منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، والمنطقة العربية تشهد تغيّرات كبرىٰ لم تكن وليدة الصدفة، بل نتاج مخطط مدروس لإعادة رسم خارطة النفوذ في الشرق الأوسط. الغزو الأميركي للعراق لم يُسقط فقط نظاماً، بل فتح الباب أمام إيران لتوسيع نفوذها، وسط صمت عربي أو تواطؤ ضمني، وتبعثر في المواقف. أما سوريا، التي تحوّلت إلى ساحة صراع إقليمي، لم تحظَ بموقف عربي موحّد. إنقسمت العواصم بين داعم للمعارضة ومنتظر للغلبة، فيما إستغلت إيران وروسيا هذا الفراغ لبناء وجود طويل الأمد. أما ليبيا، فسقطت في الفوضىٰ بعد إسقاط القذافي، وأصبحت مسرحاً لتجاذب محاور عربية تدعم ميليشيات مختلفة بدل مشروع وطني جامع. واليوم تتصاعد نذر الحرب بين إسرائيل وإيران، وسط إنكشاف عربي واضح.
الصراع لم يعد محصوراً بفلسطين، بل يمتد إلى العراق، اليمن، لبنان، وسوريا. ومعظم الدول العربية والإسلامية تلتزم الحياد أو العجز، إما خوفاً أو مصلحة، ما يكرّس واقع الفراغ العربي ويمنح القوى الإقليمية والدولية مساحة أوسع للهيمنة… الخط البياني للأحداث منذ 2003 حتى اليوم يكشف رابطاً واضحاً: غياب مشروع عربي موحد، وإنقسام إسلامي حاد، سمحا لقوى خارجية بأن ترسم مصير المنطقة. فإن لم تتدارك العواصم العربية والإسلامية هذا المسار، فستبقى شعوب المنطقة تدفع ثمن التخاذل والتشتت.
*كاتب المقال: إعلامي لبناني.