو يعلم أن السيوف لا تصدّ الصواريخ ، ويعلم أن الخمر ليست محرَّمة عند العدوّ وهو يعبُّ منها ومن السكر إلى حـدّ الجنون .
لعلّ الموقفَ الرئاسي على مغامرته يرفع عن الدولة تهمـة التخاذل وعن الحكومة تهمـة التآمر .

ولكن ، علينا ألاّ نواجه جنون العدو بسلاحين ، وكأنّ أحدهما يهدّد الآخر.

سمعنا في يوم واحد الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم يقول : “نرفض تجريد لبنان من قوَّتـهِ لا نقبل الأوامر من أحد ، الجيش والشعب والمقاومة في موقف واحد …”

ورئيس الحكومة يكرر القول : “لن نتراجع عن حصرية السلاح” .

هكذا نبدو ، حيال حصرية السلاح كأننا ننقسم إلى فريقين ، ولكلِّ فريقٍ سلاحُهُ، ولا يستطيع المقاتل في المعركة أن يحمل سلاحين في يـدٍ واحدة .
رئيس الجمهورية ، هو المقاوم الأول والقائد الأعلى للقوات المسلحة ، وليس بينه وبين حصرية السلاح مشكلة شرعية ، وهو وحده يستطيع أن يمثل الجيش والشعب والمقاومة ، ومعه ومع الدولة وحدهما تصبح وحدة الساحات عملاً سياديّاً ووطنياً جامعاً .

وإلاّ فما هو البديل ..

كل الأشقاء والأصدقاء على السواء ينصحون بتسليم السلاح ، ومدير المخابرات المصري حسن رشاد حمل إلينا نصيحة تقول : “لديكم الآن 20 في المئة من سلاح حزب الله من الممكن أن تشكل مادة للمفاوضة ، إما إذا نفَّذت إسرائيل ضربـة عسكرية حطّمت بها هذا السلاح فلن يكون لكم ما يمكن التفاوض عليه…”
ثـمّ ، من قال أن إسرائيل ضمناً تفضّل أن يُنزعَ من حزب الله سلاحهُ لتصبح محرجة حيال ما تمارسه من مطاردات يومية لحزب الله بهدف تصفية قادتـه.

نعم ، لبنان بالرغم من إفلاسه القيادي ما زال يحتفظ برصيد تاريخي دولي وإلاّ ، فماذا منَعَ إسرائيل من أن تفعل في لبنان ما تفعله في غـزة ، كمثل ما مُنعَتْ من احتلال جـزء من لبنان يوم احتلت أجـزاءً من أراضي الدول العربية المتاخمة لحدودها سنة 1967.

رئيس الجمهورية شرب بعضاً من كأسـهِ وقضَتْ الحكمةُ أنْ يترك شيئاً في قرارة الكأس ، حرصاً على الغـد ، فإنْ ضاع هذا الغـد يصبح علينا أن نشرب
من كأس الشاعر بشارة الخوري الأخطل الصغير
يشربُ الكأسَ ذو الحِجي ويبقّي لغدٍ في قرارِة الكأسِ شيّـا
لم يكنْ لي غـدٌ فأفرغتُ كأسي ثـمّ حطَّمْتُها على شفتيّـا .

*كاتب المقال: وزير لبناني سابق.

الاخبار العاجلة