خطة أمريكية بديلة تلغي “إعلان باريس” في ليبيا

آخر تحديث : الإثنين 17 سبتمبر 2018 - 3:48 مساءً
خطة أمريكية بديلة تلغي “إعلان باريس” في ليبيا
طرابلس - وكالات:

محللون يشيرون إلى أن الخطوة الأولى في خارطة الطريق الأميركية تتمثل في عقد مؤتمر وطني ليبي جامع تصدر عنه دعوة لمجلس الأمن إلى سحب الاعتراف بجميع المؤسسات السياسية في البلاد.

سلامة يهدّد بأن الأمم المتحدة لن تمنح مهلة جديدة لتنفيذ رؤية إعلان باريس

ألمح المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، أن “إعلان باريس” لحل الأزمة في هذا البلد المضطرب يحتضر.

وفي إحاطة له أمام مجلس الأمن، مطلع سبتمبر الجاري، لمّح سلامة، إلى بدء فقدان الأمل بنجاح “إعلان باريس” (خارطة طريق)، في إيصال العملية السياسية بالبلاد إلى بر الأمان، مؤكدًا وجود “سبل أخرى”.

وانتهت الأحد الماضي مهلة لتشريع قانون للاستفتاء على الدستور، حددته خارطة الطريق، التي اتفق عليها أطراف النزاع، برعاية فرنسية، في مايو الماضي.

وبحسب ما نشرته صحيفة “العرب” اللندنية، فاقم إرباك المشهد، في ذلك الوقت، اندلاع قتال عنيف في العاصمة الليبية طرابلس، بين مجموعات مسلحة، تحسب، بشكل أو بآخر، على حكومة الوفاق المعترف بها دوليًا. وبدأ القتال أواخر أغسطس الماضي، وتوقف بوساطة أممية، في 4 سبتمبر الجاري، وراح ضحيته عشرات القتلى والجرحى، كاشفًا عن مدى هشاشة المشهد الليبي.

وبعد أيام، حاول نواب في البرلمان، المنعقد في طبرق (شرق)، استباق انتهاء المهلة وبث الروح في إعلان باريس، وصدر عبر الموقع الإلكتروني للمجلس، الخميس الماضي، إعلان عن تمرير قانون الاستفتاء.

إلا أن نوابًا عن شرقي البلاد سرعان ما طعنوا بالقرار، وزعموا افتقار الجلسة إلى المصداقية نظرًا لغياب النصاب القانوني، وغيرها من “التجاوزات”، وهي ذات العقبات التي حرمت القانون من رؤية النور على مدى الشهور الماضية، ما قلل مجددًا من فرص إنعاش الخارطة الفرنسية. المبعوث الأممي هدد، خلال الإحاطة، بأن الأمم المتحدة لن تمنح مهلة جديدة لتنفيذ رؤية إعلان باريس، بعد انقضاء مهلة تشريع قانون الاستفتاء، إلا أنه لم يتحدث عن تفاصيل الخطة البديلة.

واكتفى بالقول: “ثمة سبل أخرى لتحقيق التغيير السياسي على نحو سلمي وسوف نتبناها دون تردد”.

لم تمض عدة أيام حتى نشر موقع “أتلانتيك كاونسل” الأميركي، تفاصيل ما قال إنها الخطة البديلة التي ألمح إليها سلامة، مشيرًا أن نائب الأخير، الأميركية ستيفاني وليامز، تقدمت بها.

وتنضوي الخطة على بنود قد توصف بأنها راديكالية في واقعيتها وحزمها وتجاهلها التفاصيل الدقيقة، وجدير بمن يتقاسمون- ويتنازعون- السلطة في ليبيا اليوم القلق منها، وفق الموقع. وجاء الحديث حول رؤية وليامز بعد نحو شهرين فقط من تعيينها في المنصب الأممي، قادمة من سفارة واشنطن لدى طرابلس، التي شغلت فيها القائم بأعمال السفير منذ العام الماضي.

كما عملت لأكثر من عقدين في بعثات دبلوماسية أميركية أخرى بالمنطقة، ما يعني أنها تحمل في جعبتها أجندة واضحة، ستدفع نحو تحقيقها.

وبحسب تقرير “أتلانتيك كاونسل”، فإن نائبة سلامة تجري استعداداتها لتطبيق رؤيتها على جبهتين؛ أولًا؛ التواصل مع نشطاء حقوقيين ومحامين سعيًا إلى تشكيل تكتل يتصدى لأي تشريع قد يصدره مجلس النواب، من شأنه التسبب بمزيد من الاضطراب، وثانيًا محاولة “كبح” ميليشيات طرابلس، وغيرها.

ونقل التقرير عن مصادر، لم يسمها، أن عناصر من استخبارات دولة عربية تعمل بالتنسيق مع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية “CIA” على استيعاب قادة تلك الميليشيات، وتحويلهم إلى متعاونين، في الإطار ذاته.

في ضوء مشهد شديد الانقسام، فإن الخطوة الأولى في خارطة الطريق الأميركية، بحسب التقرير، تتمثل في عقد مؤتمر وطني ليبي جامع، تصدر عنه دعوة لمجلس الأمن إلى سحب الاعتراف بجميع المؤسسات السياسية في البلاد، التي تستمد شرعيتها من القرار الأممي رقم 2259، على اعتبار أنها فشلت في المهام الموكلة إليها، وباتت جزءًا من المشكلة.

بعد ذلك، يتقدم المؤتمر بـ”نصيحة” إلى الأمم المتحدة، مفادها أن إجراء انتخابات رئاسية في الوقت الحالي، الذي تعيش فيه البلاد تشرذمًا وانعدامًا للأمن، سيقود إلى تعميق الأزمة. وثالثًا، يطالب المؤتمر مجلس الأمن بقرار تحت الفصل السابع، من ميثاق الأمم المتحدة، بما “يجبر” جميع الأطراف في ليبيا على تنظيم انتخابات برلمانية عامة في غضون ستة أشهر، وفقًا للتشريعات القائمة حاليًا.

أخيرًا، تصدر الولايات المتحدة وحلفاؤها، بموجب الخطة، تحذيرات مباشرة وحازمة لجميع الأطراف، بشأن احترام نتائج العملية وعدم عرقلتها.

وفي ضوء التطورات السياسية والميدانية، ومتابعة كل من سلامة ووليامز مشاوراتهما، فإن الخطة الجديدة، بملامحها النهائية، قد تصبح واقعًا في مؤتمر يعقد بروما، في نوفمبر المقبل، بحسب “أتلانتيك كاونسل”.

صيغة من هذا القبيل تعني تقليم أظافر القوى السياسية الحاضرة على الساحة حاليًا؛ حكومة الوفاق، وبرلمان طبرق، وقائد القوات المدعومة من البرلمان خليفة حفتر، وبالتالي القوى الإقليمية والدولية التي تقف خلفهم، وخصوصًا فرنسا.

في المقابل، سيظهر على الساحة تشكيل جديد، يتكون من قادة محليين وقبليين، ونشطاء، مع حفظ مقاعد لأنصار النظام السابق وأنصار حفتر، بحسب التقرير.

يُتوقع أن تواجه هذه الخطة معارضة من أغلب الأطراف، سواء تلك التي حققت مكاسب سياسية أو عسكرية بأثمان باهظة على مدار السنوات الماضية، أو التي ستبحث عن مكتسبات الثورة بين السطور، من حيث محاسبة مرتكبي الجرائم والفاسدين أو إزاحة رموز النظام السابق وتمكين الثوريين، وليس انتهاءً بمواقف التيارات الأيديولوجية والمناطقية والقبلية، عدا عن حسابات الامتدادات الخارجية لكل من تلك الأطراف.

من جانب آخر، فإن عملية تأمين البلاد، ذات المساحة الشاسعة والحدود الطويلة، في وقت قياسي، وفي ظل تغلغل جماعات متطرفة وتجار بشر ومخدرات، فضلًا عن انتشار السلاح، ستكون مهمة صعبة بدون دعم- تحفزه مصالح- من قبل الأطراف التي تمكنت من تأسيس نفوذ واسع في البلاد خلال السنوات الماضية.

وفي حال أصرت الأمم المتحدة على المضي في مثل هذه الرؤية، وتم بالفعل إصدار قرار يدعمها تحت الفصل السابع، فإن نتائجها قد تكون مشوهة، بتأثير من التفاوت في مستوى الاستقرار بين مختلف المناطق، وحجم الضغوط التي قد يتعرض لها المواطنون من قبل المؤثرين الحقيقيين على الأرض، وغموض القوانين والتشريعات التي سيتم في إطارها إجراء انتخابات برلمانية عامة.

من جانب آخر، وفي حال مضت الخطة إلى النهاية، دون مقاومة عنيفة من الداخل أو الخارج، وتأسس بالفعل برلمان يعمل مع لجنة دولية على صياغة دستور جديد، وبحماية دولية- أو “أميركية” أو لحلف الناتو- على تأمين البلاد وتعزيز وحدتها ونزع سلاح جميع الأطراف؛ فإن ذلك قد يمهد لما هو أفضل وأكثر قبولًا، بالحد الأدنى، لدى أغلب الأطراف.

رابط مختصر
2018-09-17 2018-09-17
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر