السودان في طي النسيان

تصاعد الحرب بين الجيش و"الدعم السريع" وتجاهل المجتمع الدولي يفاقم الأزمة

آخر تحديث : الجمعة 4 أغسطس 2023 - 11:15 صباحًا
السودان في طي النسيان

>> المانحون لم يدفعوا سوى نصف الأموال التي يحتاجها السودان للتغلب على أزمته

>> العالقون دون طعام أو كهرباء أو ماء وغير قادرين على الفرار من منازلهم >> مهمة إنقاذ المدنيين المتضررين من الحرب محفوفة بالمخاطر

>> برنامج الغذاء العالمي: 19 مليون سوداني يحتاجون لمساعدات غذائية عاجلة.. والتحدي الأكبر هو الوصول إلى مناطق الصراع

>> إغلاق البنوك فاقم ندرة السيولة النقدية تزامنا مع الارتفاع الكبير لأسعار السلع الأساسية

>> الهجوم على المنشآت الطبية منع تقديم الخدمات الصحية الأساسية

>> منظمة الإغاثة الإسلامية: فرار أكثر من 3 ملايين سوداني من ديارهم في غضون ثلاثة أشهر فقط يعد من بين أسوأ أزمات النزوح في القرن الحادي والعشرين

يحتل السودان في عالم تشوبه الصراعات الداخلية مرتبة متدنية في ما يتعلق بالمساعدات الدولية التي يحتاجها مواطنوه بشدة.

وبعد مرور ثلاثة أشهر من الصراع الدامي بين الفصائل والذي زعزع الحياة وأغلق المستشفيات والمدارس وأفرغ البنوك والرفوف في المتاجر، لم يدفع المانحون الأجانب سوى نصف الأموال التي قالت الخرطوم إنها تحتاجها للتغلب على الأزمة.

ويقول عمال الإغاثة إن الحياة اليومية تزداد سوءا وتتدهور بسرعة مع تقلص الاهتمام الدولي الآن بعد أن أغلقت السفارات أبوابها تاركة وراءها أمّة في حالة مزرية.

ويعتمد سوداني واحد من كل اثنين الآن على شكل من أشكال المساعدة. وأصبح ثلاثة ملايين من السكان اليوم مشرّدين، ومات الآلاف منهم. وبينما يعيش العديد من الناس في حالة صدمة، يبقى من لا قدرة لهم على الفرار عالقين في منازلهم دون طعام أو كهرباء أو ماء.

ومع التركيز المتزايد للوكالات على الأزمات الأقرب منها جغرافيّا، كحرب أوكرانيا، أو على الضغوط على ميزانيات المساعدات، يخشى العديد من عمال الإغاثة في الدولة الواقعة في شرق أفريقيا أن تكون الخرطوم قد نُسيت.

وارتفعت الاحتياجات الإنسانية بحوالي 19 في المئة في أفريقيا خلال الفترة الممتدة من عام 2021 إلى 2022. لكن بيانات الأمم المتحدة أظهرت أن كبار المانحين، بما في ذلك كندا والسويد واليابان والنرويج وهولندا، قلصوا تمويلهم للقارة.

وقال أحد عمال الإغاثة في إحدى المؤسسات الخيرية التي تقدم الرعاية الصحية والذي لم يرغب في الكشف عن اسمه “توجد بالطبع أزمات متنافسة في جميع أنحاء العالم، لكن المجتمع الدولي يتجاهل السودان مرة أخرى. نحن نحتاج إلى التمويل، وإلى الأمن، وإلى تدخل المجتمع الدولي حتى نتمكن من تأمين نوع من السلام”.

وبينما تكثف وكالات الإغاثة استجابتها بتوزيع الغذاء ومساعدة المصابين وإجلاء المستضعفين، فإنها تواجه وابلا من التحديات.

وتبقى مهمات إنقاذ المدنيين المتضررين من الحرب محفوفة بالمخاطر، وتمرّ طلبات الخبراء الخارجيين للحصول على تأشيرة بعملية بيروقراطية طويلة. وتقول وكالات الإغاثة إنها لم تتلق الأموال التي تم التعهد بها.

وقال إيدي رو المدير القطري لبرنامج الغذاء العالمي في السودان “ما يقلقني هو أن حدّة الأمور لا تتراجع، إنها تتصاعد”.

وحدد برنامج الأغذية العالمي أن واحدا من كل ثلاثة سودانيين واجه انعداما حادا للأمن الغذائي قبل بدء الاقتتال، ثم دفع الصراع الآن بملايين أخرى إلى الجوع.

وأضاف رو “يحتاج 40 في المئة من السكان، أي 19 مليون شخص، إلى مساعدات غذائية عاجلة. والتحدي الأكبر الذي نواجهه هو الوصول إلى مناطق الصراع حيث يوجد عدد من الأسر التي تكافح للعثور حتى على وجبة واحدة في اليوم”.

ويقوّض القتال أيضا موسم الزراعة الحالي، حيث يواجه المزارعون انعدام الأمن ويكافحون لمواجهة الزيادة في أسعار الأسمدة والبذور.

وأدى الصراع الناجم عن خلافات بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى تحويل الخرطوم إلى منطقة حرب وانتشار العنف إلى إقليمي كردفان ودارفور.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إن السودان، الذي يعدّ ثالث أكبر دولة في أفريقيا من حيث المساحة، هو على شفا حرب أهلية واسعة النطاق.

وتكررت الاتفاقات المؤقتة على وقف إطلاق النار لكن لم يستمر أيّ منها لفترة طويلة.

وقالت منظمة “أنقذوا الأطفال” إن الصراع أدى أيضا إلى تصاعد عمليات اختطاف واغتصاب النساء والفتيات، ولا تتجاوز أعمار بعضهن 12 عاما.

وأكّدت المنظمة الخيرية التحقق من 88 حالة اغتصاب في الخرطوم ودارفور، لكنها ترجح أن يكون العدد أعلى من ذلك بكثير.

وقال المدير القطري للمنظمة في السودان عارف نور إن “أحد أسباب فرار البعض من ديارهم هو مخاوفهم على سلامتهم الشخصية وسلامة بناتهم، وهذا وضع شنيع ومرعب”.

وتعاني المناطق الساخنة بالطبع من نقص حاد في الغذاء.

وزادت أسعار السلع الأساسية بشكل كبير، وتفاقمت ندرة السيولة النقدية مع إغلاق البنوك. وأعاق هذا بشكل خطير قدرة المدنيين على شراء الطعام أو دفع أجرة النقل للفرار من القتال.

لكن الوكالات الإنسانية تواجه صراعا شاقا في تقديم المساعدة مع نهب مساعداتها، والهجوم على المستشفيات، وتعريض الموظفين للإصابة أو ما هو أسوأ خلال توجههم إلى وظائفهم اليومية.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي عن خسائر تجاوزت 94 مليون دولار، بما في ذلك نهب مستودعاته وسرقة إمدادات الغذاء والتغذية والسيارات والوقود والمولدات.

وتحققت منظمة الصحة العالمية من 50 حادثة هجوم على مرافق الرعاية الصحية. وحُدد مقتل أكثر من 11 عامل إغاثة منذ اندلاع الحرب.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس في مؤتمر صحفي: “روّعتني الهجمات على الرعاية الصحية وزيادة العنف القائم على النوع الاجتماعي”.

وأكّد أن مثل هذه الهجمات تمنع الفتيات والنساء من “الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية في وقت يكنّ فيه في أمسّ الحاجة إليها”.

وقال مسؤول الاتصالات باللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان أحمد علي أحمد علي إن القتال دمّر البنية التحتية للكهرباء والمياه في المناطق الحضرية المكتظة بالسكان، وأشار إلى استحالة الإصلاح الآن.

وكتب لمؤسسة تومسون رويترز عبر البريد الإلكتروني “يواجه السكان صعوبة في الحصول على الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء. تعرضت محطات الكهرباء والمياه لأضرار بالغة ولا يستطيع الكادر الفني الوصول إليها بأمان”.

كما يواجه الفارون من البلاد وضعا مزريا عندما يلتمسون اللجوء إلى البلدان المجاورة، حيث يجب أن يتحملوا تأخيرات شديدة على الحدود ومحدودية الوصول إلى المياه والصرف الصحي بعد رحلات طويلة وخطيرة، مما يزيد من خطر الإصابة بالأمراض المعدية وتلك التي تنقلها المياه.

ومع عدم اقتراب الأعمال القتالية من نهايتها، تتفاوض وكالات الإغاثة مع الفصائل العسكرية المتنافسة وأنشأت بعض الممرات لتوصيل المساعدات. لكن الحاجة إلى المزيد تتواصل.

كما حث عمال الإغاثة الخرطوم على تسريع إصدار التأشيرات للأطباء والمهندسين واللوجستيين الأجانب. وتبدو مهمتهم أكثر عرضة للخطر مع إجهاد المانحين.

وتعهد المانحون الدوليون حتى الآن بتقديم 1.5 مليار دولار فقط لمساعدة السودان، أي حوالي نصف المطلوب.

وقال الصادق النور المدير القطري لمنظمة الإغاثة الإسلامية عبر العالم بالسودان في بيان “مع فرار أكثر من 3 ملايين شخص من ديارهم في غضون ثلاثة أشهر فقط، يعدّ هذا من بين أسوأ أزمات النزوح في القرن الحادي والعشرين. أصبح الوضع أكثر إلحاحا من أيّ وقت مضى وندعو المجتمع الدولي ألّا ينسانا”.

رابط مختصر
2023-08-04
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر