بورتسودان… قصة أول قاعدة روسية في إفريقيا.

منذ ساعتينآخر تحديث :
بورتسودان… قصة أول قاعدة روسية في إفريقيا.

فاطمة خليفة:

كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال”؛ عن تفاصيل الاتفاق الذي أعلن عنه في فبراير 2025 بين الخرطوم وموسكو، والذي يقضي بإنشاء أول قاعدة بحرية روسية في القارة الإفريقية على ساحل البحر الأحمر، في خطوة قد تعيد رسم خريطة النفوذ في المنطقة.

بحسب تفاصيل الاتفاق، فقد عرضت حكومة برهان على روسيا، منحها حق إقامة مرفق بحري في بورتسودان، يسمح برسو سفن حربية، ونشر قوات قد تصل إلى 300 عنصر روسي.

تعمل روسيا منذ حربها الأخيرة، على توسيع وجودها البري والبحري في إفريقيا، خاصة بعد أن فقدت العديد من مراكز نفوذها في سوريا، وبالتالي يمثل هذا الموقع قيمة استراتيجية كبيرة، نظراً لأهمية البحر الأحمر وممراته البحرية التي تربط المحيطين الهندي والمتوسط عبر قناة السويس.

أما السودان، فهو يعيش في صراع داخلي طويل بين قوات الجيش بقيادة برهان وقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، مما أفقده الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني، ويأتي الاتفاق مع روسيا في إطار تعزيز دعم عسكري ولوجستي من طرف إقليمي قوي، في ظل حاجة إلى أسلحة ومعدات دفاعية.

في حال تنفيذ الاتفاق بالكامل، فهذا يعني أن روسيا ستملك بعداً بحرياً جديداً في البحر الأحمر، مما يغيّر معادلات النفوذ العسكري في المنطقة ويمثل رسالة قوية إلى القوى الدولية التي تعتبر الممرات البحرية في البحر الأحمر حيوية لمصالحها، وهذا الوجود قد يجعل بورتسودان محوراً للتواجد الروسي في البحر الأحمر، وهو ما يمكن أن يثير مخاوف مصر، من تأثير هذه الخطوة على أمن الملاحة أو توازن القوى الإقليمية.

من جانب آخر، قد يؤدي الاتفاق إلى زيادة التوتر مع دول غربية، لاسيما إذا استخدمت السفن الحربية الروسية القاعدة للعمليات بعيداً عن مجرد الدعم اللوجستي، وهو ما قد يعيد النقاشات حول حرية الملاحة، الأمن البحري، ودور قوى دولية في حماية الممرات البحرية.

الحرب الأهلية والانقسام الداخلي، يمكنه أن يجعل هذا الاتفاق هشاَ، نتيجة تقلبات السيطرة على الموانئ بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وبالتالي فالطريق إلى تنفيذ القاعدة ليس معبداً، فالتقارير تشير إلى أن تصاعد النزاع أعاد جمد مشروع القاعدة وجمد معه العمليات العسكرية الروسية في بورتسودان.

بالإضافة إلى قدرة روسيا على تنفيذ مشروع بهذا الحجم قد تكون محدودة، مع استنزاف مواردها في الحرب الأوكرانية، وتراجع نشاطها في مناطق مثل البحر الأبيض المتوسط، وهذا يعني أن الموقف قد يبقى في إطار الوعود والتفاهمات أكثر منه قاعدة قائمة وفعالة.

بينما تبحث السودان عن الدعم الخارجي الذي يوفر لها دعم داخلي في الحرب الداخلية، تبقى تكلفة ذلك على استقرار البحر الأحمر، وعلى الأمن الإقليمي، وعلى علاقات بلدان عربية مع موسكو قد تكون باهظة، أما على الصعيد الدولي، فهذه القاعدة إن نفذت فستكون اختباراً جديداً لقدرة الأساطيل الكبرى على إعادة توزيع النفوذ البحري وما إذا كان التوتر سيزداد حول ممرات بحرية حيوية أم لا.

الأشهر المقبلة هي من ستحدد هل تصبح بورتسودان منصة روسية مفتوحة في البحر الأحمر، وتعيد رسم خريطة النفوذ البحري والإقليمي، أم ستظل السودان رهينة الحرب الأهلية الدائرة.

الاخبار العاجلة