كيف حفظ المصريون كنوز توت عنخ آمون وراء الزجاج في أكبر متحف بالعالم؟

1 نوفمبر 2025آخر تحديث :
كيف حفظ المصريون كنوز توت عنخ آمون وراء الزجاج في أكبر متحف بالعالم؟
فاطمة خليفة:

 

استقبل المتحف المصري الكبير الذي افتتح الليلة، مجموعة لا مثيل لها من كنوز الملك توت عنخ آمون، التي تعد من أعظم مجموعات الآثار المصرية. وفي هذا التقرير، نسلط الضوء على جهود الفرق العلمية والفنية وراء حفظ هذه الكنوز ونقلها وعرضها للجمهور بأعلى معايير الحماية.

بدأت عملية نقل المعروضات النهائية لمجموعة توت عنخ آمون من المتحف المصري بالقاهرة إلى المتحف الجديد في الجيزة في 2018، تمهيدًا لإتمام عرضها بالكامل في القاعة المخصصة لها. وقد تم بالفعل نقل أكثر من 160 قطعة أثرية ضمن خطة شاملة تهدف إلى نقل المجموعة بالكامل بأمان تام. وأغلق المتحف المصري بالقاهرة صالة توت عنخ آمون يوم 20 أكتوبر 2025، استعدادًا لعملية النقل والتركيب في المتحف الجديد، وسط إجراءات صارمة للحفاظ على حالة القطع.

يمتاز المتحف المصري الكبير بوجود مركز كبير للحفظ، يُعدّ من الأكثر تطورًا في المنطقة، ويعمل فيه خبراء مصريون ويابانيون ضمن مشروع مشترك. في مختبرات الخشب، على سبيل المثال، تم ترميم أجزاء من مراكب توت والمدخّنات الخشبية الدقيقة. كما أن العرض نفسه صُمم باستخدام وحدات عرض خاصة، حيث صممت أكثر من 50 وحدة عرض لقاعة توت عنخ آمون وفق أعلى معايير الحفظ، مع مراعاة الرطوبة والإضاءة والاهتزازات لضمان سلامة المعروضات.
تعتمد هذه الوحدات الحديثة على تكنولوجيا متقدمة تشمل الزجاج المعزز والمراقبة الدقيقة للظروف المناخية الداخلية، إضافةً إلى أنظمة مضادة للاهتزاز. كما يستخدم الخبراء تقنيات التصوير بالأشعة والتحليل الطيفي والمسح الضوئي ثلاثي الأبعاد لتوثيق حالة القطع قبل وبعد العرض. وفي عملية النقل، تُستخدم حاويات خاصة وتغليف دقيق، إلى جانب إعداد تقارير مفصلة لكل قطعة لضمان عدم تعرضها لأي ضرر.

تضم مجموعة توت عنخ آمون أكثر من 5 آلاف قطعة سيتم عرضها لأول مرة كلها في مكان واحد، وتشمل مواد متنوعة بين خشب وذهب وأنسجة ومعادن. ولأن عمر هذه القطع يزيد على 3 آلاف سنة، فإن الحفاظ عليها يتطلب جهداً علمياً وفنياً دقيقاً. كما أن العرض في GEM لا يقتصر على الاستعراض فقط، بل يسعى إلى تقديم تجربة ثقافية وتاريخية تربط بين الماضي العريق والحاضر المعاصر، مما يعكس مكانة مصر على الخارطة السياحية والثقافية العالمية.

ما وراء الزجاج الذي يراه الزائر في القاعة هو عمل دؤوب وخلف الكواليس من فرق الحفظ، حيث تخفي وحدات العرض أنظمة تبريد وتثبيت مبتكرة لضمان حماية القطع. وقد خضعت بعض القطع لترميم سابق منذ أكثر من مئة عام، وتمت إزالة طبقات شمع قديمة ومعالجة أجزاء متضررة لضمان تقديمها بأفضل صورة ممكنة. ونفذت عمليات النقل في ساعات ليلية محددة، لضمان سلامة المعروضات.

ويواجه فريق الحفظ تحديات كبيرة، أبرزها ضمان استقرار القطع أثناء النقل، والتعامل مع تقنيات حديثة لم تُطبق من قبل على هذا المستوى في مصر، فضلاً عن الموازنة بين الرغبة في عرض المعروضات للجمهور وبين حماية القطع من أي تأثيرات بيئية محتملة.

قد يرى المشاهد القناع الذهبي لتوت عنخ آمون يلمع تحت الإضاءة، لكنه قد لا يعرف أن عشرات العلماء والفنيين كانوا وراء هذا اللمعان، مقدمين نموذجًا حيًا للتكامل بين التاريخ والعلوم الحديثة في خدمة الثقافة والحضارة

الاخبار العاجلة