فرنسا تخلد ذكري إبادة الأرمن وتعلن للعالم انتهاء حقبة الطي والكتمان والإنكار

آخر تحديث : الثلاثاء 23 أبريل 2019 - 1:26 صباحًا
فرنسا تخلد ذكري  إبادة  الأرمن  وتعلن للعالم  انتهاء حقبة الطي  والكتمان والإنكار

آلت فرنسا علي نفسها إلا و أن تجعل يوم الرابع و العشرين من أبريل عام 2019 حدثا مهما للمجتمع الدولي الإنساني ، حين تقر فرنسا و تعلن رسميا للعالم الحر المتمدين أن ما حدث للأرمن في ذات اليوم الرابع و العشرين عام 1915م شكل جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان وفق اتفاقية الأمم المتحدة لمنع و العقاب علي جريمة الإبادة الجماعية التي صدرت في 9 ديسمبر عام 1948 م .

في ذلك اليوم المظلم في تاريخ الأرمن و البشرية ، لفظت المجازر حممها ، حين أصدر الظالم العثماني فرمانه الأغبر بإبادة الأرمن غدرا ، و إبعادهم غيلة ، و تعذيبهم جبرا ، و تهجيرهم خارج وطنهم قسرا ، و أطلق الحاكم العثماني و لم يكن حكما عادلا ، رصاصة البداية للخطة الممنهجة و المعدة من قبل لإبادة الأرمن الجماعية ، فاستغرق حصد و تصفية المفكرين الأرمن ، و أعلامهم من أهل الثقافة و الرأي و الإبداع ساعات بطيئة في عمر الزمن و كئيبة في نفوس البشر في مشهد كئيب ليوم عصيب في الخامس عشر من أبريل عام 1915م

و بالرغم من أن القتل عدته اتفاقية منع الإبادة المشار إليها أحد أنماط الإبادة الجماعية ، بيد أن الوحش الإبادي التركي الذي دشن قرن الإبادة الجماعية القرن الماضي ، آثر أن يسد علي أحفاده أتراك اليوم المنكرين للجريمة أية ثغرة يفلتون منها ، فارتكب كافة الأفعال الإبادية المختلفة التي نصت عليها المادة الثانية من الإتفاقية المشار إليها ، فصارت الدماء التي سالت من الضحايا الأرمن جراء الأفعال الإبادية التي ارتكبها الأتراك السلاطين مدادا أحمرا كتبت به الإتفاقية المشار إليها ، كما أشار لهذه الدماء الذكية الفقيه ” ليمكن ” في أطروحاته التي مهدت للإتفاقية .

ومهما طالت السنون ، ستظل ذاكرة التاريخ الإنساني ملطخة بدماء المليون و نصف الأرمني من الإطفال و النساء و العجائز و الرجال الشرفاء الذين قضوا بسنابك القتل و قيظ الصيف و زمهرير الشتاء في صحاري الشام ، فهذه الدماء سطرت تاريخ أرمينيا في تركيا ذاتها ، فشريعة الغاب لن تدوم طويلا ، و لن يستمر ضمير الإنسانية في سبات و غفوة و خدر

إن إصرار ذلك الشعب الأرمني الجبار علي إحياء قضيته في ضمير العالم المتحضر و التصدي لمحاولات تركيا التهوين من الجرائم المرتكبة تارة ، و الإنكار تارة أخري للقضية الأرمنية برمتها جعلت حكومات و برلمانات الدول فضلا عن منظمات و جمعيات و هيئات المجتمع المدني العالمية و الوطنية تقر بأن ما ارتكبته تركيا عام 1915و ما بعدها شكل جريمة إبادة جماعية في القانون الدولي ، و هل بعد الإقرار الرسمي بالإبادة الأرمينية من حليفي تركيا : ألمانيا و النمسا رسميا في مايو عام 2016م أي إنكار ؟

إن أحد المبادئ الراسخة في القانون الدولي ، الإعتراف بحق الضحايا و أسرهم في معرفة الحقيقة المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان ، و في المقابل يقع علي الدول التزام دولي بالتحري عن تلك الحقيقة و نشرها ، و قد فعلتها تركيا عام 1919 حين أسست المحكمة العسكرية في اسطنبول لمقاضاة القادة الأتراك الذين ارتكبوا الجرائم ، و لكن تتنصل تركيا الأردوجانية من كل هذه الحقائق و الوقائع القانونية و المادية ، و لا تجد من الجماعة الدولية إلا آذان موصدة تحفز الأحفاد و غيرهم علي ارتكاب ذات الجرائم إن آجلا أو عاجلا .

إن الخطوة التاريخية الإنسانية الفرنسية تؤكد أن الحقيقة ضرورية لاحترام كرامة الضحايا و مصلحة المجتمع الدولي بأسره فيضحي ذلك الإقرار صمام أمان لمنع تكرار هذه الجرائم مستقبلا فالإنكار لا يعني إلا الإستمرار ، و إذا كان من المحتمل أن يؤدي اقرار الحكومة التركية بالجرائم التي ارتكبت بحق الأرمن إلي تخفيف معانة الضحايا المغبونين في قبورهم ، فمن المؤكد أن من شأن ذلك أن يحقق الشفاء الروحي لأسر و محبي هؤلاء الضحايا الباقين علي قيد الحياة .

إن الإقرار بالذنب إعلاء للعدالة ، و لا يعد تصفية لحساب و لكن تهدئة للنفوس المكلومة من أسر الضحايا و تدعيم للتضامن الإنساني ، و إنهاء لثقافة الإفلات من العقاب ،و حفظ الجنس البشري ممن يذبحون و ينكرون ، و يمسح العار عن جبين الحكومات التركية الذي لايزال يعرق خجلا و فشلا .

إن الإقرار الفرنسي بجرائم الإبادة الجماعية ضد الإرمن واجب دولي ، ليس من الناحية القانونية وفقا لقواعد المسؤولية الدولية ، و لكن من الناحية الواقعية باعتبار أن فرنسا كانت أحد الدول الكبري المتحاربة في الحرب العالمية الأولي و كان السفراء و القناصل الفرنسيين شهود عدل وثقوا لدولتهم و العالم بأسره الجرم التركي المشهود .

رابط مختصر
2019-04-23 2019-04-23
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر