دخلت الولايات المتحدة أمس في إغلاق حكومي جديد بعد فشل الكونغرس في تمرير قانون التمويل المؤقت، ما أدى إلى توقف آلاف الخدمات الفيدرالية وتعطيل عمل ملايين الموظفين، في أزمة تهدّد الاقتصاد والأمن القومي على حد سواء.
ومن المعروف أن الإغلاق الحكومي يحدث عندما يعجز الكونغرس عن تمرير قانون الإنفاق اللازم لتمويل المؤسسات الفيدرالية، فتتوقف تلقائياً كل البرامج والخدمات غير الأساسية. ويُستثنى من ذلك مؤسسات حيوية مثل الجيش، وأجهزة الأمن، والمستشفيات الطارئة، فيما تجمد مكاتب حكومية وبرامج إدارية واجتماعية إلى حين استئناف التمويل.
هذا وأعلنت الإدارة الأميركية أن الإغلاق سيؤدي إلى خسائر اقتصادية تقدَّربعشرات المليارات أسبوعيًا إذا استمر، في حين بدأت وكالات فدرالية، بينها وكالة الأمن السيبراني (CISA)، بتسريح أو منح إجازات إجبارية لجزء كبير من موظفيها، ما يضع البنية التحتية الرقمية للبلاد في وضع هشّ أمام الهجمات الإلكترونية.
من جانبها أكدت وزارة العدل أن المحاكم الفيدرالية ستواصل عملها لأسابيع بفضل رسوم تمويل احتياطية، لكنها حذّرت من احتمال تقليص الخدمات إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق سياسي قريب.
وقال البيت الأبيض في بيان إن “الإغلاق يضرّ بالعائلات الأميركية ويضعف قدرات الدولة في مواجهة المخاطر الأمنية والاقتصادية”، محمّلاً الكونغرس مسؤولية الأزمة.
في المقابل اتهمت المعارضة إدارة الرئيس بعدم السعي إلى حلول وسط، فيما اعتبر أعضاء في الكونغرس أن الخلاف يتمحور حول أولويات الإنفاق وبرامج اجتماعية مثيرة للجدل.
جدير بالذكر أن الولايات المتحدة شهدت عدة إغلاقات حكومية سابقة، أبرزها في عامي 1995–1996 و2013، يُعدّ أطولها ذلك الذي استمر 35 يوماً خلال إدارة الرئيس دونالد ترامب (2018–2019)، وأسفر عن خسائر بمليارات الدولارات وتعطيل واسع للخدمات العامة.
يأتي هذا الإغلاق في وقت حساس يشهد فيه الاقتصاد الأميركي تباطؤاً ملحوظاً وتزايداً في المخاطر الإلكترونية، ما يعزز المخاوف من أن استمرار الأزمة قد يلحق أضراراً طويلة الأمد بثقة الأسواق والمواطنين على السواء.
الإغلاق الحكومي يعكس عمق الانقسام السياسي في واشنطن، ويؤكد أن الخلافات الحزبية لا تقتصر على التشريعات بل تمتد لتؤثر مباشرة في حياة المواطنين والاقتصاد. ومع استمرار الأزمة الراهنة، يبقى السؤال: إلى متى ستظل الولايات المتحدة رهينة لإغلاق حكومي متكرر يهدد مؤسساتها وثقة مواطنيها؟