“الذكاء الاصطناعي”.. عالم للكبار فقط !!

آخر تحديث : الإثنين 5 يونيو 2023 - 1:01 مساءً
“الذكاء الاصطناعي”.. عالم للكبار فقط !!

>> الشركات المالكة للذكاء الاصطناعي هي التي ستهيمن على السوق في المستقبل

>> المؤيدون: التطبيقات تقوم بالتشخيص الطبي وكتابة السيناريوهات وتصحيح أخطاء البرمجة

>> قلق متزايد بشأن انتهاك الخصوصية وقرارات التوظيف المنحرفة والمعلومات الخاطئة

>> “البيت الأبيض” استضاف رؤساء أبرز شركات الذكاء الصناعي لمناقشة المخاطر والوقاية من انتشار هذه التكنولوجيا المتقدمة

تسارع السباق لتطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي المثير للجدل في الأشهر الأخيرة، متطلبا استثمارات طائلة وحدها عمالقة التكنولوجيا يمكنها تأمينها، ما قد يجعلها تسيطر مستقبلا على هذا القطاع.

وأصبح الذكاء التوليدي كلمة رنانة خلال هذا العام بعدما استحوذت تطبيقات مثل تشات جي.بي.تي، الذي تبنته مايكروسوفت، على خيال الجمهور، ما أثار اندفاعا بين شركات وادي السيليكون مثل “جوجل” وحتى الشركات الصينية مث “علي بابا” لإطلاق منتجات مماثلة تعتقد أنها ستغير طبيعة العمل.

وبدأ الملايين من المستخدمين في اختبار مثل هذه الأدوات، والتي يقول المؤيدون إنها يمكن أن تقوم بالتشخيصات الطبية وكتابة سيناريوهات وإنشاء ملخصات قانونية وتصحيح الأخطاء البرمجية.

لكنها في الوقت ذاته قد تؤدي إلى قلق متزايد بشأن الكيفية التي يمكن أن تؤدي بها التكنولوجيا إلى انتهاكات الخصوصية وقرارات التوظيف المنحرفة وعمليات الاحتيال والمعلومات الخاطئة.

ويعد الإقبال على بينج، مثلا، بمثابة ثأر لمايكروسوفت على جوجل صاحبة تقنية بارد، والتي كانت السيطرة طوال سنوات لمحرك بحثها الذي يحمل اسمها ولمتصفحها “كروم”، وكانت السبّاقة كذلك في مجال الابتكار في الذكاء الاصطناعي.

وعلى الجانب الآخر تبرز أهمية السير في القطاع على نحو قد يساعد في فهم مدى أن يكون الذكاء التوليدي سوقا محفزا لتغير شكل العالم مستقبلا، غير أنه قد يفتح الباب أمام سيطرة عمالقة التكنولوجيا عليه كون المنافسين ليست لديهم القدرة على الاستثمار فيه.

وتكبدت شركة أوبن أي.آي كلفة تشغيلية تقارب 700 ألف دولار يوميا لتطوير تطبيقها لتوليد المحتويات تشات جي.بي.تي، الذي أطلقته في نوفمبر الماضي، وفق تقديرات مكتب سيمي أناليزيس.

وأورد موقع ذي إنفورميشن أن سام ألتمان، رئيس أوبن أي.آي الذي خسر 540 مليون دولار العام الماضي، أفاد عن عملية جمع أموال تصل إلى مئة مليار دولار في السنوات المقبلة لتمويل تطوير الشركة الفتية التي تتخذ مقرا في ولاية كاليفورنيا الأمريكية.

وصرح ألتمان أخيرا خلال طاولة مستديرة مؤخرا “سنكون الشركة الناشئة الأكثر حاجة إلى الرساميل في تاريخ سيليكون فالي”.

واستثمر عملاقا الإنترنت “جوجل” و”مايكروسوفت” بمساعدة أوبن أي.آي وميتا، الشركة الأم لفيسبوك، المليارات من الدولارات حتى الآن لتطوير منصاتهما الخاصة للذكاء الاصطناعي التوليدي القادرة على إنتاج محتويات استجابة لطلب مستخدميها.

وأوضح جاك جولد، المحلل المستقل لفرانس برس، أن “الناس لا يدركون أن الذكاء الاصطناعي على طراز تشات جي.بي.تي يتطلب قوة حسابية هائلة”.

وتساءل في حديثه “كم من الشركات يمكنها تحمل كلفة شراء عشرة آلاف وحدة أتش 100 من نفيديا؟”، وهي وحدات معالجة رسوم أساسية للذكاء الاصطناعي يقارب سعرها 30 ألف دولار للوحدة.

ويظهر بوضوح متزايد في هذا المجال أن وحدها حفنة من الشركات تملك الإمكانات المالية لبناء نموذج ذكاء اصطناعي توليدي قادر على منافسة الواجهات القائمة حاليا.

أما الشركات الأخرى، فلا خيار لديها سوى استخدام تكنولوجيات وقدرات هذه الشركات العملاقة، على غرار ما تفعله أساسا في مجال الحوسبة السحابية، التي باتت مصدر عائدات لمايكروسوفت وغوغل وأمازون.

وتنامي الذكاء الاصطناعي على ترابط مع الحوسبة الحسابية، ومن شأن القطاعين زيادة تبعية الشركات لعمالقة الإنترنت التي ستطور لها نسخا من نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي الكبرى تكون مطابقة لحاجاتها.

ولفت ستيفان سيج، مسؤول المنتجات لدى شركة سوفتوير أي.جي للبرمجيات، إلى أن كلفة استخدام الحوسبة السحابية تطرح بالأساس “مشكلة تسيء الكثير من الشركات تقديرها” وقد تزداد مع الاعتماد على الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وبلغت حصة الحوسبة السحابية في أرباح مايكروسوفت العام الماضي 70 في المئة بحسب تقرير الشركة السنوي، فيما حققت أمازون 22 مليار دولار من الأرباح بفضل أمازون ويب سيرفيسز (أي.دبليو.أس).

ويعتقد بعض الخبراء والمهتمين بالتكنولوجيا أن رهان مايكروسوفت على الذكاء الاصطناعي يهدف بشكل أساسي إلى حماية نجاح خدمته السحابية أزور وضمان استمرار تدفق عائداتها.

ولفت دان آيفز، من شركة ويدبوش سيكيوريتيز، إلى أنه بالنسبة إلى مايكروسوفت فإن “الإوزة الذهبية هي جني أرباح من الحوسبة السحابية مع أزور”.

وقال “نحن نتحدث عن فرصة سنوية قد تصل إلى 20 أو 30 أو 40 مليار دولار في السنة مستقبلا إذا كسبت الشركة رهانها على الذكاء الاصطناعي”.

وأكد آيفز أن المدير العام لمايكروسوفت ساتيا ناديلا يحظى بفترة سماح تتراوح بين ستة وتسعة أشهر قبل أن يُطلب منه أن يثبت أن الأولوية الإستراتيجية الممنوحة للذكاء الاصطناعي التوليدي تنعكس على أرباح المجموعة.

وقالت مديرة مايكروسوفت المالية إيمي هود للمحللين هذا الشهر إن الشركة تقر بالمخاطر، لكنها تصر على أنه في مجال الذكاء الاصطناعي يجب أن “تقود هذه الموجة”. وأضافت “سنفرض رسوما على إمكانات الذكاء الاصطناعي هذه، وفي نهاية المطاف سنحقق أرباحا تشغيلية”.

ورأى تنري فو، المدير العام لشركة سبيكترو كلاود المتخصصة في تحسين الحوسبة عن بعد، أن “تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وتشات جي.بي.تي سيصبح خدمة سحابية في غاية الأهمية في المستقبل”.

لكنه أكد أن بعد فترة التطوير هذه للتكيف مع حاجات محددة “سيكون للشركة نموذجها الخاص”، ما سيؤدي إلى تراجع اعتمادها على شركات الحوسبة السحابية الكبرى.

وتتابع الهيئات الأمريكية الناظمة للقطاع بكثب تطورات هذه السوق الناشئة، في الوقت الذي تجذب فيه التكنولوجيا انتباه الحكومات والمشرعين على مستوى العالم.

وقالت رئيسة اللجنة الفيدرالية للتجارة المشرفة على مسائل المنافسة لينا خان لشبكة سي.أن.بي.سي التلفزيونية “علينا بصفتنا هيئة ناظمة أن نتثبت من أن الشركات العملاقة لا تقضي على هذه الفرص بالنسبة إلى الوافدين الجدد”.

واستضاف البيت الأبيض مؤخرا رؤساء تنفيذيين لأبرز شركات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك “جوجل” و”مايكروسوفت” لمناقشة المخاطر والإجراءات الوقائية من نشر هذه التكنولوجيا المتقدمة والاستثمار فيها.

وخلال جلسة استماع في الكونجرس الأمريكي أقر سام ألتمان ، بأنه “صحيح أن عدد الشركات التي ستتمكن من تطوير النماذج الأكثر ابتكارا سيكون محدودا، لمجرد الموارد الضرورية من أجل ذلك”. وتابع “انطلاقا من هنا، من الضروري أن نخضع نحن ومنافسونا لمراقبة استثنائية”.

رابط مختصر
2023-06-05
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر