ثروات السودان تجذب أطرافا دولية وإقليمية لاستثمار الأزمة

آخر تحديث : الخميس 25 مايو 2023 - 1:24 مساءً
ثروات السودان تجذب أطرافا دولية وإقليمية لاستثمار الأزمة
فاطمة خليفة:

>> د. هبة البشبيشي: دور مصر قوي.. والصراع على السلطة والثروات

يتابع الشعب العربي بكل الحزن والأسى ما يحدث في السودان الشقيق، ولكن لا أحد يدري ماذا يحدث ولماذا يحدث، فقد استيقظ الجميع في نهار الشهر الفضيل على أخبار القتال بين أطراف المجلس العسكري الحاكم المنوط به حماية أمن البلاد.

ويخشى الجميع من تكرار مأساة ليبيا في السودان؛ فتبقى مصر محصورة بين صراعات ليبية واشتباكات سودانية، فما الداعي لهذه الحرب السودانية ومن الداعي والممول لها وهل تحمل قضية حقيقية أم مجرد صراع على السلطة؟

وما الذي يمكن أن يتداعى على مصر جراء هذه الحرب؟ وهل مصر هي المستهدفة بالفعل من هذه الحرب؟.. وهل هي حرب داخلية أم جزء من الصراع العالمي؟ “العربي الأفريقي” يحاول الإجابة على هذه الأسئلة في التقرير التالي:

بدأت المناوشات باحتشاد الآليات العسكرية التابعة لقوات الدعم السريع بالعاصمة الخرطوم في منتصف إبريل الماضي، والتي كانت تمر بمرحلة انقسامات سياسية حادة بين قائدها نائب الرئيس السوداني الفريق حمدان دقلو الشهير بـ”حميدتي”، وبين قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وسرعان ما تحولت إلى مواجهات مسلحة بين القوتين، مازالت مستمرة بشكل متصاعد وصلت كلفتها البشرية حتى الآن أكثر من 5000 مصاب و 600 قتيل.

ظاهرياً بدأ الخلاف بين “البرهان” و”حميدتي” حول موعد انتقال السلطة إلى الحكم المدني حسب الاتفاق الإطاري الذي تم توقيعه سابقاً، ولكنه الخلاف الذي لا يرتقي إلى حرباً شعواء. حسب الأوضاع السودانية لا يوجد سببا لهذا الصراع سوى الاستيلاء على السلطة ومقاليد الحكم، فكلاهما يمتلك القوة العسكرية التي تدفعه إلى التفكير في الانفراد بالسلطة، خاصة أن السلطة دائماً لا تقبل القسمة على الاثنين.

بينما تبقى ثروات السودان الطبيعية والجغرافية والمالية دافع لأي قوى إقليمية أو دولة لخوض الصراعات من أجلها، فلا يخفى على أحد تشابك العلاقات والمصالح بين أطراف الصاراع داخلياً وخارجيا.

فقد تعاونا الرجلان المعينان من قبل الرئيس السابق عمر البشير على الإطاحة به عام 2019 عقب خروج المظاهرات السودانية المطالبة بإقالته، فقام “البرهان” قائد الجيش بعزله وانضم إليه “حميدتي” قائد قوات الدعم السريع وهي قوات عسكرية خاصة أنشأها “البشير” من مسلحي القبائل والعشائر السودانية وانضم إليها منشقي الجيش السوداني والناشطين المسلحين.

سيطر عبد الفتاح البرهان على الحكم من خلال تعيينه رئيساً للمجلس العسكري، عقب عزل “البشير”، بينما سيطر “حميدتي” نائبه على مناجم الذهب السوداني والتي يقال إنها السبب في هذا الصراع.

ولكن ما الذي يدفع “حميدتي” إلى إشعال حرباً من أجل الذهب وهو الذي يسيطر على أكبر مناجم الذهب بالسودان ويمتلك شركة تجارية لتصديره تعرف باسم “الجُنيد”، والتي يعد نشاطها الرئيس في دولة الإمارات العربية المتحدة؟! .. وهذا يطرح عدة تساؤلات عن دور الإمارات بشكل خاص والدور العربي والإقليمي والدولي بشكل عام في أحداث السودان.

النفط للصين والذهب لروسيا

يتشكك الكثير من حقيقة المساعي الأمريكية وحليفها الأوروبي لحل أزمة السودان بشكل فعال، خاصة أن خلفية الموقف الأمريكي من أزمات السودان السابقة يقف حائلاً دون الاطمئنان لتلك المسعي، فقد أكدت جميع الأزمات السابقة للسودان على وجود استثمار أمريكي للأزمات والمحافظة على استمراريتها، لاسيما في ظل التواجد الصيني والروسي في السودان، والمنافسة الأمريكية الصينية على ثروات السودان، فلن تدع أمريكا منافسيها لالتهام السودان فتفوز الصين بنفط الجنوب وروسيا بذهب الشمال، بل ستعمد على إطالة الأزمة، وهذا ما تشير إليه مخاوف الكثيرين من السبب الحقيقي لدعوات أمريكا وبريطانيا لإجلاء رعاياهم.

أهداف “حميدتي”

وحول هذا الصراع الدائر وتطوراته تقول د.هبة البشبيشي، خبيرة الشؤون الأفريقية: الموضوع في أفريقيا أعقد مما نتوقع، فأفريقيا مليئة بالصراعات والأزمات والاضطرابات السياسية والاقتصادية، وبالتالي فالصراع هنا صراع على السلطة والثروات.

وتتابع “البشبيشي”: أعتقد أن الحرب التي يشنها “حميدتي” الآن على الجيش السوداني هي من ضمن خطتهم لإعداده كرئيس مستقبلي للسودان بحيث يتم تصديره للشعب السوداني على أنه الرجل القوي، ولكن في اعتقادي الخاص أرى أن هذا لن يكون في صالح “حميدتي”. فمن سابق معرفتي الجيدة بالشعب السوداني اعلم أنه شعب لا يقبل أبدا بتدخل خارجي في الحكم حتى لو كان من دول عربية.

وتوضح “البشبيشي”: هنا تأثير السعودية يختلف عن الإمارات فهي لا تحاول أن تتدخل بصورة كاملة مثل الإمارات بل هي فقط تساعد وتستثمر، بالإضافة إلى أن الشعب السوداني مرحب جداً بالسعودية ولكن بحدود أيضاً في إطار حلحلة الأزمة.

أما عن تأثير ذلك على مصر، فتقول “البشبيشي”: لن يكون بالدرجة المخيفة، فيمكن أن تصل الأزمة للحدود ولكن الجيش المصري والدولة المصرية لديها الوعي الكافي للسيطرة على الحدود.

وكشفت بعض التقارير الدولية عن وجود دور روسي في الصراع السوداني يتمثل في مجموعة “فاجنر” العسكرية التابع لروسيا، خاصة بعد تداول الأخبار عن رؤية أحد القادة بمجموعة “فاجنر” في السودان مع جنود سودانيين، فالتواجد الروسي العسكري في السودان له خلفية اقتصادية أيضاً وهذا ما أكده تقرير شبكة السي إن إن الأمريكية عن تبعية الشركات الروسية التي تعمل في مجال تعدين الذهب بالسودان لمجموعة فاجنر مشيراً إلى أن هذه الشركات تعمل بأسماء أخرى.

عن حقيقة الاستهداف الأمريكي للسودان وتأثيره على مصر تقول البشبيشي: اعتقد أن استهداف مصر عن طريق السودان تحليل خاطئ، فأمريكا تستهدف الدول بشكل مباشر عن طريق تفكيكها من الداخل كما فعلت مع مصر في الثورة ولم تنجح وهناك الكثير من الدول القوية التي فشلت أمريكا في استهدافها مثل السعودية التي تصدت لها بقوة، وكذلك الجزائر وأثيوبيا وغيرهم من الدول ذات الإرادة القوية، وعلى رأسهم مصر فالعملية السياسية في مصر قوية ولا يستطيع أحد أن يهدها.

رابط مختصر
2023-05-25
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر