دمشق الجديدة في موسكو.. ماذا بقى من الأسد؟

منذ 3 ساعاتآخر تحديث :
دمشق الجديدة في موسكو.. ماذا بقى من الأسد؟

فاطمة خليفة:

في خطوة تاريخية تحمل دلالات استراتيجية، زار الرئيس السوري “أحمد الشراع” العاصمة الروسية موسكو اليوم؛ لإجراء محادثات مع الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”، في أول زيارة رسمية له منذ تصدره حكم البلاد بعد الإطاحة بنظام “بشار الأسد”، وتتزامن الزيارة مع تباينات متصاعدة في المشهد الإقليمي، مما يجعلها نقطة مفصلية في إعادة تشكيل العلاقات الروسية السورية.

افتتح الشرع اللقاء بتأكيده على أن الحكومة السورية الجديدة تحترم جميع الاتفاقيات السابقة مع موسكو، في إشارة إلى التزامه بالاتفاقيات الحالية، مع التأكيد على أن دمشق ترغب في إعادة صياغة طبيعة العلاقة مع موسكو بحيث تعكس استقلالًا وسيادة أكبر للدولة السورية.

بينما يبقى مستقبل القواعد الروسية في سوريا مثل مطار حميميم وقاعدة طرطوس البحرية، في إطار النقاش الذي يحمل معه مطالبة دمشق بمراجعة شروط تواجد القوات الروسية في سوريا.

وبحسب مراقبون من المتوقع أن تعرض شروط جديدة لترتيب وجود القواعد، مثل فرض شروط سيادة أكبر من الجانب السوري، مع بقاء وظائف العمليات الروسية، ولكن إذا لم تحقق دمشق توازنًا مرضياً لروسيا، أو قامت بتخفيض تركيز موسكو في سوريا لصالح محاور أخرى، يمكن أن يهدد ذلك بفتور العلاقات بين البلدين.

على الصعيد الداخلي تواجه الحكومة الجديدة ضغوطا من أطراف مقاومة لعودة النفوذ الروسي، الأمر الذي يعكس توتراً في الداخل السوري، حيث يطالب الكثير بأن أي اتفاق مع روسيا يجب أن يحترم الدستور السوري، وحقوق الشعب، بالإضافة إلى القدرة على مراجعة هذه الاتفاقات في المستقبل.

من جهته قد يسعى “بوتين” لضمان بقاء تواجده الاستراتيجي، ربما بشروط جديدة أو اتفاقيات معدلة، مقابل الاتفاق على مشاريع إعادة إعمار، وتقديم موسكو خبراتها في مجالات الطاقة والبنى التحتية، وكذلك الالتزام بدعم القوات السورية في بناء قدراتها العسكرية.

ملف الأسد

طبقاً لجدول أعمال الزيارة من المتوقع أن يطالب الشرع رسميًا بتسليم بشار الأسد المتواجد في روسيا حاليا، لمحاكمته بتهم ارتكاب جرائم حرب، ولكن من المتوقع أن ترفض موسكو تسليم الأسد، نظراً لشراكاتها السابقة مع الأسد وإجراءات الحماية واللجوء التي منحتها له، فربما تعرض تسوية جزئية مثل تعاون محدود في التحقيقات أو نقل حقوقه دون تسليمه فعليا.

يحاول الشرع استخدام ملف الأسد والعدالة الانتقالية للضغط على موسكو، لإضفاء قدر من الشرعية الدولية على الحكومة السورية، وإحداث اختراق في العقوبات الخارجية التي تعانيها البلاد، لكنه بذات الوقت لا يريد أن يدفع بالحليف الاستراتيجي بعيدًا، وهذا التوازن الدقيق هو ما يحدد مدى نجاح الزيارة، وبالتالي فالشرع بحاجة إلى استخدام لغة دبلوماسية دقيقة لإرضاء موسكو دون التفريط بمطالبه.

لطالما كانت سوريا الأسد حليفًا استراتيجيًا لروسيا، لوجستيا وعسكريا، بمنحها مواقع في المتوسط ومنصة لعملياتها الإقليمية، لكن الوضع الجديد يستدعي من موسكو إعادة تقييم العلاقات مع النظام الجديد، لضمان صيانة مصالحها في ظل تقرب القيادة الحالية في دمشق إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

تشير تحركات الشرع الإقليمية وعلاقاته الدولية إلى أن سوريا الجديدة تسعى لإعادة ترتيب أولوياتها في الداخل والخارج، خاصة بعد أشهر من تصاعد المناوشات العسكرية والتوترات الداخلية، والتي نجحت قوات الشرع في السيطرة عليها، ولكن تبقى العقبة الكبرى في التحدي الخارجي الذي ربما هو محرك التوتر الداخلي، وهو ما ستحدد هذه الزيارة التي تمتلك جزء كبير من مصير سوريا داخليا ودوليا.

الاخبار العاجلة